قالت الحكومة السورية أمس، إنها ترفض مناقشة مسألة انتقال السلطة خلال محادثات جنيف التي تبدأ الإثنين، ووصفت الرئيس بشار الأسد بأنه «خط أحمر». وجاء موقفها في وقت وصل رئيس الوفد المفاوض الممثل للمعارضة السورية أسعد الزعبي وكبير المفاوضين محمد علوش السبت إلى جنيف، استعداداً للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة. ووصل الزعبي وعلوش معاً بعد ظهر السبت إلى أحد الفنادق الكبرى في وسط جنيف. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن علوش قوله في جنيف أمس أن المعارضة تهدف إلى الاتفاق على تشكيل هيئة حكم انتقالية لا مكان فيها للرئيس السوري بشار الأسد. وتابع: «حضرنا لتشكيل هيئة انتقالية من دون وجود الأسد في السلطة». وكان علوش الذي يرأس المكتب السياسي لجماعة «جيش الإسلام» يتحدث للوكالة الروسية باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية. وجاء وصول المعارضين بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية السوري وليد المعلم، من أن الوفد الحكومي لن ينتظر أكثر من 24 ساعة وصول المعارضة إلى جنيف. واستبعد المعلم في مؤتمر صحافي في دمشق أمس مناقشة مسألة الانتخابات الرئاسية أو منصب الرئيس في محادثات السلام المقررة الإثنين، وقال إن المعارضة ستكون واهمة إذا اعتقدت أنها ستتسلم السلطة في جنيف. وأكد المعلم مشاركة الحكومة السورية في المحادثات التي يرعاها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، لكنه قال إن هذه المحادثات ستفشل «إذا كان في ذهن (المعارضة) أو في تعليماتها أوهام بأنها ستتسلم السلطة في جنيف (و) التي فشلت في تسلمها في الميدان». وأضاف أن وفد الحكومة سيرفض أي محاولة لوضع الانتخابات الرئاسية على جدول أعمال المحادثات. وقال المعلم في مؤتمره الصحافي الذي نقله التلفزيون السوري: «نحن لن نحاور أحداً يتحدث عن مقام الرئاسة». وأضاف: «أنا أنصحهم إذا كان هكذا تفكيرهم ألا يأتوا إلى المحادثات. بكل بساطة لا يتعبونا ولا يتعبوا أنفسهم». وتابع: «هذه الأوهام عليهم أن يتخلوا عنها». وقال المعلم إن وفد الحكومة سيسافر إلى جنيف يوم الأحد وسينتظر فيها 24 ساعة لكنه سيعود إذا لم يحضر الطرف الآخر. وأضاف أن فهم الحكومة السورية لمصطلح الانتقال السياسي هو الانتقال من الدستور الحالي إلى دستور آخر والانتقال من الحكومة الحالية إلى حكومة أخرى وبمشاركة من الطرف الآخر. وتريد المعارضة السورية أن تركز المحادثات على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة ورفضت فكرة الانضمام إلى حكومة سورية موسعة. ورداً على تصريحات المعلم، اتهمت المعارضة دمشق بوقف المحادثات قبل أن تبدأ. وقال منذر ماخوس عضو الهيئة العليا للمفاوضات لقناة «العربية الحدث»: «أنا أعتقد أنه يضع مسامير في نعش جنيف. هذا واضح». وأضاف «المعلم يوقف جنيف قبل أن يبدأ». وقال وزير الخارجية السوري في مؤتمر الصحافي أيضاً، إن الحكومة ملتزمة باتفاق «وقف الأعمال القتالية» الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا وساهم في خفض مستوى العنف في غرب سورية منذ دخوله حيز التنفيذ قبل أسبوعين. كما انتقد المعلم مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، قائلاً إنه لا يملك أو غيره الحق في الحديث عن الانتخابات الرئاسية في سورية وطالبه بالحياد والموضوعية. ورفض وزير الخارجية السوري أيضاً الحديث عن فكرة الفيدرالية كحل لإنهاء الحرب. 