الرباط – تبذل السلطات المغربية جهودا مضاعفة لكبح انتشار الأخبار الكاذبة التي رافقت الزلزال الذي ضرب البلاد منذ حدوثه قبل أسبوع، لتلافي تأثيراتها الخطيرة على عمليات الإنقاذ وعلى الصحة النفسية للمنكوبين الذين لا يزالون تحت الصدمة. وتنشط كافة المؤسسات والأجهزة الحكومية كل بحسب اختصاصه، في تتبع المعلومات المضللة والأخبار غير الدقيقة التي تثير قلق المواطنين ومخاوفهم، في تنظيم مدروس للرد تباعا على هذه المعلومات عبر القنوات الرسمية ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وعلى إثر تداول بعض الأخبار، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حول تضرر بعض السدود بإقليم الحوز من الزلزال الذي شهدته في الثامن من سبتمبر الجاري، لا سيما سد لالا تاكركوست وسد يعقوب المنصور وسد ابو العباس السبتي، سارعت وزارة التجهيز والماء إلى إصدار بيان وأكدت أن هذه الأخبار غير صحيحة، وشددت أن السدود المذكورة توجد في حالة جيدة وتضطلع بوظائفها بشكل عادي. ولفتت أن الوزارة قامت منذ حدوث الزلزال، بمراقبة جميع سدود المملكة، سواء التي توجد في طور الاستغلال أو تلك التي قيد الانجاز، حيث تبين أن هذه المنشآت المائية لم يلحقها أي ضرر نتيجة الزلزال. وتتم مواصلة تتبع حالة جميع سدود المملكة بصفة مستمرة من طرف خلية التتبع على المستوى المركزي بالمديرية العامة لهندسة المياه، وكذلك الأمر عبر فرق تقنية تابعة لوكالات الأحواض المائية، مدعمة بخبراء من مكاتب الدراسات. وإلى حد الآن لم يتم تسجيل أي خلل على مستوى أي سد في البلاد. وأهابت الوزارة بجميع المواطنات والمواطنين تحري الدقة والمصداقية في ما يتم تداوله من أخبار حول تداعيات الزلزال. من جهتها، رصدت اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه مجموعة من المنشورات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في سياق حملات ومبادرات تضامنية مع ضحايا زلزال الحوز، تتضمن مضامين مسيئة خاصة بفئة الأطفال والنساء الضحايا. وأضافت اللجنة أن هذه المنشورات تتضمن مضامين مسيئة خاصة بفئة الأطفال والنساء الضحايا، والتي من شأنها التحريض على أفعال تدخل ضمن خانة الجرائم والجنح المعاقب عليها قانونا بمقتضى القانون رقم 27.14 المتعلق بالاتجار بالبشر، والذي يعرض مرتكبيها لعقوبات زجرية مشددة. ولا تدخر السلطات المغربية جهدا في ملاحقة مطلقي الشائعات والأخبار المضللة منعا للفوضى والاضطرابات التي يثيرونها، وقد أفادت وكالة المغرب العربي للأنباء أنها عناصر المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرشيدية تمكنت الخميس، من توقيف طالب في أحد المعاهد الجامعية، يبلغ من العمر 20 سنة، وذلك للاشتباه في تورطه في نشر محتوى تحريضي يهدد فيه بارتكاب أفعال جنسية. وذكرت المديرية العامة للأمن الوطني، في بيان أن مصالح اليقظة المعلوماتية التابعة للأمن الوطني كانت قد رصدت محتوى تحريضيا منشورا على مواقع التواصل الاجتماعي، يزعم فيه صاحبه أنه سيتوجه إلى إحدى المناطق المنكوبة بالزلزال بغرض ارتكاب اعتداءات جنسية في حق طفلات قاصرات، وهو ما استدعى فتح بحث قضائي أسفر عن تشخيص هوية المشتبه فيه وتوقيفه. وأضاف المصدر أنه تم إخضاع المشتبه فيه الموقوف لإجراءات البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية، بينما لازالت الأبحاث التقنية والميدانية متواصلة لضبط كل من ثبت تورطه في نشر محتويات مماثلة تحرض على ارتكاب جنايات وجنح ضد الأشخاص والممتلكات. كما فتح الوكيل العام للملك بأكادير تحقيقًا حول الأخبار الزائفة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول زلزال الحوز. وجاء فتح التحقيق بناءً على نشر وترويج معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة أو مضلّلة، كان من شأنها الإضرار بمصالح الدولة، والإساءة إلى سمعتها وهيبتها. ويعتبر هذا التحقيق بمثابة تحذير لمروجي الأخبار الكاذبة والشائعات التي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار داخل البلاد، وترك تأثير سلبي على السكان الذين يعانون من هذه الكارثة لكونها تؤدي إلى نشر الذعر والقلق، مما قد يعيق عمليات الإغاثة . بدورها، رافقت النقابة الوطنية للصحافة المغربية تغطية أحداث “زلزال الحوز”، سواء من قبل وسائل الإعلام الدولية أو الوطنية، وحذرت في بيان من استغلال الحدث في إطار “عمليات تسييس ممنهَجة أو الانزلاق في مهاوي الأخبار الزائفة التي تزيد من ترويع الرأي العام وتضليله”. وانتقدت النقابة بشدة، “تنامي مجموعة من الممارسات غير المهنية واللاأخلاقية التي تستغل الحادث المأساوي لزلزال الحوز لتمرير مغالطات ومحاولات تسييس لحظة حزن يعيشها الشعب المغربي”، مسجلة أنها “تتابع ذلك بقلق كبير”. وأشارت إلى استغلال التغطية المباشرة لقنوات فضائية عربية وفرنسية لترويج الأكاذيب وتهويل كثير من الأخبار غير الصحيحة، ما ينتج عنه بث أجواء الرعب في المناطق المعنية بهذه التصريحات غير المسؤولة، قبل أن تحيّي التغطية المهنية لكثير من وسائل الإعلام العربية والأجنبية التي التزمت بالمهنية والأخلاق في أدائها. واستهجنت بعض الممارسات التي إما أنها تنمّ عن جهل بالمهنية أو أنها تتعمد ذلك لتحقيق أهداف مجهولة، إذ ليس من المهنية في شيء وضع الميكروفونات أمام أشخاص يطلقون العنان لتصريحات غير مسؤولة، أو ناتجة عن لحظة صدمة قوية بسبب ما لحقهم من أضرار، وهي اللحظات التي لا يمكن أن تصلح لعَكْس حقيقة الأوضاع. ونبهت النقابة إلى خطورة هذه الممارسات التي تبث الفتنة والرعب في المجتمع، وتبخّيس الجهود الكبيرة المبذولة لمواجهة تداعيات الكارثة، داعية بإلحاح هذه القنوات، وفي مقدمتها “قناة الجزيرة مباشر”، إلى “اعتماد المهنية في اختيار الضيوف والأشخاص الذين تفتح لهم المجال، وتحقيق التوازن في هذا الاختيار، ونبذ كل ما من شأنه تخويف الناس وترهيبهم وإحداث الفتنة.
مشاركة :