زيادة المكون السعودي في المشتريات الحكومية والخاصة وزيادة القدرة التنافسية شركات محلياً وعالميًا

  • 9/19/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«الجزيرة» - د. عبيد الشحادة: «المحتوى المحلي» مصطلح تتلقاه الأذهان للوهلة الأولى من زاوية نمطية، تحيل إلى المدلول الشائع لمعنى المحتوى، الذي ينصرف عادةً إلى المضامين الفكرية والمعرفية، ولاسيما بعد أن أصبحت هذه المفردة من قاموس المنصات الإلكترونية متعددة الواجهات ولغات التواصل. لكن ثمة معنى آخر ودلالة أوسع نقلت هذا المصطلح إلى آفاق مدهشة وغير معهودة باستشراف انعكس على الواقع كأحد أبرز برامج رؤية المملكة 2030. انطلق المحتوى المحلي كهدف مرحلي تُبنى عليه أهداف لاحقة تتكامل مع السياق الوطني الشامل لمسارات الرؤية، وذلك باهتمام بالغ من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله، حيث صدر الأمر الملكي الكريم رقم (أ / 168) بتاريخ 20 / 04 / 1440هـ الموافق 27 ديسمبر 2018م، بإنشاء هيئة باسم «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بهدف تنمية المحتوى المحلي بكل مكوناته على مستوى الاقتصاد الوطني، والارتقاء بأعمال المشتريات الحكومية ومتابعتها، وفقاً للأنظمة والتنظيمات المعمول بها. وما تلاه من توجيهات سامية بتسريع تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم (649 / نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد) الصادر بتاريخ 13 من ذي القعدة 1440هـ، والمتابعة الحثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، لتنفيذ تطبيقات برامج الهيئة واستهدافاتها في تعزيز المحتوى المحلي في مختلف القطاعات. والمحتوى المحلي هو أجندة وطنية تسهم جميع الشرائح الاقتصادية في تنميته وتمكينه بدءًا من أفراد المجتمع إلى القطاع الخاص والقطاع العام. وقد حدّدت الهيئة تعريفاً وطنياً شاملاً للمحتوى المحلي، وصدر هذا التعريف في الترتيبات التنظيمية للهيئة والصادرة من مجلس الوزراء، وهو إجمالي الإنفاق في المملكة العربية السعودية من خلال مشاركة العناصر السعودية في القوى العاملة والسلع والخدمات والأصول الإنتاجية والتقنية. ويهدف عبر استراتيجيات وبرامج متعددة إلى جملة من الأهداف تتمثل في زيادة المكون السعودي في المشتريات الحكومية والخاصة وزيادة القدرة التنافسية للشركات المحلية ما يجعلها قادرة على المنافسة عالميًا، بالإضافة إلى مساهمة الشركات المحلية في سلاسل التوريد إلى جانب زيادة الفرص الوظيفية وزيادة الوعي الاستهلاكي للسلع والخدمات المحلية. فالمحتوى المحلي بشكل مبسط، هو المحافظة على أكبر قدر ممكن من المال المنفق على المشتريات داخل المملكة من قبل الفئات المستهدفة سواء جهات حكومية أو خاصة أو حتى أفراد المجتمع. ويتم حساب المحتوى المحلي عبر معادلة موزونة تعبر عن الإنفاق على العناصر السعودية مقارنة بإجمالي الإنفاق. وللمحتوى المحلي 4 عناصر تضم الأصول ويقصد بها مصادر ومكونات السلع لتطوير سلاسل الإنتاج، وعنصر القوى العاملة وهي الأيادي العاملة على تصنيع المنتجات أو تقديم الخدمات، وعنصر السلع والخدمات، وهي المكونات المحلية التي يتم استخدامها في إنتاج السلع أو الخدمات، وعنصر التقنية ونحوها، ويقصد بها الأبحاث والتطوير وتدريب القوى العاملة السعودية. كما يلعب المحتوى المحلي دوراً كبيراً ومهماً في تنمية القطاعات غير النفطية والناتج المحلي، ما جعله يحظى باهتمام خاص من الحكومة الرشيدة عبر عدد من الجهات المعنية بهذا الصدد. إلى ذلك أعلنت هيئة المحتوى المحلي عن بدء تطبيق المرحلة الثانية من القائمة الإلزامية من اشتراطات المحتوى المحلي والتي تشمل البناء والتشييد ومستهلكات النظافة والمعدات واللوازم الشخصية في مطلع شهر سبتمبر الجاري، حيث تشمل القائمة جميع المنتجات التي تنضوي ضمن القطاعات المحددة. فيما تبدأ المرحلة الثالثة التي تتضمن الأغذية والمنتجات