أطلق مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) أكاديميته الخاصة به تحت مسمى "أكاديمية إثراء" عام 2021م، واضعًا برامجه التعليمية تحت إطارٍ واحد، وذلك بهدف تكثيف جهود المركز في تقديم مبادرات تثري المعرفة لدى جميع فئات المجتمع، وتنمي قدراتهم في مجالات عدة تشهد اليوم نهضةً نوعية في المملكة العربية السعودية. تضم الأكاديمية ستة مسارات متخصصة، تشمل: القيادة الإبداعية، الفن والتصميم، والأفلام والفنون الأدائية، والأدب، والموسيقى، والعلوم والتقنية. إذ يسعى المركز من خلال الأكاديمية إلى تقديم فرص فريدة من نوعها تمكّن المواهب المحلية من إنتاج أعمال إبداعية تُنافس عالميًا بجودتها وتميزها. دورات تتيح الفرص لجميع المستويات تسعى الأكاديمية إلى تكوين الشراكات الإستراتيجية مع مختلف المؤسسات الرائدة محليًا وعالميًا لنقل الخبرات والممارسات الفريدة من نوعها للمشاركين، حيث تستهدف الدورات الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 16 عامًا فما فوق، من أي مرحلة أو مستوى في مسيرتهم الدراسية أو المهنية. وتُقسم البرامج الأكاديمية حسب ثلاثة مستويات، الأول هو "اكتشف" للمشاركين المبتدئين، والثاني "توسّع" المعني بالمشاركين الذين يودون التطور في مجالهم المختار، و مستوى "تعمّق" حيث يستطيع المشاركون الأكثر خبرة ومهارة مقابلة الخبراء العالميين وخوض تجارب تفاعلية شيّقة. إحدى فعاليات أكاديمية إثراء إحدى فعاليات أكاديمية إثراء فن كتابة المدونات ومن بين إحدى الدورات التي نظمتها الأكاديمية في شهر أغسطس من عام 2023م، كانت دورة "كتابة المدونات" في مسار الأدب، والتي امتدت لثلاثة أيام؛ حيث استهدفت المدونين، والكتّاب، وصانعي المحتوى، وطلاب الجامعات، والرحّالة وهواة السفر، المهتمين في تدوين تجاربهم. كما ركّز محتوى الدورة على التعريف عن فن كتابة المدونات، وما يميّزه عن بقية الممارسات الكتابية، وكيف يمكن للمدوِّن أن يكتب مدونات مثيرة للاهتمام، تجذب فئات مختلفة من الجمهور. كما تنوّع محتوى الدورة ما بين النشاطات النظرية والعملية؛ لإثراء المشاركين بتاريخ التدوين منذ بدايته وحتى طبيعة ممارسته في الوقت الحالي، إضافةً إلى التقنيات والطرق والأدوات المستخدمة لكتابة المدونات. تجاوز تحديات التدوين في بيئة ملهمة لقد تميزت الدورة بتقديمها محتوىً يساعد المدوِّن في فهم سيكلوجيته الخاصة ومدى ارتباطها بممارسته للكتابة مع فهم الأسباب التي تجعله يرغب في الكتابة عن المواضيع التي تجذبه، وكيفية خلق شخصية يتفرد بها كمدوِّن ليستطيع ممارسة هذا الفن بشكل مستدام؛ إذ تضمنت الدورة مجموعة من النقاط المركّزة كأهمية فهم الذات وميولها لنجاح كاتب المدونة في مجال التدوين ولتحقيق أهدافه، فضلًا عن تطرق محتوى الدورة إلى التحديات التي يواجهها المدوّن خلال رحلته وكيف يمكن التغلب عليها بشكل فعّال. وتقول فجر إبراهيم -إحدى المشاركات في دورة كتابة المدونات- عن التحديات التي تواجهها في التدوين وكيف ساعدتها