مايكل روسي يطالب الولايات المتحدة بتوسيع تواصلها الدبلوماسي وتجاوز التحالفات التقليدية

  • 9/21/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مع تكيف المشهد العالمي مع عالم ناشئ متعدد الأقطاب، تحتاج الولايات المتحدة إلى توسيع تواصلها الدبلوماسي بما يتجاوز التحالفات التقليدية عبر الأطلسي. ويتضح هذا بشكل خاص في ظل التوسع الوشيك لمجموعة "بريكس" لتضم أعضاء جدداً من أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. وفي هذا السياق، فإن منطقة آسيا الوسطى -التي تضم كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان- هي منطقة تعرضت للإهمال لفترة طويلة في حسابات السياسة الخارجية الأميركية. وقال الأكاديمي الأميركي مايكل روسي المحاضر في العلوم السياسية في جامعة روتجرز في ولاية نيوغيرسي والأستاذ الزائر في جامعة ويبستر في طشقند في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأميركية، إنه حتى انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في عام 2021، كانت واشنطن تنظر إلى آسيا الوسطى كممر لوجيستي لعملياتها العسكرية. إلا أن هذه الرؤية الضيقة، فشلت في إدارك الأهمية الجيوسياسية الأوسع للمنطقة. ورأى روسي أنه نظراً لأن آسيا الوسطى لها حدود مع روسيا والصين وإيران، تستطيع الولايات المتحدة أن تصبح شريكاً إضافياً لهذه المنطقة لتحقيق التعاون الاقتصادي والتنمية. وهذا سيمنح الولايات المتحدة نفوذا استراتيجيا في منطقة محاطة بمنافسين جيوسياسيين. وتعد دول آسيا الوسطى، التي كانت تعتبر لفترات طويلة بمثابة مفترق طرق للتجارة، لاعبين أساسيين في العديد من المشروعات الدولية والمبادرات بقيادة الصين وروسيا والهند وإيران وتركيا. وتنبع هذه الأهمية من الموقع المركزي للمنطقة في أوراسيا ومواردها الطبيعية الوفيرة، بما في ذلك الهيدروكربونات والمعادن الثمينة. وسوف يكون عدم تعميق العلاقات مع دول آسيا الوسطى في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة تحديات اقتصادية فرصة ضائعة بالنسبة للولايات المتحدة. وأشار روسي إلى أن كازاخستان، أكبر دولة في آسيا الوسطى، أظهرت اهتماماً ملحوظاً بتعميق علاقاتها مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من علاقاتها الاقتصادية والتجارية واسعة النطاق مع روسيا، رفضت كازاخستان دعم غزو جارتها روسيا لأوكرانيا. ويتوافق هذا الموقف مع التزام كازاخستان بميثاق الأمم المتحدة وسياستها الخارجية "متعددة الاتجاهات" والتي تستهدف تحقيق توازن في العلاقات مع القوى المتعددة. وأعرب الرئيس الكازاخي قاسم جومارات توكاييف، في مناسبات عديدة، بشكل علني موقف بلاده من الحرب، وجدد التأكيد أنه على الرغم من احتفاظ كازاخستان بعلاقات إيجابية مع روسيا، فإنها لن تتجاهل العقوبات الغربية. ويسلط هذا الموقف الضوء على إمكانات كازاخستان كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة. وأوضح روسي أن واشنطن ستكسب الكثير من خلال توسيع تأثير قوتها الناعمة في كازاخستان وتعزيز علاقات سياسة واقتصادية أوثق مع مختلف دول آسيا الوسطى. ويرى روسي أن أول المكاسب هو أن التعاون مع آسيا الوسطى يسمح للولايات المتحدة بتنويع ملفها الجيوسياسي. ويمكن أن تكون المنطقة وسيطا استراتيجيا في محادثات مع دول بعيدة بشكل تقليدي عن نطاق نفوذ أميركا. وفي ظل المشهد المتغير بسبب الحرب في أوكرانيا وتوسع مجموعة "بريكس"، تعتبر واشنطن متخلفة في تحقيق تقدم دبلوماسي في العالم النامي، خاصة بالمقارنة مع بكين وموسكو. وفي ظل تعرض التحالفات التقليدية للضغوط وظهور تحديات عالمية جديدة، ينبغي على الولايات المتحدة أن تنظر إلى ما هو أبعد من شركائها التاريخيين لتنويع علاقاتها الاستراتيجية. وفي هذا السياق، تمثل آسيا الوسطى مخزونا من الإمكانات غير المستغلة التي يمكن