صدرت عن منشورات «مولاف» رواية «أسفار مدينة الطين» للروائي سعود السنعوسي بجزأين: «سِفرُ العباءة» و«سِفرُ التَبَّة». صدرت الرواية السادسة للسنعوسي بعد أربع سنوات منذ صدور روايته السابقة «ناقة صالحة» عام 2019. وصرح السنعوسي لـ «الجريدة» حول عمله الروائي الجديد، بأنه اختار معرض الرياض للكتاب 2023 ليكون محطة انطلاق آخر إصداراته، وبأنه عمل على هذا المشروع الفنتازي منذ صيف 2015 على فترات متقطعة أصدر خلالها عملين روائيين، ثم انقطع لإنجاز عمله الأكبر في مسيرته الكتابية «أسفار مدينة الطين»، والذي تمثل حقبته الزمنية امتداداً أوسع لمشروعه الروائي السابق «ناقة صالحة»، الذي دارت أحداثه تزامناً مع خلفية تاريخية تمثلت في معركة الصريف 1901. وأضاف السنعوسي: «بعد اتجاهي إلى الصحراء في روايتي السابقة أنطلق في عملي الجديد من الحاضرة البحرية الكويتية زمن الشيخ سالم المبارك الصباح، مع إحالات إلى زمن حاكم الكويت المؤسِّس الشيخ مبارك الكبير في فترة زمنية غنية بالأحداث والشخصيات الحقيقية والمتخيلة». ويتزامن صدور الرواية في الخليج مع صدور طبعاتها العربية الخاصة في الوقت نفسه، حيث تصدر في مصر عن مكتبة تنمية، وفي العراق ولبنان عن دار الرافدين، وفي فلسطين عن دار طباق، وفي تونس عن دار ميسكلياني، وعن دار ضمة في الجزائر. وتفترض الرواية الفنتازية أنها مكتوبة بقلم «صادق بوحدب»، أديب كويتي مهَّد السنعوسي لظهوره في نهاية رواية «ناقة صالحة»، شخصية متخيلة لروائي كويتي ينتمي إلى جيل أدباء الخمسينيات، حيث يسلم السنعوسي عهدة الرواية لكاتبه المتخيل بعد صفحة الإهداء. وتتخذ الرواية من مدينة الكويت مكاناً لوقوع الأحداث في عام 1920 زمن بناء السور الثالث، وتتسع جغرافيا العمل إلى جزيرة فيلكا زمن مقام الخضر وقرية الجهراء في سنة مفصلية من تاريخ الكويت تمتد أحداثها روائياً حتى سنة 1990، في قالب أحداث تدور على هامش التاريخ. ويستثمر العمل الأساطير الشعبية المحلية في خلق عوالمه الغرائبية، حيث يلملم السنعوسي شتات موروث الخرافات الشعبية، ويعيدها إلى جذور متخيلة لصنع أسطورته الشخصية. أدب وفن تشكيلي ويمزج العمل بين الكتابة الأدبية والفن التشكيلي، حيث يستمر التعاون في «أسفار مدينة الطين» بين الروائي السنعوسي والفنانة التشكيلية مشاعل الفيصل، فقد تضمَّن العمل رسومات داخلية، إلى جانب لوحتي الغلاف ببصمة الفيصل، التي شكَّلت هوية بصرية لأعمال الروائي منذ روايته الثالثة «فئران أمي حصة» عام 2015. وفيما يلي مجتزأ من الرواية: «لو أن غريباً أطلَّ من سطوح البيوت الطينية بعد شروق شمس اليوم، لخُيِّلَ إليه أن سرباً من غربان الدُّوري قد حَطَّ على رمال السَّاحل الرَّطبة. أعناقٌ مشرئبةٌ نحو الأفق الأزرق، وعيونٌ تتحرَّى مُقبلاً يجيء من بعيد. غير أن الدِّيرة لا تعرفُ من الغِربان إلا فُرادى بغير أسراب، تتسلَّلُ إلى سفن التِّجارة الرَّاسيةِ في موانئ الهند، وتندسُّ بين زكائب التَّوابل والحبوب والشَّاي، وتسافر مع السُّفُن في أوبتها إلى الدِّيرة، فتَلفي نفسها مُتسلِّلَةً غريبةً في بلادٍ غريبة، وتمكثُ على السَّاحل الشَّرقي شهوراً تتحرَّى إبحارَ السُّفُن الشِّراعية ثانية إلى الهند. لا غِربان في الدِّيرة. لا غِربان إلا قليل».
مشاركة :