الدورة في التغلب عليها: "أكثر ما يمثل عقبةً حسب تجربتي هي الاستمرارية. ومن أبرز الأمور التي لفتتني في الدورة وأوصى بها المدرب، هي متابعة المختصين وأصحاب المجال وقراءة نصوصهم واكتشاف أفكارهم ومجاراتهم في تمكنهم وانجازاتهم البسيطة، مما يحفز على المرونة والوضوح والإسهاب السليم". وبالحديث عن معضلة الاستمرارية تدلي إحدى المشاركات أهمية وجود بيئة محفزة تعين وتساعد في تقديم دور إيجابي لدفع المدوّن قُدمًا لمواصلة طرح أفكاره وكتاباته، إذ تعد من أهم الأمور التي يبحث عنها كل مدوِّن وكاتب في هذه الأيام. يُذكر أن الدورة قد تضمنت مشاركين من خبرات وخلفيات متنوعة، فمنهم المهندس، والمُعلِّم، ومخرج الأفلام الوثائقية، والمصمم، وقيّم المتحف. جمعهم شغف كتابة المدونات في مكانٍ واحد، حيث عزز محتوى الدورة قيمة التواصل ومشاركة وجهات النظر المختلفة من خلال النقاشات وتمارين الكتابة الجماعية التي ساعدت جميعها في خلق مجتمع ملهم للكتابة، يواصل مرحلة التعلم حتى بعد انتهاء الدورة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، مما ميّز هذه الدورة بخلقها بيئةً فاعلة ومنتجة حتى بعد نهايتها. أهمية المجتمعات للكُتّاب كما تناول البرنامج أحد أهم الجوانب للتدوين، المتمثل في إيجاد واستحثاث الأفكار، حيث تعلَّم المشاركون أهمية إيجاد الإلهام من خلال المحتويات التي يتابعونها، وأن يبقوا على اطلاع مستمر بالأخبار والأحداث المختلفة ومحاولة الربط بينها وبين يومياتهم، والأهم من ذلك إحاطة الذات بمجتمع يتوازى معها ويلهمها ويساندها على التقدم، مع تقديم أهم النصائح والملاحظات والتقنيات المساعدة لاستحثاث الأفكار. حيث تقول مشاعل ابراهيم -إحدى المشاركات في الدورة-: "أصبحتُ بعد الدورة شخصًا مختلفًا يرى الكتابة جانبًا مهمًا من جوانب العيش، فأصبحت مسودة الهاتف مُكدسة بالملاحظات الخاطفة ومشاعر اللحظة مع كتابات متناثرة هنا وهناك، وأصبح ما كنتُ أهابه بالأمس -أي الكتابة- بمثابة مُتنفس". ويعلق الكاتب الإبداعي محمد الأحمدي -مقدم دورة كتابة المدونات ضمن أكاديمية إثراء- على تجربته كمشترك سابق في إحدى دورات الأكاديمية السابقة وكمدرّب لدورة كتابة المدونات مؤخرًا، قائلًا: "التدرب وفق أسئلة موجهة يدخلك إلى دهاليز غير مكتشفة، تعلمك عن نفسك (وكتاباتك) أسرارًا وإمكانات لم تنتبه لها قبلًا". ويضيف عن تجربته كطالب في دورة محترف الكتابة -إحدى الدورات السابقة في الأكاديمية- قائلًا: "تخيّل وجود مجموعة أشخاص يشتركون معك في ذات الاهتمامات، ويناقشون برفقتك أصغر التفاصيل، لتصبح حتى نقطة الاختلاف منعشة بالنسبة إليك إذ تعينك على رؤية بعض النقاط العمياء! وبهذا أعتبر التدريب ووجود المجتمع توسيعًا قيّمًا للمدارك وإلهامًا كبيرًا بلا أي شك". إحدى فعاليات أكاديمية إثراء إحدى فعاليات أكاديمية إثراء دعم منهجية التعلّم مدى الحياة إن ما تقدمه أكاديمية إثراء يعد بمثابة فرصة كبيرة لا تعوض، للأفراد ممن يتبنى منهم منهجية "التعلّم مدى