أن تكون محورية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية. وأشار روسي إلى أن ثاني المكاسب هو أن الولايات المتحدة لديها مصلحة استراتيجية في تعزيز التواصل الإقليمي وتبسيط سلاسل الإمداد وتحسين طرق الطاقة في آسيا الوسطى. وهناك مزايا مباشرة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، خاصة في طرق التجارة التي لا تمر بروسيا. وفي العام الماضي، أطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة المرونة الاقتصادية في آسيا الوسطى. ويهدف هذا البرنامج إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتطوير ممرات تجارية بديلة وتعزيز قدرات الشحن وتحديث البنية التحتية على طول الطريق التجاري عبر بحر قزوين، الذي يبدأ من جنوب شرق آسيا والصين، ويمر عبر كازاخستان وبحر قزوين، ثم يمتد إلى الدول الأوروبية. وأكد الرئيس توكاييف هذا الرأي في خطابه الأخير عن حالة الأمة، حيث شدد على ضرورة أن تتطور بلاده لتتحول إلى مركز عبور داخل المشهد الأوراسي. وأضاف أن المكسب الثالث هو أن الولايات المتحدة تستطيع التعاون مع دول آسيا الوسطى بشأن التحديات العالمية، التي تتراوح بين الاستقرار الإقليمي وتغير المناخ وبين الأمن العالمي. على سبيل المثال، يمكن أن يذهب الجهد المنسق بين الولايات المتحدة وآسيا الوسطى بعيدا في تخفيف تهديدات مثل التشدد والإرهاب ووضع حد لتجارة المخدرات. وبالنسبة لدول آسيا الوسطى، فإن التعاون الأوثق مع واشنطن سيسمح لها بتعميق العلاقات مع قوة عالمية، ستكون قيمة بشكل خاص في مجالات مثل تبادل التكنولوجيا وقدرات الدفاع والتنمية الاقتصادية، مما يجعلها علاقة تحقق المكاسب لكل الأطراف المعنية. ومن التطورات الجديرة بالترحيب تقديم مشروع قانون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى الكونغرس الأميركي لإنهاء قيود فترة الحرب الباردة بالنسبة لكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان ومنح هذه الدول وضع العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة. واعتبر روسي أن القمة المقبلة لقادة مجموعة "سي5+1" على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل فرصة ممتازة أخرى للولايات المتحدة لتعميق مشاركتها مع آسيا الوسطى. وتستهدف منصة "سي5+1"- التي تأسست عام 2015، والتي تضم الولايات المتحدة ودول آسيا الوسطى الخمس- تعزيز الحوار والتعاون. ومع مشاركة الرئيس بايدن، تقدم القمة فرصة جيدة للولايات المتحدة لتعزيز روابطها الدبلوماسية مع دول المنطقة. وقد وفرت علاقات آسيا الوسطى المتوترة بشكل متزايد مع روسيا والحذر المتنامي من النفوذ الصيني فرصة للولايات المتحدة لتحسين وضعها عبر استثمار مستدام طويل المدى في المنطقة. ومن المرجح أن تتركز المشاركة الأميركية على المدى القريب على طرق القوة الناعمة مثل المبادرات التعليمية والأسواق الاستهلاكية والسياحة، نظرا للعلاقات الممتدة بين دول آسيا الوسطى وروسيا ومشروعات البنية التحتية الكبيرة التي تقوم بها الصين. ومع ذلك، بالنظر إلى المدى المتوسط والطويل، يجب أن تكون منصات مثل مجموعة "سي5 +1" محفزات لتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية. ومن الممكن أن يحقق الاستثمار الأميركي الاستباقي في التعليم والاقتصاد والثقافة للأجيال الناشئة في آسيا الوسطى مكاسب كبيرة للولايات المتحدة لأعوام قادمة. واختتم روسي تقريره بالقول إن الفشل في إدارك الأهمية الاستراتيجية لآسيا الوسطى والتحرك للاستفادة من هذه الأهمية سيكون بمثابة فرصة ضائعة بالنسبة لواشنطن. وستصبح هذه المنطقة محورا رئيسيا في شبكة أوراسية سريعة التطور، تربط الدول والشعوب والصناعات. وتجاهل هذا الحراك يمكن أن يترك الولايات المتحدة على الهامش، لتفقد فرصة القيام بدور مهم في منطقة تكتسب أهمية متزايدة. 1

مشاركة :