381 قتيلاً في 14 يوماً من الهدنة... والمعارضة تُسقط طائرة في حماة قال المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) إنه وثّق مقتل 381 شخصاً خلال الأيام الـ14 الأولى لوقف إطلاق النار في سورية الذي بدأ سريانه في 27 شباط (فبراير) الماضي، موضحاً أن الضحايا سقطوا في الأماكن التي تعد مناطق هدنة. وأوضح أن من بين المجموع العام للخسائر البشرية 78 عنصراً من الفصائل المقاتلة والإسلامية معظمهم سقط في اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها وفي قصف على مناطق الاشتباكات. وبين الضحايا أيضاً 110 من المواطنين المدنيين بينهم 26 طفلاً. وزاد أن بين القتلى 98 من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني قضوا جميعاً في ريف اللاذقية الشمالي وريف حماة الجنوبي وغوطة دمشق الشرقية. ميدانياً، أشار المرصد إلى تنفيذ طائرات حربية غارات استهدفت مناطق في محاور بمحيط منطقة كباني في ريف اللاذقية الشمالي، وسط قصف من قوات النظام على المنطقة التي تشهد معارك متواصلة بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من طرف آخر. وأفاد بعض المعلومات بأن قوات النظام سيطرت على تلال قريبة من كباني الاستراتيجية. وفي محافظة حماة (وسط)، أكد المرصد استهداف مقاتلي فصيل مقاتل لطائرة حربية في سماء منطقة كفرنبودة بريف حماة الشمالي، حيث شوهد الدخان ينبعث من الطائرة، و «معلومات مؤكدة عن إصابتها». وتابع المصدر أنه لم يتضح مكان هبوط الطائرة، في حين أوردت مواقع معارضة عديدة تأكيدات لإسقاطها. وفي محافظة حمص المجاورة، ذكر المرصد أن طائرات حربية نفّذت المزيد من الغارات على مدينة تدمر بريف حمص الشرقي والتي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بين التنظيم من جهة وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى في منطقة الدوة غرب المدينة. كما جرت معارك أيضاً في محيط مدينة القريتين بريف حمص الجنوبي الشرقي، في حين سقطت قذائف هاون على مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، ما أدى إلى سقوط جرحى. وفي شرق سورية، قال المرصد إن طائرات حربية أغارت على حيي الرشدية والحويقة بمدينة دير الزور ومنطقة البغيلية بأطراف المدينة، كما قصف الطيران الحربي مناطق في محيط مسجد العرفي بحي العرفي، وأماكن أخرى بحيي الحميدية والجبيلة بمدينة دير الزور. وأضاف أن طائرات شحن ألقت مساعدات على منطقة اللواء 137، أعقبها إلقاء حاوية في المكان نفسه. وفي محافظة ريف دمشق، نفذت طائرات حربية ما لا يقل عن 7 غارات على منطقة المرج بالغوطة الشرقية، في وقت دارت اشتباكات بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة وقوات النظام من جهة أخرى، في محيط منطقة عين منين بالقلمون الغربي. وفي محافظة درعا بجنوب البلاد، قال المرصد إن اشتباكات دارت بين تنظيم «داعش» من جهة، وبين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في منطقة اللجاة بريف درعا الشمالي الشرقي. ناشطون أطلقوا شرارة الثورة باتوا لاجئين في أوروبا حين تدفق الناشطون السوريون إلى الشوارع في العام 2011 مطالبين بالحرية والديموقراطية، لم يكن أي منهم يتخيل انه بعد خمس سنوات، قد ينتهي به الأمر لاجئاً في أوروبا. وعلى رغم وجودهم على بعد آلاف الكيلومترات، يواصل هؤلاء الناشطون عبر هواتفهم الذكية متابعة أخبار عائلاتهم وأقربائهم، ويشعرون بالأسى حيال انتفاضة شعبية تحولت حرباً مدمرة. ويقول جيمي شاهينيان (28 سنة) لـ «فرانس برس» عبر الهاتف: «عندما وصلت إلى ألمانيا شعرت انني أعيش مع جرح نازف، كأنني فقدت روحي. أحسست بالذنب لأنني تركت كل شيء خلفي». ويضيف شاهينيان الذي يعيش اليوم مع خمسة شبان داخل شقة في مدينة غينتين التي تقع على بعد نحو مئة كيلومتر غرب برلين: «كنا قطعنا عهداً على أنفسنا بأننا سنغيّر الوضع». بدأ النزاع السوري منتصف آذار (مارس) 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد الرئيس السوري بشار الأسد، مع نزول آلاف السوريين الى الشوارع مطالبين بالحرية والديموقراطية. وتسلّم الناشطون وبينهم شاهينيان زمام المبادرة، فاستخدموا موقع «فايسبوك» وتطبيق سكايب لتنظيم التظاهرات السلمية والتواصل مع الصحافيين حول العالم ونشر شعارات