بعدما كانت المشاركة القارية من الأمور التي لا يجرؤ مشجعو برايتون الإنكليزي حتى على الحلم بها، يبدأ «النوارس» اليوم الخميس قصة أقرب إلى الخيال حين يستضيفون أيك أثينا اليوناني في مستهل مشوارهم في مسابقة «يوروبا ليغ» لكرة القدم، في حين يجد مواطنهم العريق ليفربول نفسه في مكان لا يرغب فيه بعدما اعتاد على أضواء دوري الأبطال. وتعتبر زيارة أيك أثينا لملعب «أميكس» في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثانية التي تضم البطلين السابقين لدوري الأبطال أياكس أمستردام الهولندي ومرسيليا الفرنسي مناسبة لم يكن من الممكن تصورها في الأيام المظلمة، عندما بدأ برايتون على وشك الانهيار. كان برايتون في يوم من الأيام متهالكاً مثل الرصيف الغربي الذي دمرته الحرائق على شاطئ الساحل الجنوبي للمدينة، لكن أصبح الآن يمتلك أحد نماذج الأعمال الأكثر إثارة للإعجاب في كرة القدم العالمية. تسعى الأندية الى محاكاة قدرة برايتون على التجوال في الكرة الأرضية بحثاً عن لاعبين شباب مغمورين مثل الإكوادوري مويسيس كايسيدو والأرجنتيني أليكسيس ماك أليستر والإسباني مارك كوكوريلا الذين تطوروا جميعاً كي يصبحوا كنزاً للنادي بعدما تخلى عنهم في صفقات هائلة ضخمة مقارنة بما أنفقه لضمهم. ساعدت هذه السياسة المبتكرة النادي على تحدي الصعاب وصولاً الى مفاجأة الجميع بإنهاء الدوري الممتاز الموسم الماضي في المركز السادس، ما شرّع الباب أمامه للمشاركة القارية الأولى في تاريخه. وأظهر برايتون أن ما حققه الموسم الماضي لم يكن وليد الصدفة، إذ بدأ هذا الموسم بقوة أيضاً وأحرج مانشستر يونايتد يوم السبت بإسقاطه في معقله «أولد ترافورد» بنتيجة 3-1. وقال الرئيس التنفيذي للنادي بول باربر إن «هذا المشروع كان رائعاً. هناك بالتأكيد الآن وعي أوسع في برايتون»، مضيفاً: «أحد الأندية الأوروبية التي تحدثت إليها يطلع على جميع مبارياتنا، ويجلس طاقمه التدريبي صباح الإثنين لمشاهدتها (مباريات برايتون) منذ البداية حتى النهاية». إنه موقف قوة غير مسبوق لنادٍ كان قبل 26 عاماً على وشك الخروج من الدوري ولم يكن لديه ملعب خاص به. «كانت المشاركة الأوروبية حلماً بعيد المنال» عندما تم تعيين ستيف غريت مدرباً لبرايتون في ديسمبر 1996 كان الفريق متأخراً بفارق 11 نقطة عن قاع دوري المستوى الرابع، وكان الهبوط الكارثي الى دوري الهواة يلوح في الأفق. وقال غريت عن مهمة الإنقاذ التي قام بها في برايتون: «لم يكن الأمر يتعلق بالفوز بشيء ما. كان الأمر يتعلق أكثر برؤية ما إذا كان من الممكن إنقاذ شيء ما». نجاح غريت في تجنيب برايتون كارثة الخروج من نظام الكرة الإنكليزية الاحترافية، لم يكن نهاية المشاكل بالنسبة إلى النادي إذ تم بيع ملعب «غولدستون غراوند» الذي كان معقل الفريق طوال 95 عاماً، بعدما ذهب ضحية التطوير العقاري عام 1997. وبعد أعوام من المشقة والترحال لخوض مبارياته البيتية بعيداً عن الديار جاء الفرج على لاعب البوكر المحترف توني بلوم الذي اشترى النادي عام 2009، أي قبل عامين من افتتاح ملعبه الجديد القائم على مشارف المدينة. مراهنة بلوم على برايتون أعطت ثمارها، إذ بعد غياب دام 34 عاماً، صعد الفريق الى دوري الأضواء عام 2017 في تجربة تحدّث عنها باربر، قائلاً: «منذ عام 1997 صعدنا 86 مركزاً في الدوري. كانت كرة القدم الأوروبية حلماً بعيد المنال بالنسبة إلى الجماهير في ذلك الوقت». لكن الحلم تحول الآن إلى حقيقة بقيادة المدرب الإيطالي روبرتو دي تزيربي الطامح الى النقاط الثلاث في مستهل هذه المغامرة القارية التاريخية للفريق الذي يدرك أن أيك أثينا سيكون على الأرجح مفتاح منافسته على بطاقة التأهل المباشر لثمن النهائي أو أقله نيل المركز الثاني المؤهل الى الملحق، ولا سيما في ظل وجود الخبيرين أياكس ومرسيليا في المجموعة. ليفربول في مكان لا يريده بتاتا وإذا كانت المشاركة في «يوروبا ليغ» حلماً بالنسبة إلى برايتون، فإن مواطنه ليفربول الذي يحل ضيفاً على لاسك النمساوي في المجموعة الخامسة التي تضم أيضاً أونيون سان-جيلواز البلجيكي وتولوز الفرنسي، لا يرغب إطلاقاً في الوجود في هذا المكان ولا سيما بعدما استعاد مكانته بين كبار القارة العجوز وشارك في مسابقتها الأهم دوري الأبطال في المواسم الستة الماضية، حتى أنه أحرز اللقب عام 2019 للمرة الأولى منذ 2005 والسادسة في تاريخه. ويبدو فريق المدرب الألماني يورغن كلوب عازماً على تجنب ما حصل معه الموسم الماضي حين حل خارج المراكز الأربعة الأولى المؤهلة الى دوري الأبطال، بعدما بدأ الدوري الممتاز هذا الموسم بأربعة انتصارات وتعادل في المراحل الخمس الأولى. وبعدما حلّ الموسم الماضي وصيفاً للمتخصص في المسابقة إشبيلية الإسباني، يبدأ روما الإيطالي مشواره في المجموعة السابعة ضد مضيفه شيريف تيراسبول المولدافي بمعنويات مرتفعة جداً، نتيجة الفوز الكاسح الذي حققه فريق المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو يوم الأحد في الدوري على إمبولي بسباعية نظيفة، بينها ثنائية للأرجنتيني باولو ديبالا وهدف أول للبلجيكي روميلو لوكاكو بألوان نادي العاصمة. وبذلك، تنفس مورينيو الصعداء بعد بداية موسم كارثية، إذ دخل نادي العاصمة اللقاء وهو في المركز التاسع عشر قبل الأخير بنقطة واحدة فقط من ثلاث مباريات، لكنه استفاد من وضع ضيفه القابع في ذيل الترتيب من دون نقاط كي يحقق انتصاره الأول ويتحضر بشكل جيد للحلول ضيفاً على شيريف تيراسبول في مجموعة سلافيا براغ التشيكي وسيرفيت السويسري اللذين يتواجهان اليوم الخميس على أرض الأخير.
مشاركة :