شدد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط في خطبة الجمعة أمس على عناية رسالة النبي الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - بحفظ الأرواح، وصيانة الدماء، وعصمة الأنفس. لافتا إلى أن تلك العناية لم تكن مقصورة على أهل الإسلام فحسب، بل شملت أيضا غيرهم. وبين أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في وقت السلم الترهيب الشديد، والوعيد الصارخ، لمن يقتل المعاهد. واستمسك خلفاء النبي الكريم بهذا الهدي النبوي، ومضوا على هذا النهج المحمدي من بعده، وأمراء المؤمنين على تعاقب العصور. ويبدو ذلك بينا جليا في وصاياهم لقواد جيوشهم عند بعثهم لمصاولة الأعداء، فمن ذلك أن الخليفة الراشد أبا بكر الصديق رضي الله عنه أوصى يزيد بن أبي سفيان أحد قواده الذين بعثهم إلى الشام فقال له: «إني موصيك بعشر خلال: لا تقتل امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما، ولا تقطع شجرا مثمرا، ولا تخرب عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة - أي: لطعام -، ولا تعقرن نخلا ولا تحرقه، ولا تغلل». وأنه ما من أمير من أمراء المؤمنين إلا وقد نقل عنه من الوصايا لقواده مثل هذه الوصايا الجليلة. وقال الشيخ أسامة خياط إن دينا جاء كتابه ونبيه صلوات الله وسلامه عليه بمثل هذا الضياء الذي انجابت به ظلمات الأرض، لجدير بأن تشرق شمسه على الدنيا اليوم كما أشرقت بالأمس وأن هذا الدين الحق خليق بأن يوصف بالعدالة والسلام، والحرية الحقة، لا أن يوصف بالإرهاب والقتل والتعطش لسفك الدماء. وأضاف: «بلى والله هو ينبوع السلام، ومعين الإسلام، ودوحة الأمن ومأرز الإيمان، ولن يكدر صفوه ولوغ الوالغين، ولن يعكر نقاءه غلو الخوارج المارقين، بل سيبقى - كما أراد الله له - نورا وضياء للناس أجمعين، وهدى ورحمة للمؤمنين، وعدلا ينشر رداءه في الخافقين، ومنارا يهتدي به السائرون إلى يوم الدين». وتابع قائلا: «إن للعدل رداء يحوطه، وللأمن والسلام قوة تذود عنه، لا قوام لهما إلا به، ولا تمام لهما إلا بتحققه، ولذا، كان من البشائر التي تثلج صدور المسلمين، وتطمئن لها أفئدتهم، وتغتبط بها نفوسهم، ما من الله به من قيام هذا التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، ذلك التحالف الذي قام على سوقه لإحقاق الحق، ورفع الظلم، ونصرة المظلوم، ودحر العدوان، ومنابذة الإرهاب، وبسط رداء الأمن، ونشر ألوية السلام، ومن ثم كان الدرع السابغ لهذا التحالف هو ذلك الرعد، رعد الشمال، الذي جاء صورة حية، وصوتا ناطقا، وبرهانا عمليا، وثمرة مباركة، لهذه القوة الإسلامية المتينة، وذلك التحالف الإسلامي المتلاحم، حقق الله أهدافه، وأنجح مساعيه، وبلغ آماله، إنه جواد كريم». وشدد على أنه مهما اغبر وجه الحق وغشيته غواشي الباطل، فإن الظهور والغلبة والعز والتمكين هو لدين الله سبحانه وتعالى. وفي المدينة المنورة حذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي من الوقوع في عقوق الوالدين، مبينا في خطبة الجمعة أمس أن من أعظم صور ومواقف عقوق الوالدين تحويلهما أو تحويل أحدهما إلى دار المسنين وإخراجهما من رعاية الولد، ومؤكدا أن ذلك ليس من أخلاق الإسلام ولا من كرم الأخلاق. وأوضح الحذيفي أن من أعظم العقوق كذلك التكبر على الوالدين والاعتداء عليهما بالضرب والإهانة والشتم والحرمان، أما البر بهما وأداء حقوقهما فذلك مع مافيه من الأجر العظيم والبركة فهي من مكارم الأخلاق، وأكرم الخصال التي يقوم بها من طابت سريرته، وكرم أصله، وزكت أخلاقه، وجزاء الإحسان الإحسان، والمعروف حقه الرعاية والوفاء، والجميل يقابل بالجميل، ولا ينكر المعروف والجميل إلا منحط الأخلاق ساقط المروءة، خبيث السريرة. ولفت إلى أن بر الوالدين هو طاعتهما في غير معصية، وإنفاذ أمرهما ووصيتهما والرفق بهما، وإدخال السرور عليهما، التوسعة عليهما في النفقة وبذل المال لهما، والشفقة والرحمة لهما والحزن لحزنهما، وجلب الأنس لهما وبر صديقهما وصلة ودهما، وصلة رحمهما، وكف جميع أنواع الأذى عنهما، والكف عما نهيا عنه ومحبة طول حياتهما، وكثرة الاستغفار لهما في الحياة وبعد الموت.
مشاركة :