ضمن فعاليات المهرجان، أقيم صباح أمس في فندق الإنتركونتننتال، ندوة بعنوان عربيتي هويتي شارك فيها الباحث والكاتب سلطان العميمي، ويسرا الهاشمي من مؤسسة مركز اقرأ لتعليم اللغة العربية، وأدارها الكاتب توني كالدربانك. تطرقت الندوة إلى موضوع الحفاظ على اللغة العربية في ظل التطورات والتغيرات الاجتماعية التي نقلت اللغة من الكلاسيكية إلى المعاصرة إلى العامية وإلى لغة تفاهم جديدة تتداخل فيها اللهجات العربية المختلفة واللغات الأخرى. تحدثت الهاشمي عن الأسباب التي دفعتها لإنشاء مركز اقرأ، بعد ملاحظة أن نسبة كبيرة من الأجيال الشابة في مجتمع الإمارات لا تستخدم اللغة العربية، سواء في الحياة اليومية أو الدراسة أو العمل، إضافة إلى أن الأسلوب الذي تقدم به اللغة العربية في المدارس لا يجعل منها مادة تعليمية مشوقة أو جاذبة لاهتمام الصغار، كما لا يوجد مركز تعليمي أكاديمي يهتم بتدريس اللغة العربية في الإمارات. وأضافت أن المركز يسعى لتحقيق عدة أهداف، أولها تطوير أساليب تعليم العربية، حتى تكون على مستوى المعايير الدولية مثل اللغات العالمية، وثانياً تطوير مستوى العربية عند غير الناطقين بها، من خلال تقديمها بأسلوب مشوق، وثالثاً نشر العربية بين غير الناطقين بها حتى يتعرفوا إلى ثقافتنا وحضارتنا بلغتنا. وأشارت الهاشمي إلى دور المنزل ومسؤولية الأم والأب عن ممارسة اللغة مع الأبناء بشكل يومي والابتعاد عن إدخال الاصطلاحات الأجنبية في الحديث، بما يساعد الأطفال ويقربهم تدريجيا من امتلاك نواصي اللغة وإتقانها بشكل كامل. من جهته تناول العميمي ارتباط اللهجات العامية بالفصحى، مؤكداً أن الإمارات على سبيل المثال تحتوي على العديد من البيئات وكل بيئة لها لهجتها وخصوصيتها، حيث أحصي في الإمارات ما لا يقل عن عشرين بيئة لها خصوصية في اللهجة، من جانبين الأول طريقة لفظ الكلمات وتغير بعض الحروف كاستبدال الجيم بالياء، والثاني يتمثل في تواجد بعض الكلمات المستخدمة في منطقة دوناً عن منطقة أخرى كأن يقال للتراب المبلل بالماء ثرى وفي مناطق أخرى ثاد.فالإمارات تحتوي على كنز من اللهجات العربية الأصيلة القديمة جداً في ظواهرها ومفرداتها واستخدامها. وأشار إلى أن قضية الخطر على اللغة مسألة تتردد منذ زمن، وهذا الأمر يوحي بأن هناك إهمالاً وعدم استخدام للغة بصورة شبه كاملة، وهذا غير صحيح، فاللغة مازالت حاضرة بقوة في التعليم المدرسي والجامعي وحتى في الإعلام، كما أن اللغة التي استطاعت أن تعيش لقرون طويلة ليس من السهل أن تختفي بين يوم وليلة أو أن تحل محلها لغات أخرى، ولنا في بعض الدول العربية التي تعرضت للاحتلال من قبل دول أجنبية حاولت أن تمحو لغتها، لم تستطع تحقيق ذلك وبقيت الهوية العربية لغة وثقافة حاضرة وبقوة. وبيّن العميمي أن اللهجة الإماراتية لم تأخذ حقها من ناحية الدراسات، حيث لا يوجد إبراز حقيقي لمدى الصلة بين اللهجة الإماراتية والفصحى، والثراء الكبير الموجود فيها، فلو نظرنا إلى اللغة التي يتحدث بها أباؤنا وأجدادنا لوجدنا الكثير من تلك الكلمات موجودة في المعاجم العربية الأولى، ولكنها لم تعد مستخدمة في قاموس الفصاحة المعاصر. وأضاف أن اللغة العربية كغيرها من اللغات، فمع مرور الزمن تطورت أفعالها ومفرداتها ومسمياتها، وهذا أمر طبيعي، فاللغة التي لا تتطور تموت وتندثر، وهذا التغيير يحمل صفة الإيجاب أحياناً، حيث تدخل كلمات جديدة تواكب متغيرات الحياة الحاصلة، وصفة السلب أحياناً أخرى، حيث تغيب كلمات وتموت في اللهجة نظراً لأسباب عديدة كاندثار العنصر الخاص باستخدام الكلمة وظرفيته العملية. واستضاف المهرجان ندوة بعنوان أسئلة من عالم الخيال: الفانتازيا في الأدب العربي والأدب الإنجليزي شارك فيها الكاتب الأمريكي براندون ساندرسون، والكاتبة الإماراتية سارة النومان وأدارتها إيمان بن شيبة. تناولت الجلسة قصص الخيال العلمي، وكتابها الذين يطرقون أبواب المستقبل، ويقدمون نظرة واسعة إلى العالم حين يمزجون العلم وحقائقه مع خيالهم الخصب. وأشار المشاركون إلى أن أدب الخيال العلمي اتسع وانتشر في العالم، وأصبح يفرض نفسه على النماذج الأدبية، كنوع أدبي جديد ومتميّز، في معالجاته الجمالية والفكرية، من خلال استيعاب آخر المنجزات والتطورات العلمية ونقلها إلى القارئ في حبكة مفهومة تثير فضوله وتدفعه للتفكير والتأمل في سبل الحياة ومتغيراتها المستقبلية. وبذلك شكّلت هذه الروايات وسائل معينة للقرّاء على فهم العالم واستشراف المجهول منه، وزيادة الوعي بالتاريخ والحضارة في عصر حقق فيه العلم نتائج وتطورات مدهشة. وأشار ساندرسون إلى أن كاتب الخيال العلمي على الرغم من ضرورة تعزيز معارفه العلمية، إلا أن عوالمه القصصية تخضع لرغباته وافتراضاته دون أن يبالغ ويشطح خارج حدود المنطق العلمي. ومن جهتها قالت النومان إن أدب الخيال العلمي في الوطن العربي لم يأخذ حقه بعد، ومازال يعاني قلة الاهتمام على صعيد النشر، كما أنه كغيره يخضع لمجموعة المحظورات التي يعاني فيها الكاتب مهما كان موضوعه أو اتجاهه الروائي، خصوصاً أن عوالم النص الروائي تعتمد الخيال وتطرق أبواب الغريب والمحظور في أغلب الأوقات.
مشاركة :