رأت وكالة الطاقة الدولية أن أسعار النفط ربما تكون قد بلغت أدنى مستوياتها وتبدأ بالتعافي القريب مع بدء انخفاض الإنتاج سريعاً في الولايات المتحدة، وغيرها من المنتجين غير الأعضاء في أوبك ونمو إنتاج إيران بوتيرة ليست كبيرة، معربة عن اعتقادها بأن الإنتاج من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول سينخفض بواقع 750 ألف برميل يومياً في 2016 مقارنة مع 600 ألف برميل يومياً في تقديراتها السابقة، ما قد يصحح المسار. قالت وكالة الطاقة الدولية إن الإنتاج الأمريكي وحده سيتراجع بمقدار 530 ألف برميل يومياً في 2016. وأضافت: توجد علامات واضحة على أن قوى السوق تحقق نتائج إيجابية، وأن المنتجين ذوي التكلفة العالية يخفضون الإنتاج. انخفاض إنتاج أوبك وأشارت إلى أن إنتاج أوبك قد انخفض بواقع 90 ألف برميل يومياً في فبراير/ شباط بسبب تعطل الإنتاج في نيجيريا والعراق والإمارات. وتابعت في الوقت نفسه كانت عودة إيران للسوق أقل مما قاله الإيرانيون. ففي فبراير نعتقد أن الإنتاج (الإيراني) زاد 220 ألف برميل يومياً، ويبدو في الوقت الحاضر أن عودة إيران ستكون تدريجية. وأشارت الوكالة إلى أنه نتيجة لهذه العوامل تراجعت المخزونات في الدول الصناعية الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمرة الأولى في عام رغم ارتفاع مخزون الخام في وحدات التخزين العائمة. غير أن وكالة الطاقة قالت إنها تتوقع نمو المخزونات العالمية للنفط الخام والمنتجات النفطية كثيراً في النصف الأول من 2016 في حدود 1.5- 1.9 مليون برميل يومياً، لكنه سيتباطأ إلى 0.2 مليون برميل يومياً فقط في النصف الثاني مقارنة مع 0.3 مليون برميل يومياً في التقرير السابق. وأضافت أنه بالنسبة للأسعار قد يكون هناك ضوء في آخر النفق الطويل المظلم لكن لا يتسنى لنا التيقن من توقيت تحقق التوازن المنشود في سوق النفط في 2017 بالضبط. من الواضح أن اتجاه التحرك الحالي هو الاتجاه الصحيح وإن كان هناك شوط طويل ينبغي قطعه. الطلب العالمي وأبقت وكالة الطاقة على تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2016 دون تغيير عند 1.17 مليون برميل يومياً أو ما يعادل 1.2 بالمئة من إجمالي الطلب البالغ 95.8 مليون برميل يوميا. وتباطأ نمو الطلب كثيرا من أعلى مستوياته في نحو خمس سنوات البالغ 2.3 مليون برميل يوميا الذي سجله في الربع الثالث من 2015 ويرجع هذا التباطؤ إلى تدني أسعار النفط لكن معدل النمو لا يزال قريباً من متوسطه في العقود الأخيرة. وقالت وكالة الطاقة من شبه المؤكد أن المخاطر التي يواجهها نمو الطلب العالمي على النفط على الجانب النزولي. وتوقعت الوكالة استقرار الطلب هذا العام في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم لكن إذا واصلت الأسعار السير في الاتجاه الصعودي الذي سجلته في الآونة الأخيرة فقد يكون هناك المزيد من الضعف. ومن المتوقع أن تشهد الصين ثاني أكبر مصدر للطلب في العالم نمواً قدره 330 ألف برميل يوميا فقط هذا العام بما يقل كثيرا عن متوسط عشر سنوات البالغ 440 ألف برميل يوميا. وقالت الوكالة نتوقع أن تساهم الهند وغيرها من الاقتصادات الآسيوية الصغرى غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمعظم النمو في 2016. العوامل الأساسية لنمو الطلب العالمي جيدة لكنها ليست قوية للغاية. اجتماع موسكو وفي سياق متصل، قالت مصادر مطلعة إن اجتماعاً بين منتجي النفط لمناقشة اتفاق عالمي لتجميد الإنتاج من غير المرجح أن يعقد في روسيا في 20 مارس/آذار، لأن إيران العضو في منظمة أوبك لم تعلن حتى الآن ما إذا كانت ستنضم إلى مثل هذا الاتفاق. وقال مسؤولون في أوبك من بينهم وزير النفط النيجيري، إن اجتماعاً سيعقد في موسكو في ذلك الموعد ومن المحتمل أن يكون الخطوة الأولى في توسيع اتفاق لتجميد الإنتاج عند مستويات يناير/ كانون الثاني توصل إليه الشهر الماضي، أعضاء أوبك السعودية وفنزويلا وقطر، إضافة إلى روسيا وهي منتج نفطي مهم خارج المنظمة. لكن مندوبين في أوبك يقولون إن العقبة الأكبر أمام اتفاق أوسع هي إيران. وتشعر طهران بأنها يجب استثناؤها من الاتفاق لأنها تريد استعادة حصتها السوقية التي خسرتها أثناء العقوبات الغربية. وقالت الكويت يوم الخميس إنها ستلتزم بالاتفاق إذا فعل جميع المنتجين الكبار، بمن فيهم إيران، نفس الشيء. وذكر مصدر في أوبك من دولة رئيسية منتجة للنفط هم لا يتفقون على الاجتماع فلماذا سيجتمع الوزراء مجدداً الآن؟ إيران تقول إنها لن تفعل أي شيء.. إذا وافقت إيران عندئذ فقط ستتغير الأشياء. (رويترز) تجميد الإنتاج ساهم اتفاق تجميد الإنتاج في دعم أسعار النفط التي بدأت اتجاهاً نزولياً في منتصف 2014 بسبب تخمة المعروض. وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت فوق 40 دولاراً يوم الخميس بزيادة 50 في المئة عن أدنى مستوياته في 12 عاماً البالغ 27.10 دولار والذي هوى إليه في يناير/ كانون الثاني. ويخشى بعض المندوبين أنه إذا سارع منتجون نفطيون كثيرون إلى الاجتماع قبل الحصول على موافقة من الجميع فإن الأسعار قد تضعف مجدداً إذا لم تسفر المحادثات عن اتفاق. وقال مصدر آخر من دولة رئيسية عضو في أوبك مشيراً إلى الاجتماع المقترح في 20 مارس/آذار تتمثل وجهة نظرنا ألا نذهب إلى هناك مع وجود احتمال لعدم التوصل إلى اتفاق حتى لا تتأثر الأسعار سلباً. وقال مندوب خليجي الأسبوع الماضي إن أعضاء أوبك الخليجيين يفضلون عقد اجتماع في النصف الأول من أبريل/ نيسان في الدوحة أو مدينة خليجية أخرى. لكن مندوباً آخر في المنظمة كان أكثر تشاؤماً قال إنه يتوقع عدم إحراز تقدم ملموس حتى الاجتماع القادم المقرر لأوبك في يونيو/ حزيران. رفض إيراني رفضت طهران تجميد إنتاجها عند مستويات يناير/ كانون الثاني الذي قدرته مصادر ثانوية في أوبك عند 2.93 مليون برميل يومياً وتريد العودة إلى مستويات ما قبل العقوبات الأعلى بكثير. وقال مصدر مطلع طهران تريد التجميد، لكنهم يريدون أن يكون على أساس أربعة ملايين برميل يومياً وهو مستوى إنتاجهم قبل العقوبات. ومن المنتظر أن تثار تلك المسألة عندما يجتمع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك مع نظيره الإيراني بيجن زنغنه. وقالت وكالة الإعلام الروسية نقلاً عن السفارة الروسية في إيران إن نوفاك سيزور طهران يوم الاثنين. ولمحت بعض المصادر في أوبك إلى أنه ربما يكون هناك اتفاق قابل للتنفيذ على الطاولة لإقناع إيران بالمشاركة. وقال مصدر إذا كان بمقدورهم إيجاد حل.. فيجب أن يعرضوا على إيران صفقة عادلة. وهناك سوابق لاستثناء أعضاء في أوبك من اتفاقات لتقييد الإنتاج. فالعراق على سبيل المثال استُثني من سقف الإنتاج سنوات عدة بسبب العقوبات والحرب. متغيرات عديدة تحكم الأسعار يرى خبراء بقطاع النفط أن التكهن بالأسعار أشبه بمسعى غير مجدٍ، إذ توجد العديد من المتغيرات التي تلعب دورها في أسعار النفط بشكل حاسم ومعبِّر. وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ مؤخرا على سعر برميل النفط، فما نعرفه أن هذا السعر قد تراجع بنسبة تقرب من 50 بالمئة عما كان عليه في الصيف الماضي. وتبع هذا التحسن أطول فترة لانخفاض الأسعار منذ 20 عاما. وحصل ذلك بفعل النفط الصخري الأمريكي وعودة تصدير النفط الليبي إلى الأسواق. وزاد هذان العاملان من العرض، في الوقت الذي أدى فيه بطء نمو الاقتصاد الصيني وذلك العائد للاتحاد الأوروبي إلى خفض الطلب. يضاف إلى ذلك الدولار الأمريكي القوي الذي يجعل النفط أغلى سعراً من حيث القيمة الحقيقية. كل هذا يخفض أكثر من الطلب. وهذا بالتحديد هو الوقت الذي تتدخل فيه عادة أوبك لتحقيق الاستقرار في الأسعار وذلك بخفض إنتاج دولها من النفط. لقد قامت بذلك عدة مرات في الماضي، حتى إن السوق تتوقع من أوبك أن تتدخل. إلا أنها لم تفعل ذلك هذه المرة. ففي سابقة تاريخية عند نهاية العام الماضي، أعلنت أوبك ليس فقط عدم عزمها خفض حصتها من الإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا، بل وأيضاً عن عدم نيتها القيام بذلك حتى لو انخفض سعر النفط إلى 20 دولارا أمريكيا للبرميل الواحد. ولم يكن هذا تهديدا أجوف. فبالرغم من المعارضة الصاخبة التي أثارتها فنزويلا وإيران والجزائر، رفضت السعودية، أكبر قوة في أوبك، وبكل بساطة، إنقاذ الضعفاء في مجموعتها، علما بأن العديد من أعضاء أوبك بحاجة إلى أن يكون سعر برميل النفط الخام 100 دولار أو أكثر لكي يعادلوا أوضاع ميزانيات بلدانهم. إلا أن السعودية، باحتياطيها الذي يقدر ب900 مليار دولار، تستطيع أن تلعب لعبة الانتظار. وتقوم دول أوبك حالياً بتجهيز العالم بما يزيد قليلاً عن 30 بالمئة من احتياجاته، بينما كان في سبعينات القرن الماضي قرابة 50 بالمئة. ويعود السبب، جزئيا، إلى منتجي النفط الصخري الأمريكيين الذين أغرقوا السوق بما يقرب من 4 ملايين برميل يومياً عندما بدؤوا من الصفر قبل عشر سنوات.
مشاركة :