تدعو إلى اسقاط النظام. وعلى خلفية نشاطه هذا، تعرض شاهينيان المتحدر من عائلة مسيحية من مدينة الرقة (شمال) للاعتقال والتعذيب. وبعد سيطرة تنظيم «داعش» على مسقط رأسه في العام 2013، بدأ يتلقى تهديدات بالقتل دفعته إلى الفرار داخل سيارة اسعاف الى تركيا، شأنه شأن خمسة ملايين سوري دفعتهم الحرب الى النزوح خارج بلادهم. وفي تركيا، حيث قتل ثلاثة ناشطين على الأقل مناهضين لتنظيم «داعش» في الأشهر الأخيرة، لم يشعر شاهينيان بالأمان. ويقول «لم يكن لدي خيار سوى المغادرة». وعند وصوله إلى ألمانيا، ترتب عليه التوجه في أول محطة له في هذا البلد الى مخيم مخصص لطالبي اللجوء، على غرار ما يفعله الوافدون الجدد الى ألمانيا، حيث تقاسم غرفة مع عشرة أشخاص آخرين. وسعياً منه إلى الاستمرار في خدمة قضيته، تطوع شاهينيان مع مجموعة مدنية في برلين تحمل اسم «مواطنون من اجل سورية». وفي الوقت نفسه، بدأ يتعلّم اللغة الألمانية. لكنه على رغم ذلك يعترف بأنه «من الصعب جداً الاعتياد على هذه الحياة الجديدة». ويقول: «اعتقد بأن الأمور هكذا دائماً. نحن كنا الشرارة (الاحتجاجات) ودائماً الشرارة هي أول ما يحترق». من مدينة حمص التي اطلق عليها معارضو النظام السوري لقب «عاصمة الثورة»، انتقل يزن (30 سنة) الى فرنسا حيث يقيم مع عمه حالياً ولا يمر يوم من دون ان يتابع اخبار مدينته وقضيته التي كان مستعداً ذات يوم للموت في سبيلها. ويقول يزن الذي كان من ابرز المواطنين الصحافيين في حمص لـ «فرانس برس»: «في سورية كان جسدي محاصراً وهنا رأسي هو المحاصر». خلال عامين امضاهما في مدينة حمص القديمة في ظل حصار مطبق فرضته قوات النظام، قبل أن تتمكن من السيطرة على المدينة في ايار (مايو) 2014، امضى يزن ايامه يلتقط صوراً لأطفال يلعبون فوق الركام وحراس من مقاتلي الفصائل وجرحى يُنقلون إلى مستشفيات ميدانية غير مجهزة بالكامل وقطط تتجول بين انقاض الأبنية الأثرية. أما في الليل، فكان يخصص وقته للتواصل عبر سكايب مع الصحافيين الذين يتولون تغطية أخبار سورية، فيطلعهم على آخر التطورات الميدانية على جبهات القتال وأخبار مدينته التي لحقها الدمار. وعلى رغم أنه يعيش اليوم في وسط فرنسا بعيداً من سورية، لكنه يقول انه يمضي لياليه متنقلاً بين صفحات الناشطين على موقع فايسبوك، متابعاً لحظة بلحظة آخر التطورات الميدانية. ويقر بأنه لا يمكنه بدء صفحة جديدة في حين لا يزال والده وشقيقه في عداد مئتي ألف معتقل في سجون النظام السوري. ويقول: «هنا في إمكاني أن آكل وأنام بأمان. ولكن مهما حاولت لا يمكنني تخيل المستقبل»، مضيفاً: «كل شيء في حياتي الطبيعية متوقف حتى يسقط النظام». ويقيم أحمد الرفاعي (24 سنة) منذ العام 2014 في ألمانيا التي تلقت العام الماضي اكثر من مليون طلب لجوء. وهو انتقل اليها بعدما أمضى شهوراً وهو يلتقط الصور متنقلاً بين معاقل الفصائل المعارضة في شمال سورية. ينتقد الرفاعي الحكومة السورية ولكن أيضاً المجتمع الدولي قائلاً انهما حوّلا «الثورة» الى حرب تسببت خلال خمس سنوات بمقتل اكثر من 270 ألف شخص. ويقول مستذكراً انطلاقة الحركة الاحتجاجية: «خلال الأيام الجميلة، كان الشعب هو من يقرر زمان التظاهرات ومكانها، أو متى نبدأ الإضراب. اما اليوم فلا يملك الشعب السوري القدرة على اتخاذ اي قرار. باتت سورية ملعباً للقوى الكبرى كروسيا والولايات المتحدة وإيران». وعلى رغم صعوبة متابعة الأحداث المتتالية التي تشهدها سورية من بعد، يحاول الرفاعي الاحتفاظ بتفاؤله. تعلم اللغة الألمانية ويعمل كمترجم بين اللاجئين الجدد الوافدين الى ألمانيا ومتطوعي الصليب الأحمر. وفي نيسان (ابريل) المقبل، يبدأ الرفاعي تدريباً مع مؤسسة اعلامية إلكترونية. ويأمل بالعودة في أحد الأيام إلى سورية ليساهم في اعادة إعمارها. ويختم قائلاً: «من يرتدي ثوب الناشط، من الصعب جداً أن يخلعه».
مشاركة :