تعيش المناطق المنكوبة من الفيضانات في ليبيا وتحديداً مدينة «درنة»، مأساة حقيقية، إذ يتخوف السكان من انتشار الأوبئة بسبب الجثث الموجودة بأعداد كبيرة في المياه وتحت الأنقاض والطمي. وأفادت وسائل إعلام ليبية، أمس، أن المركز الوطني لمكافحة الأمراض أعلن تسجيل 55 حالة تسمم بين الأطفال جراء تلوث المياه في درنة. وقال رئيس المركز حيدر السايح، إن المركز يتوقع ارتفاع حالات التسمم جراء تلوث المياه في درنة بسبب تهالك النظام الصحي بالمدينة. ودعا السايح إلى إخلاء المناطق التي تضررت مبانيها وتلوثت فيها مياه الشرب من السكان، خاصة النساء والأطفال. ولا تزال آلاف الجثامين مطمورة تحت الطمي أو ركام البنايات المنهارة في مدينة درنة، فيما بدأ البحر يلفظ جثث القتلى الذين جرفتهم السيول العارمة، لتظهر كارثة صحية تواجه الناس، وهي انتشار الأوبئة والأمراض التي تهدد الناجين، خاصة مع عدم وجود الفرق الطبية الكافية لدفن الجثث واحتوائها في برادات المستشفيات. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن ليبيا تمر بأزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة بسبب الإعصار «دانيال»، وهي أزمة يمكن أن تتفاقم بسبب تهديد الأمراض المنقولة بالمياه الملوثة. وفي السياق، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، إن نحو 300 ألف طفل تأثروا بتداعيات الإعصار «دانيال». وأوضحت «اليونيسف»، في بيان، أن «المنظمة تحتاج إلى 6.5 مليون دولار بشكل عاجل لتقديم الدعم للأطفال ومساعدة الأسر بالمناطق المنكوبة في شرق ليبيا». وأضافت: «بخلاف خطر الموت والإصابة فإن الفيضانات هي خطر صحي داهم على صحة وأمان الأطفال، مع تعرض إمدادات الماء النظيفة للدمار، فإن الأطفال يواجهون خطر الإسهال والكوليرا والجفاف وسوء التغذية». ودعا المدير القطري للجنة الإنقاذ الدولية في ليبيا، إيلي أبو عون، أمس، المجتمع الدولي إلى الاستعجال بإرسال فرق بحث إلى ليبيا. وأوضح أبو عون أن فرق الإنقاذ في مدينة درنة، عثرت، أمس الأول، على 510 أشخاص تحت الأنقاض، مشيرا إلى أن هناك حركة تطوع كبيرة بين السكان، يمكن الاعتماد عليها من خلال تأطيرها. ولفت المسؤول الدولي إلى أن «الكارثة أكبر من قدرة السلطات الليبية، وبالتالي يجب أن يكون هناك دعم دولي لإنقاذ الناس». من جانبه، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن جريفيث، أن حجم الكارثة في ليبيا «لا يزال مجهولا»، كاشفا عن طبيعة الاحتياجات الضرورية في ليبيا الآن. كما تحدث عن حجم الكارثة في مؤتمر صحفي في جنيف، قائلا: «أعتقد أن المشكلة بالنسبة إلينا هي في تنسيق جهودنا مع الحكومة ومع السلطات الأخرى في شرق البلاد، ثم اكتشاف حجم الكارثة». ولفت جريفيث إلى حاجة ليبيا لمعدات للعثور على المحاصرين في المباني المتضررة والوحل، مشدداً على أهمية توفير رعاية صحية أولية لمنع تفشّي الكوليرا بين الناجين. وأضاف: «الاحتياجات الملحة في ليبيا هي المأوى والغذاء والرعاية الطبية الأولية»، موضحا أن ذلك يأتي في ظل القلق بشأن المياه النظيفة. وأغلقت السلطات الليبية مدينة درنة حتى تتمكن فرق الإنقاذ من مواصلة البحث عن ألاف الأشخاص ما زالوا في عداد المفقودين بعد ارتفاع عدد القتلى إلى 11300. وأعلن سالم الفرجاني، المدير العام لجهاز الإسعاف والطوارئ في شرقي ليبيا، أنه تم إخلاء درنة ولن يسمح إلا لفرق البحث والإنقاذ بالدخول. وأكد تامر رمضان المسؤول عن عمليات المساعدة لليبيا في الصليب الأحمر، أمس، الأمل في العثور على أحياء في مدينة درنة. وقال: «الأمل قائم والأمل بالعثور على أحياء لا يزال قائماً»، فيما رفض إعطاء حصيلة عن عدد القتلى، مؤكداً أنها «لن تكون نهائية أو دقيقة».
مشاركة :