الكويت - تنفتح أزمة إلغاء 'الشعب المختلطة' في جامعة الكويت على المزيد من التصعيد بينما يواجه وزير التربية والتعليم الجديد عادل المانع ضغوطا شديدة من نواب إسلاميين يمثلون قوى التشدد الديني، هددوا باستجوابه وتحميله المسؤولية عن أي تراجع محتمل عن قراره، في حين لا يخرج ذلك القرار عن مسار تهدئة اختارته الحكومة محاولة استرضاء النواب وتفادي العودة للمناكفات السياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وفي أحدث تطور في هذا الملف، من المقرر أن يدخل الطلبة والطالبات في كليتي الآداب والتربية في اعتصام سلمي اعتبارا من الغد الاثنين ضمن موجة احتجاج متواصلة لليوم الثالث على التوالي رفضا لقرار وزير التربية والتعليم إلغاء الشعب المختلطة، بينما تحولت هذه القضية إلى جدل سياسي بين مندد بالقرار وداعم له، في الوقت الذي تكابد فيه الحكومة الكويتية للخروج من حالة الشدّ والجذب بينها وبين السلطة التشريعية وكسر الجمود السياسي الذي عطل تنفيذ برامج إصلاحات اقتصادية ملحة. ويأتي قرار تنظيم الاعتصام استجابة على ما يبدو لدعوتي قائمتي 'المستقلة' و'الوسط الديمقراطي'. وقالت الأخيرة إن "فرض الوصاية على الطلبة والمزايدة على أخلاقياتهم أهم لدى البعض من تردّي المؤسسة التعليمية". رفضت قائمة 'الراية' من جهتها الطعن في أخلاق الطلبة، معتبرة أن الأمر يتعلق بحسابات انتخابية ومصالح البعض، مضيفة أن مجموعة بعينها "تملك أهدافا انتخابية ومصالح تكسبية تتسلق من خلالها على أخلاق المجتمع". ورأت هيئة التنسيق في قائمة 'الراية' أن "ما يحصل الآن في الكويت بشأن التعليم المشترك أمر غير مستغرب، بل يتكرّر متى ما اقتضت الحاجة عند القوى الرجعية لدغدغة مشاعر ناخبيها". وقالت في بيان "أخلاق طلاب وطالبات الكويت وتربيتهم خط أحمر، فالتعليم رسالة نبيلة يمر من خلالها كل خلق نبيل وكريم"، مضيفة أن "طلاب وطالبات الكويت أكبر من أن يتم الطعن بأخلاقهم لتحقيق أهداف ومصالح انتخابية". وأعلنت النائبة الوحيدة في مجلس الأمة الكويتي جنان بوشهري أنها ستتقدم اليوم الأحد بـ"تعديل تشريعي يُلغي قانون منع التعليم المشترك"، وهو قرار قد يواجه باعتراض شديد من قبل النواب الإسلاميين الذين استبقوا أي تراجع محتمل لوزير التربية والتعليم بالتلويح بتحميله المسؤولية، وهي رسالة تهديد ضمني ليس للوزير فقط بل للحكومة، بأنهم سيعودون لسياسة الاستجوابات التي سبق أن أدخلت البلاد في أزمة سياسية ودفعت حكومتين سابقتين للاستقالة. وقالت بوشهري في تغريدة على حسابها بمنصة 'اكس' (تويتر سابقا) قبل يومين "التزام أبناؤنا الطلبة والطالبات في الجلوس في القاعات الدراسية محل اعتزاز ودليل على احترام بعضهم البعض وحسن تربية أسرهم الكريمة، وهذا ما انتهت له المحكمة الدستورية وأكدته في ما يتعلق بمفهوم الفصل، فأصبح قانون المنع لا قيمة تشريعية له، فأحكام المحكمة الدستورية تسمو على القوانين". وتابعت "سأتقدم يوم الأحد القادم (اليوم) بتعديل تشريعي يلغي قانون منع التعليم المشترك، وتترك الأمور التنظيمية داخل القاعات للإدارات الجامعية وهيئة التطبيقي علاوة على طرح شعب دراسية متنوعة ما بين مشتركة ومنفصلة وفق المتطلبات التعليمية والأكاديمية وبما لا يضر مصلحة الطلبة، على أن تترك حرية الاختيار في التسجيل لهم". وكان قرار وزير التربية والتعليم الجديد عادل المانع قد أثار صدمة في الكويت واعتبر ردّة عن المكاسب الاجتماعية والديمقراطية، بينما ذهب البعض في تفسيره لقرار المانع، إلى أنه فتح بهذه المرونة فرصة للنواب الإسلاميين لفرض أجنداتهم على خلاف سلفه حمد العدواني الذي كان حاسما ومتشددا في مواجهة المطالب النيابية وتمسّك ببرنامجه الإصلاحي ما اضطرّه إلى الاستقالة في الأخير. وأكد الصحافي والكاتب كويتي داهم القحطاني أن "الصراع فيما يتعلق بقرار شطب جدول الدراسة المشتركة في جامعة الكويت تمثل مواجهة مباشرة بين الشباب الكويتي وبين جيل من السياسيين في الحكومة ومجلس الأمة استمروا طوال ثلاثة عقود في تحطيم أحلام وطموحات الشباب الكويتي وجعلوا أنفسهم أوصياء عليه". وأضاف في تغريدة: وانتقد عدد من الناشطين والحقوقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، تلك الخطوة التي تشكل تراجعاً على صعيد الحريات العامة في البلاد. لاسيما أنها أتت بعد اقتراحات أخرى مثيرة للجدل كإلزام النساء بالحجاب، أو إعلانات الحفاظ على الاحتشام والدعوات لمنع الوشم التي انتشرت في الشوارع قبل فترة، وغيرها. ويؤكد هؤلاء أن القضية لا تتعلق بقرار تنظيمي يخص جامعة الكويت فقط، بل يعتبر الشرارة الأولى لانطلاق معركة الحريات ضد القوى الظلامية التي تحاول العودة بالكويت إلى الوراء، والتي لن تكتفي بهذا بل ستواصل فرض أرائها ومواقفها على الكويتيين عبر عدد من نواب البرلمان، وجاء في تعليق:
مشاركة :