آمل أن تكرر مناورة "رعد الشمال" بشكل دوري، فمن شأنها تجديد انتمائنا للدين الذي أعزنا ورفع قدرنا، وللأرض التي جمعتنا على اختلاف أدياننا ونتطلع إلى توريثها أبناءنا وأحفادنا من بعدنا رعد الشمال هزت أفئدة من سولت له نفسه التطاول على عملاق أشم، وأعلنت للعدو والصديق أننا كأمة إسلامية قادرون -بحول الله- على حماية أنفسنا، كما أعلنت أن حدودنا وسلامتنا خط أحمر، وأننا لن نسمح لشرذمة إرهابية جرأتها نفسها المغيبة عن الأرض أن تلامس شبرا من حدودنا. لقد وقف العالم متأملا للمملكة العربية السعودية.. لهذا العقل المدبر والمنظم، وهذا القلب الذي فتح أبوابه لكل إخوته الأوفياء، فرعد الشمال من حيث التنظيم ومن حيث النتائج بهر العالم أجمع، فقد أظهر جاهزية قوتنا العسكرية للدفاع عن مقدراتنا، ولا أشك أنها وضعت النقاط على الحروف المبعثرة ثم أعادت صياغتها لتصبح عبارة بليغة من حيث المضامين، ولترسل رسائل مبطنة وغير مبطنة لكل إرهابي امتهن الغدر والقتل والإرهاب.. بل لشرق العالم وغربه وللأصدقاء والأعداء على السواء، فالعالم الإسلامي بقيادة بلادي قادر -بحول الله سبحانه- على رد أي اعتداء مهما عظم وتضخم. أعلم يقينا أن "رعد الشمال" أصاب كثيرين في مقتل، بل حتى الصديق تأمل وتدبر وحلل مناورات هذا الرعد الصارم لعشرين دولة إضافة إلى "درع الجزيرة" وعتاده وقواته وسلاحها (وبمشاركة 150 ألف عنصر و300 طائرة، وصواريخ إستراتيجية متعددة، والتايفون والأباتشي والأواكس، ومئات الدبابات الفرنسية والأميركية والبريطانية، وأحدث القطع البحرية)، فكما قالت قناة الجزيرة: (تعد مناورات "رعد الشمال" واحدة من أكبر التمارين العسكرية في العالم من حيث كمّ ونوعية العتاد المستخدم لدى قوات الدول المشاركة، واتساع منطقة هذه المناورات)، بل لا شك أن العالم توقف عند هذا الحشد لرؤساء الدول المشاركة والذين حرصوا على التواجد أثناء المناورة الختامية لرعد الشمال، فلتواجدهم دلالة قصوى على أهمية هذا التحالف وقوته، وعلى عزم هذه الدول على بقائه -إن شاء الله- صامدا في وجه أعداء الأمة. يخيل إليّ أن فلانا.. وفلانا.. وفلانا.. وغيرهم أصابهم الأرق منذ أن أعلن التحالف الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية عن وجوده، فالجميع يدرك أن لهذا التحالف دلائل واضحة ليس فقط على قوة دول التحالف وجاهزيتها للحراك دفاعا عن أوطانها ومقدرات شعوبها.. بل لها دلالة واضحة على قبولها والتفاتها حول القيادة السعودية سياسيا وعسكريا، بمعنى آخر احترامها للقيادة السعودية التي لا تلغي غيرها، ولا تسعى إلى إسقاطه أو إلى إضعافه لتقبع مكانه، كما يسعى هؤلاء وأذنابهم الذين يبذلون قصار جهدهم إلى الهيمنة على المنطقة.. فالقيادة السعودية وقوات التحالف الإسلامي يهدفون لحماية المنطقة من أعداء قابعين خارج الحدود، وأعداء متربصين في الداخل، والذين هم في الأصل شواذ من أبنائنا تمردوا علينا واستوحشوا. وفي خضم هذا التحرك السياسي والعسكري النشط الذي تشهده المنطقة يتوجب علينا كشعوب الالتفات حول قياداتنا السياسية والعسكرية والأمنية التي تسعى إلى ضمان الأمن والسلام والاستقرار لشعوبها، وليعلم الجميع أننا نؤمن يقينا بأن أمننا هو أمن جيراننا، وأن أي محاولة من البعض لتصدير القلاقل المتواجدة عنده إلى الدول الجوار لن تقلل المخاطر عليه، بل ستزيدها. فعندها سنواجه حراكهم الإرهابي تجاه دولنا بكل ما أوتينا من قوة، فبإذن الله ستتحد العشرون دولة بما فيها "درع الجزيرة" لردع أي تحرك إرهابي ممول ومنظم ممن ظن أنه يمثل أنظمة الشعوب، أو ممن يظن زورا وبهتانا أنه يمثل حراكا جهاديا. كما آمل أن تكرر هذه المناورات بشكل دوري فمن شأنها -إن شاء الله- تجديد انتمائنا للدين الذي أعزنا ورفع قدرنا، وللأرض التي جمعتنا على اختلاف أدياننا ونتطلع إلى توريثها أبناءنا وأحفادنا من بعدنا، كما من شأنها تذكير من نسى نفسه أننا أمة تعتد بنفسها وتعمل على تحصين نفسها بجنودها وعتادها، وأننا نعلم أن تحالفنا هذا حير الكثيرين من الأعداء والأصدقاء على السواء... كل هذا وأكثر سيكتبه التاريخ عن "رعد الشمال" وعن فترة تحقق اتحاد إسلامي عربي دون هيمنة دولة على أخرى.. تحالف قَزم الأعداء إلى درجة الاضمحلال، تحالف عسكري سيتمخض عنه -إن شاء الله- تحالف سياسي، ونتطلع إلى تحقيق تعاون اقتصادي إسلامي يضم الإخوة والأصدقاء من شرق العالم وغربه. إن المناورة الختامية لرعد الشمال حملت لنا صورة رائعة من الاتحاد الإسلامي.. فهو التحالف الذي كنا كشعوب نتطلع إليه، فمن تابع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، وهو يستقبل رؤساء الدول ووفودهم المقبلة علينا لحضور المناورة الختامية لرعد الشمال.. يدرك ما تحمله قيادة المملكة العربية السعودية من تقدير وإجلال للعالم الإسلامي قيادة وشعوبا.. وهو الشعور المماثل الذي وصلنا من تلك الوفود، ولله الحمد.
مشاركة :