الزراعية والمنتجات التي تقع ضمنها في مطلع شهر فبراير من العام 2024 م. وذلك بعد أن نجحت الهيئة في إطلاق المرحلة الأولى من القائمة الإلزامية لاشتراط شهادة المحتوى المحلي من القائمة الإلزامية في شهر مايو الماضي 2023 م، وتضمنت المستلزمات الطبية والمواد الكيماوية والأثاث، وتشمل جميع المنتجات المدرجة ضمن القطاعات المحددة. وبحسب بيان الهيئة فإن التصنيفات يمكن أن تتطور مستقبلاً على أساس المنتجات والمدخلات الصناعية سواء كانت محلية أو أجنبية، لكن القوائم الإلزامية المعدة من قبل هيئة المحتوى المحلي هي 12 قائمة: البناء والتشييد، والأدوية والمستحضرات الطبية، والمستلزمات الطبية، والأغذية والمنتجات الزراعية، والأعمال الفنية، ومستهلكات النظافة، والمواد الكيماوية والأسمدة، والأمن السيبراني، وتقنية المعلومات، والمواد الاستهلاكية الورقية ومعدات ولوازم شخصية، والأثاث. هذا وقد أعلنت هيئة المحتوى المحلي عن آليات تفضيل المحتوى المحلي باشتراط إصدار شهادة المحتوى المحلي للمنشآت الكبيرة والمتوسطة والمصانع المستفيدة من القائمة الإلزامية في المنافسات الحكومية، وهي آليات طورتها الهيئة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة وتم تحديدها في لائحة تفضيل المحتوى المحلي في الأعمال والمشتريات ضمن نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد، والتي من خلالها يتم منح أفضلية للمنتجات الوطنية والمحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسّطة والشركات المدرجة في المنافسات والمشتريات الحكومية. ومنها التفضيل السعري، وهو منح المنتجات الوطنية أفضلية سعرية بنسبة 10 في المائة، حيث يتم تطبيق التفضيل السعري بافتراض أن المنتج الأجنبي أعلى من قيمته الواردة في وثائق المنافسة بـ 10 في المائة. بالإضافة إلى وزن المحتوى المحلي في التقييم المالي، حيث يتم تخصيص وزن يعادل 40 في المائة للمحتوى المحلي وللشركات المدرجة في السوق المالية أثناء مرحلة التقييم المالي للعروض، بالإضافة إلى وزن للسعر يعادل 60 في المائة. إضافة إلى العديد من المحفزات لزيادة المحتوى المحلي في مختلف القطاعات الاقتصادية، تحقيقاً لتطلعات رؤية 2030 الرامية إلى رفع مساهمة القطاع الخاص السعودي في التنمية الاقتصادية بنسبة 65 في المائة من الناتج المحلي بحلول العام 2030. يشار إلى أن هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية كانت قد أطلقت مبادرة «شراكات المحتوى المحلي»، التي تهدف لتأسيس شراكة مستدامة مع كبرى الشركات الوطنية والقطاع الخاص، تسهم بشكل مؤثّر وفعّال في تنمية المحتوى المحلي بمختلف القطاعات. كما أعلنت عن «مجلس تنسيق المحتوى المحلي» المنبثق من تلك المبادرة بقيادة هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، ‎الذي سيتولى تنسيق الجهود مع كبرى الشركات الوطنية لتطوير عناصر المحتوى المحلي وتعزيز فرصه في المملكة. وعلى صعيد متصل أعلنت الهيئة منتصف شهر أبريل الماضي عن تحقيق مجلس تنسيق المحتوى المحلي نسبة 46 في المائة محتوى محلي من إجمالي مشتريات المجلس من السلع والخدمات في عام 2021م؛ وذلك من خلال توحيد الجهود الرامية في تنمية المحتوى المحلي من خلال إطلاق عدة مبادرات وممكنات أسهمت في ذلك. وأوضحت أن المجلس عمل على تطبيق مبادراته وتوسيع أثرها على صعيد الاقتصاد الوطني، لتحقق الأثر المنشود منها، وجاء في مقدمة هذه المبادرات، مبادرة مؤشر المشتريات من السلع المحلية، حيث بلغ إجمالي المشتريات من السلع المحلية للشركات الأعضاء لعام 2021م نحو 94. 4 مليار ريال بنسبة 69 في المائة من إجمالي المشتريات من السلع. كما عمل المجلس على مبادرة توطين الصناعات بالاستفادة من القوة الشرائية، وذلك بهدف تنمية القدرات المحلية الصناعية، ونتج عن هذه المبادرة توطين 176 فرصة بقيمة 128 مليار ريال سعودي وذلك من العام 2019م حتى العام 2022م.

مشاركة :