الحياة" وهي منهجية اعتمدتها منظمة "اليونسكو" في مؤتمر للمنظمة أقيم في عام 1960م، حيث تشير إلى اكتساب الأفراد للمعرفة في مختلف المجالات وتطوير مهاراتهم فيها لتحقيق الغايات والأهداف الشخصية الخاصة بالتعلُّم، إذ تنبع الرغبة في التعلُّم في هذا السياق من الفرد نفسه لتحقيق وتلبية احتياجاته الخاصة. ويعتبر التعلّم مدى الحياة في الوقت الحالي من أهم السبل التي تساعد الأفراد في التقدم الوظيفي وفي ممارسة الأعمال الحرة. وتسهل أكاديمية إثراء على المتعلمين مدى الحياة إمكانية الوصول إلى الموارد المطلوبة أيًّا كان مستواهم التعليمي، وكذلك سهولة تعلّمهم عن المجالات الجديدة عليهم. مستقبل مزدهر بالكفاءات الإبداعية يكمن هدف أكاديمية إثراء في بناء الكفاءات والقدرات في القطاعات الإبداعية والثقافية وإيجاد وتقديم نماذج ناجحة للمؤسسات التعليمية في هذه القطاعات. ويسعى مركز إثراء من خلال الأكاديمية إلى تمكين المواهب بالمهارات اللازمة ليبدعوا ويطلقوا العنان لأفكارهم وآراءهم. وتشرح عهود العودة -المسؤولة عن أكاديمية إثراء-، دور الأكاديمية في دعم إستراتيجية المركز، قائلة: "تحقيقًا للهدف الإستراتيجي لمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في تنمية المواهب؛ يأتي دور الأكاديمية في تقديم برامج تعليمية صُممت لتمكين ودعم الفنانين من المحترفين والهواة الذين يتطلعون إلى تعزيز مهاراتهم وبناء معرفتهم، وذلك للعب دور نشط في الصناعة الإبداعية والثقافية، المحلية منها والعالمية". ولطالما طرحت أكاديمية إثراء بشكلٍ دوري مجموعة من الدورات التخصصية لتطوير المهارات والمواهب في مجالات متنوعة، بهدف تمكين الأفراد من المشاركة وإثراء القطاع الثقافي-الإبداعي وبناء الكفاءات والمواهب من خلال تصميم رحلة تعليمية فريدة قائمة على احتياجات المتعلمين في جميع المجالات. إذ تضمنت دورات الأكاديمية الناجحة التي أقيمت في الفترة الماضية؛ دورة فن الكتابة الروائية "محترف الكتابة"، والتي ألهمت الكُتّاب لمشاركة مقترحاتهم الروائية والعمل عليها بحضور الخبراء والروائيين المختصين، ودورة التلوث الضوئي ورصد النجوم التي ركّزت على استكشاف تأثير التلوث الضوئي على جماليات السماء في الليل من خلال دراسة الخرائط و المراقبة الفلكية، لتمكن الدورة ملتحقيها في النهاية من الحصول على عضوية الـIDA. وأخيرًا وبعد هذا السرد فيما يخص ما تقدمه الأكاديمية من دورات وإسهامات في العملية التعليمية، بالإمكان أن نستشف دورها الفاعل لإنشاء مجتمعٍ قادر على صقل مواهبه وإمكانياته، متجاوزًا مستوى الهواية والتعلّم النمطي، قافزًا نحو مستوىً من الاحترافية للتعلّم واكتساب المهارة. يشار إلى أن التسجيل متاح في دورات "أكاديمية إثراء"، من خلال زيارة الموقع الرسمي لمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، كما يمكن الاطلاع على أحدث الدورات المقدمة ومتابعة آخر أخبار الأكاديمية على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز.
مشاركة :