الكويت -أ ف ب: تتزيّن البعثة الكويتية إلى آسياد 2023 بحضور نسائي كبير، من بينهنّ الملاكمة نورا المطيري التي تُعدّ نموذجاً في كسر القيود والتقاليد في حلبات يسيطر عليها الرجال وتعتبرها هي «رياضة المفاجآت». تقول المطيري (35 عاماً) لوكالة فرانس برس إن الجميل في الملاكمة أنها رياضة «لا يمكن توقع نتائجها. لدي القدرة الفنية والتقنية. أتمنى فقط أن تخدمني القرعة لأتمكن من بلوغ أدوار متقدمة». قد يكون التصريح عادياً لو صدر عن ملاكم يستعد لخوض غمار بطولة دولية، غير أن الأمر يختلف تماماً على لسان المطيري التي تواصل استعداداتها بحماسة للمشاركة في دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة المقررة في مدينة هانغجو الصينية بين 23 سبتمبر الحالي و8 أكتوبر المقبل. تُردف الملاكمة لفرانس برس بالقول «بدأت الاستعداد للآسياد منذ مطلع العام في البرتغال وفرنسا وهولندا. خضت بطولات عدة. وحالياً دخل منتخب الملاكمة معسكراً في مصر. الآمال كبيرة ولدي ثقة في قدرتي على تحقيق مركز متقدم ولمَ لا انتزاع ميدالية». في الكويت، يُنظر إلى المطيري كمرادف للسيدة الخليجية التي تحدّت نفسها إلى أقصى حدّ وكسرت القيود والتقاليد، ونجحت في نهاية المطاف بفرض نفسها على «حلبات الرجال». والواقع أن الرياضة الكويتية انتقلت منذ فترة ليست بقصيرة من مرحلة الجرأة على إقحام المرأة في صلب المنافسات، إلى مرحلة تحقيق الإنجازات عربياً، إقليمياً، وآسيوياً. وتمثّل المطيري هذا الجانب المضيء من القصة، فهي أول خليجية تشارك في بطولة العالم للملاكمة وأول كويتية تخوض بطولة دولية في رياضة «الفن النبيل». وتقول في هذا الصدد «سعيدة جداً لأن المرأة الكويتية باتت قادرة على إظهار قوتها ومكانتها رياضياً. هذا مدعاة للفخر لنا كخليجيات». وتضيف «أشعر بحافز إضافي في كل مرة أرى فيها اهتماماً إعلامياً برياضة المرأة الكويتية وإنجازاتها». لم يكن مشوار المطيري التي تترأس اللجنة النسائية في الاتحاد المحلي للملاكمة، مفروشاً بالورود. فبعد الانتهاء من الدراسات الجامعية والنجاح في أحد المشاريع الخاصة، دخلت معترك الملاكمة إثر مرور عابر بعدد من الفنون القتالية. لم يثنها قطع في الرباط الصليبي في بداية المشوار عن التمسّك بالأمل. غابت عن ممارسة الرياضة سنة كاملة، وخضعت لجراحة ثانية في ألمانيا للسبب نفسه كي تتمكن من العودة إلى حيث تنتمي. استدُعيت إلى منتخب الملاكمة في 2020، وهي لم تستنزف الوقت، وتقول ابنة لاعب منتخب الكويت سابقاً وفريق النصر لكرة السلة قشيعان المطيري الذي خسرته أثناء غزو القوات العراقية «كانت نقطة التحول في دبي، وتحديداً في بطولة آسيا للنخبة 2021 عندما انتزعت الميدالية البرونزية وسط ذهول كل من حولي والمتابعين. كانت أول ميدالية دولية وهي عزيزة جداً على قلبي». وتضيف «في 2022، رسّخت نفسي أكثر فأكثر بعدما انتزعت الميدالية الذهبية في بطولة المملكة العربية السعودية الأولى للسيدات. حققت بالتأكيد ألقاباً محلية، لكن تركيزي كان على الخارج حيث خضت استحقاقات كثيرة، فاكتسبت الخبرة وانتزعت ألقاباً عدة ضمن بطولات دولية، بينها الميدالية الفضية في مدينة براغا البرتغالية وأخرى في مدينة كريتاي الفرنسية. أعتز كثيراً بحصولي على المركز الثاني في بطولة باريس 2023». تؤكد المطيري أن طموحها في الملاكمة ينحصر في تمثيل الكويت على أعلى مستوى وتحقيق أكبر البطولات وتشكيل منتخب نسائي قوي، كاشفة بأن للملاكمة عاشقات كثيرات لدى الكويتيات اللواتي ينتظرن الفرصة لإثبات أنفسهنّ. وقبل أيام من انطلاق «آسياد 2023»، تقف المطيري بثقة أمام التحدي الكبير مستلهمة الأمل ممن سبقها، ولن تفوتها بالتأكيد إنجازات سطرتها رياضيات كويتيات في شتى الألعاب، وتحديداً في رياضة الفروسية ضمن دورة الألعاب الآسيوية 1982 في نيودلهي. ففي تلك النسخة، حققت الكويت أولى ميدالياتها النسائية عبر ثلاث فارسات، نادية المطوع وجميلة المطوع والشيخة بارعة سالم الصباح، إذ سيطرن تماماً على منافسات الفردي، وانتزعن الذهبية والفضية والبرونزية على التوالي. حافز إضافي للمطيري التي لا ينقصها الدافع لبذل المزيد في سبيل اعتلاء منصة تتويج ستعني الكثير لها ولمجتمعها ولمستقبل «الفن النبيل» في مواجهة ما تبقى من قيود وتقاليد.
مشاركة :