الملك يرسم خارطة طريق للعالم لتحقيق العدالة الإنسانية

  • 9/24/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إلى كل بقعة في الأرض، وصل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وهو يخاطب زعماء العالم وأصحاب القرار فيه من على منبر الأمم المتحدة في اجتماعات جمعيتها العامة بدورتها الثامنة والسبعين المنعقدة في نيويورك، فتلك كانت كلمات هاشمية ذات رسالة عالمية هدفها تسليط الكشافات الدولية على كل مآسي البشرية، بل والتنبيه على خطورة الالتفات عنها وعدم الاستعجال في وضع حلول لها. حتى عندما وضع الملك العالم في صورة الوضع الأردني، فإنه أرجع الحالة إلى ما يشهده العالم من تطورات سلبية لا سيما على صعيد قضية اللاجئين السوريين الذي يدفع الأردن الثمن الأغلى لوجودهم، إذ يشاركهم في موارده الثمينة، ومنها المياه على سبيل المثال التي يعد الأردن الأفقر بها عالمياً، لكن ملك هاشمي لا يتذمر أبداً، بل يؤكد بأن الشعب الأردني يحتضن إخوانه بكل حب، إلا أن هذه مشكلة باتت عالمية في بعدها طالما أن «الأمم» لا تتحرك لإيجاد حل سريع لأصل المشكلة المتمثلة في الأزمة السورية، بل أكد الملك، وبما لا يدع مجالاً للشك بأن عودة اللاجئين الى ديارهم ما زالت بعيدة المنال، ولربما يستقبل الأردن، وأوروبا أيضا، المزيد منهم، طالما أن الأزمة لم تحل بعد. وفي هذا الشأن خصوصا، قال الملك: «نحن الأردنيون جادون في القيام بواجبنا تجاه المحتاجين، ونبذل كل ما في وسعنا لتأمين حياة كريمة للاجئين، لكن الأزمة اليوم تجاوزت قدرة الأردن على تقديم الخدمات الضرورية للاجئين». وفي الذهن الملكي، كان للإنسانية البعد الأكثر في النطق السامي، فجلالته دخل الى تفاصيل التفاصيل حين سلط الضوء على معاناة «إخوتنا اللاجئين»، سواء الهاربين من الحروب والصراعات، أو الفارين من كوارث الطبيعة، فجعل جلالته زعماء العالم يتخيلون تلك الرحلات القسرية المحفوفة بالمخاطر، والتي طالما انتهى الكثير منها بمآسٍ تهتز لها المشاعر الإنسانية. ولأن الأردن، كان وما زال، حامل لواء القضية الفلسطينية والمدافع الأول عن حق الشعب الفلسطيني في تحقيق المصير، فقد حذر جلالة الملك بكلمات لا يمكن إلا أن تستقر في الذهن، من خطورة عدم تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، بالإضافة الى ضرورة العمل الدولي على إدامة المؤسسات والوكالات التي تدعم الشعب الفلسطيني ومنها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فجلالته قال، وبالفم الملآن، بأن اختفاء رايات هذه الوكالات وعدم تمك?نها من القيام بدورها، سيكون مكانه رايات الإرهاب. رسالة مهمة، في الشأن الفلسطيني، أرسلها الملك عبدالله الثاني، فجلالته أكد على انه لا معنى لتطبيع العلاقات مع اسرائل بدون ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ولربما في التفاصيل هنا تأكيد في النطق السامي الهاشمي بأن الأردن، وإن كان قد وقع على اتفاقية سلام مع الكيان الإسرائيلي، إلا أن لهذا السلام مقاييس يجب أن تعكس «تفسيره» على الأرض، فمن غير المعقول أن يعيش 5 ملايين فلسطيني تحت الاحتلال دون حقوق ودون حتى حرية التنقل، وهنا تساءل الملك عن المصداقية التي يمكن تحظى بها المؤسسة الأممية برمتها أمام شعوب العالم إذا لم ?مارس دورها الحقيقي في تحقيق العدالة، وطرح جلالته الأسئلة الكبيرة التالية: «كيف سيكون رد فعل عالمنا"؟. هل سنجتمع في تضامن عالمي للوصول إلى جذور المشكلة، وحل الصراعات والأزمات التي تدمر الحياة والأمل؟.. هل سنعمل ككيان واحد لإعادة بناء الثقة المفقودة في العمل الدولي، ومساعدة المحتاجين؟... ولأن القدس في الضمير والوجدان الهاشمي، فكانت من أهم عناوين خطاب الملك التاريخي «الأممي»، فأعاد الملك التأكيد بأن المدينة المقدسة هي روح السلام، وهي مركز عبادة كل الأديان السماوية، وهذا محور اهتمام الوصاية الهاشمية على مقدسات القدس لتبقى كما هي ودون تغيير، فالحذر كل الحذر من محاولة التلاعب بالأمر الواقع في هذه المدينة الروحية. الملك عبدالله الثاني، وضع العالم إذن، أمام الحقائق، وأمام مسؤولياته، فلم يجامل حين طرح القضايا كلها على الطاولة، الأردنية والعربية والفلسطينية منها، بل والعالمية، السياسية والإنسانية، وكان امتداد للإرث الهاشمي الصادق والشجاع في قول الحقيقة، وفي تقديم قراءة ومقاربة مفصلة لمجمل القضايا، لتكون خارطة طريق يمكن لأصحاب القرار العالمي السير بمهتداها نحو تحقيق عدالة إنسانية. وفي المشهد أيضاً، وكما يحمل عبدالله الثاني اللواء الأردني الهاشمي في كل محفل دولي، فقد كانت عين ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وأخيه سمو الأمير هاشم بن عبدالله الثاني، ترقب الحدث، فهناك تدور أحداث درس هاشمي بيد وذهن وحِكمة معلم قادر وحكيم، ولا بد من تدوين هذه الملحمة السياسية الأردنية لتُكتب في التاريخ، ولتكون ملهمة للمستقبل البعيد. "الرأي"

مشاركة :