بعد 19 عامًا.. جماهير آرسنال تطالب فينغر بالرحيل

  • 3/12/2016
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

عند إمعان النظر في الدوري الإنجليزي الممتاز نجد أن أكثر مدربين ينصب عليهما السخط الجماهيري ينتميان إلى طرفي النقيض بجدول ترتيب الأندية من حيث عدد النقاط - إنه أمر مثير للدهشة، أليس كذلك؟! بالنسبة لستيف مكلارين، مدرب نيوكاسل يونايتد الذي تمت إقالته أمس، من الممكن تفهم هذا الغضب، فمن الواضح أن الوقت كان قد بدأ ينفد - وكذلك المبررات - في وقت خسر الفريق مباريات لا بديل عن الفوز فيها في مواجهة أندية تشاركه شبح الهبوط. كما أن المدرب أخفق حتى إقالته في دفع لاعبيه للعب بالحماس المطلوب، وأيضًا في دمج اللاعبين المنضمين حديثًا للنادي داخل الفريق بصورة تترك تأثيرًا ملحوظًا على الأداء. وعليه، فإن أي مدرب في موقفه يخرج على الملأ بتصريح صادم من عينة «ما أزال الرجل المناسب للقيام بهذه المهمة، وليس لدي أدنى شك بقدراتي»، لا ينبغي أن يندهش من عدم مشاركة جماهير النادي رؤيته المتفائلة تلك ومن إقالته. في المقابل، يثير وضع أرسين فينغر، مدرب آرسنال، كثير من الحيرة، رغم أن الحديث حوله كثير للغاية لدرجة جعلته مكررًا ورتيبًا. إن أي شخص متابع ولو بصورة طفيفة لكرة القدم الإنجليزية على مدار العقد الماضي يعرف جيدًا ما يمكن قوله لصالح مدرب آرسنال، فهو مدرب نجح في ضمان مشاركة فريقه ببطولة دوري أبطال أوروبا كل عام منذ بداية القرن الجديد، وضم للفريق لاعبين رائعين، وساعد في نجاح انتقال النادي لمقره الجديد وفاز بآخر موسمين من بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، إضافة لجميع البطولات التي حصدها خلال الفترة الأولى لتوليه مهام تدريب الفريق. وكان من شأن الفوز الذي حققه، مساء الثلاثاء الماضي، أمام هال سيتي ببطولة الكأس ضمان انتقال فريقه لدور الثمانية، ما يتيح أمامه فرصة حقيقية لأن يحقق إنجاز جعل آرسنال أول نادي في تاريخ الكرة الإنجليزية خلال حقبة ما بعد الحرب يفوز بالكأس ثلاث مرات متتالية. إلا أنه حتى في الوقت الذي احتفل اللاعبون بفوزهم بنتيجة كبرى - أربعة أهداف مقابل لا شيء، وهي نتيجة سيسعد بها 99 في المائة من جماهير الأندية الإنجليزية الأخرى، حملت الجماهير التي سافرت لمؤازرة فريقها لافتة تحمل عبارة صيغت على نحو مهذب، تشكر فينغر على إنجازاته، لكن تشير إلى أنه حان الوقت كي يودع النادي. في الواقع، النبرة المهذبة هنا كانت مهمة للغاية، ذلك أن مشجعي آرسنال يدركون أن فينغر خدم النادي بكل دأب وإخلاص. وعليه، فإنهم لا يرغبون في التقليل من شأن هذه الإنجازات أو إثارة موجة انتقادات عاتية ضده، وإنما يعتقدون فحسب أنه لا ينبغي أن يبقى في صفوف النادي لفترة إضافية لا داعي لها في وقت أصبح الفريق جامدًا لا يبارح مكانه. ومع ذلك، فإنه مقارنة بفرق أخرى مثل نيوكاسل يونايتد، فإن آرسنال بالتأكيد يتحرك نحو الأمام، بل ومقارنة بأي فريق آخر بالدوري الممتاز، تعد نتائج آرسنال مبهرة للغاية. للأسف، ظهرت في صفوف مشجعي آرسنال عادة مقارنة نتائج الفريق حاليًا بنتائجه في فترات سابقة - وهي فترات كان خلالها فينغر المدرب أيضًا - ومن هذه الزاوية، لا تبدو النتائج الحالية مبشرة. بالتأكيد يعي فينغر هذا الأمر جيدًا، خاصة أنه شخص ذكي، حتى وإن كان قد اعترف مؤخرًا بأنه سئم الانتقادات المستمرة. وعن ذلك قال قبل مباراة هال سيتي: «لو أن أدائي ليس جيدًا بما يكفي، فإن شخصًا ما من النادي سيخبرني ذلك يومًا ما. إنني لست مغرورًا، وإنما أحرص كل يوم على مساءلة نفسي وتقبل الأخطاء التي وقعت فيها - صدقوني، إنني أفعل ذلك حقًا». وهنا يتضح أنه على صعيد التصريحات، فإن فينغر يفوز بجدارة، بينما كان مكلارين يخسر عن استحقاق. وعليه، فإنه من غير المستغرب أن نجد هذا التناقض الصارخ بين تصريحين لكل من فينغر ومكلارين، منعكسًا على حقيقة أن فينغر يمر بالعام الـ20 في مهمة تدريب آرسنال، بينما لا ينطبق ذلك على مكلارين. ومع ذلك، تبقى هناك تساؤلات حول حقيقة تعلم فينغر من أخطاءه. ربما كان مدرب آرسنال أفضل في رصدها والاعتراف بها عن مكلارين الذي كان ما تزال لديه القدرة على الحديث كشخص لم يقترف قط خطأ بحياته. ورغم أن جماهير آرسنال يتعرضون كثيرًا لانتقادات بأنهم يحملون داخلهم شعورًا غير مبرر بأحقيتهم في حصد جميع البطولات، فإنه يبقى بالتأكيد من المثير للإحباط أن يشاهدوا حلم بطولة تلو الأخرى يتسرب من بين أيديهم، بغض النظر عن مدى روعة أداء الفريق أو مكانته بوجه عام. وبذلك يتضح أن الاتهامات الموجهة إلى فينغر بسيطة ويمكن تفهمها - فالوقوف ساكنًا في كرة القدم لا يعني سوى التقهقر إلى الخلف، وهو ما يحدث بالفعل لآرسنال في البطولات المهمة. ورغم نجاحه في بناء فريق قادر على الفوز ببطولة أو بلوغ الأدوار النهائية من دوري أبطال أوروبا، يبدو فينغر عاجزًا عن استخلاص العائد الأكبر من وراء ذلك، مثلما فعل خلال العقد الأول من عمله مع الفريق. لذا فإنه يبدو واضحًا على الأقل السبب وراء اعتقاد بعض مشجعي النادي أنه حان الوقت كي يتنحى فينغر جانبًا وإفساح المجال لمدرب آخر أصغر يملك أفكارًا جديدة. منذ قرابة 10 سنوات ماضية، بدا أن آرسنال يبني صفوفه في ظل قيادة فينغر كفريق قادر على حصد بطولة دوري أبطال أوروبا. ومثلما كان الحال مع مانشستر يونايتد طيلة تسعينات القرن الماضي، بدا الأمر وكأن لاعبي آرسنال يكتسبون مزيدا من المعرفة والخبرة طوال الوقت، ويزدادون قوة وصلابة. وقد تحقق هذا الأمر لسير أليكس فيرغسون، مدرب مانشستر يونايتد السابق، بعد 13 عامًا قضاها مع الفريق، وستة مواسم قضاها في محاولة فك طلاسم دوري أبطال أوروبا. إلا أن هذا الأمر لم يتحقق بعد لفينغر رغم قضائه 19 عامًا داخل آرسنال، وخوض 18 موسما في دوري أبطال أوروبا - بل وبصراحة شديدة، لا يبدو أنه حتى اقترب من تحقيق ذلك. وبالنظر إلى المواجهة المرتقبة أمام برشلونة، فإنه حال التأكد من رحيل آرسنال عن البطولة، الأسبوع المقبل، فإن ذلك لن يكون مصيرا أسوأ مما تعرض له مانشستر يونايتد بقيادة فيرغسون في سنواته الأخيرة، لكن تبقى الحقيقة أن هذا الخروج سيقضي على فرصة أخرى لاستعادة زخم السنوات الأولى لفينغر مع الفريق. ويواجه آرسنال خطر الخروج من دور 16 بدوري الأبطال للموسم السادس على التوالي في ظل صعوبة تعويض خسارته على أرضه 2 - صفر أمام برشلونة لكن فينغر أصر على أن فريقه سيواصل القتال الثلاثاء المقبل. وقال فينغر «أنا مندهش بعض الشيء أن الناس حكمت على الموسم بشكل مبكر. لم نستسلم على الإطلاق وسترون ذلك في الأسابيع المقبلة. كان النادي قبل ذلك في موقف أسوأ مما هو عليه الآن». ورغم تقدم فينغر في السن، ورغم ميل المرء للتعاطف مع رد فعله تجاه سيل من الأسئلة السلبية داخل قاعة المؤتمرات الصحافية، فإن شكواه من شعوره بالملل ينبئ بدخوله منطقة خطرة. ويمكن للجماهير الرد على ذلك بسهولة بأنهم هم أيضًا يخالجهم الشعور ذاته. من جهته، كان رد فيرغسون على الأسئلة التي وجد صعوبة في الرد عليها هو إلغاء المؤتمرات الصحافية بعد المباريات أو الامتناع عن المشاركة بها. بيد أن الفارق هنا أنه استمر في الفوز بالمباريات، لذا كان المشجعون سعداء، ولا تشعر إدارة النادي بالقلق حيال الأمر، بينما تمكن المدرب من التصرف كيفما شاء. ومع أن فينغر كان في مثل هذا الموقف القوي من قبل، لكن الوضع تبدل الآن. وتوحي الأحداث التي شهدتها الأيام القلائل الماضية بأنه يتعين عليه إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، مهما بدت مقيتة له. وتبقى الحقيقة أنه بالنظر لكونه واحدا من أكثر مدربي الدوري الممتاز فصاحة ولطفًا في التعامل، أبدى دومًا استعداده للرد على أي سؤال وتناول موضوعات مختلفة، فإنه بالقطع لا يستحق أن يقترب من الاحتفال بالعام الـ20 له مع ناديه على هذا النحو. أو ربما يستحق ذلك - فالإجابة هنا ستختلف من فرد لآخر من مشجعي آرسنال. يرى البعض أن فينغر عنيد برفضه الانصياع لمطالب رحيله، نتيجة سقوطه في وهم أن بمقدوره إحياء نجاحات الماضي - وهو وهم يتضح زيفه موسم بعد آخر. إن المدربين عادة ما ينصب اهتمامهم على النتائج والأرقام - لكن هل تجدي الإشارة لنتائج تنتمي لعقد مضى؟ ورغم أن البعض قد يميل لاتهام حاملي اللافتة سالفة الذكر خلال مباراة هال سيتي باعتبارهم جاحدين، فإن التساؤل المشروع هنا: كيف سينتهي هذا الأمر؟ ومتى؟ والتساؤل الأهم: من يتحمل غلطة تنامي الاعتقاد في نفوس مشجعي آرسنال منذ نعومة أظافرهم بأن النادي ينبغي أن يفوز ببطولات أكبر من كأس الاتحاد؟

مشاركة :