منصور الخريجي.. من الذاكرة - خالد بن حمد المالك

  • 9/25/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أحياناً يُفاجأ الإنسان بما يوصف بالصدمة، وتأتيه الأخبار بما يرتقي إلى مستوى الفاجعة، فهذا قريب أو صديق أو زميل تسري أخبار عن وفاته، وغيابه عن أنظارنا، في بقائنا أحياء دون محبينا، ومن غير من كانوا يؤنسوننا ويسعدوننا، فالفراغ بغيابهم لم يعد جميلاً وساراً، وتالياً فالحزن هو سيد الموقف. * * أمس فقدت ابن خالي معالي الأستاذ منصور بن محمد الخريجي، الذي جمعتني فيه القرابة، وقربتني منه خلقه، وأحاديثه العذبة، وجلساته المريحة، وثقافته العالية، والإعجاب بكفاحه وعصاميته، وإصراره على أن يعيش حياته قانعاً ومقتنعاً بما آل إليه في كل المحطات التي مرَّ بها. * * هذا قدر الله، ولكل منَّا عمره في الدنيا، منا من يعمّر، وهناك من يموت مبكراً، بعضنا تنتهي به الحياة في الديار البعيدة، والبعض في دياره، هناك من يموت بحادث، ومن يلقى حتفه من مرض، وهكذا هي الحياة سنوات معدودة، وأيام مقدرة، تجمع بين السعادة ومرارة الحزن، ووجع الفراق بين الناس أجمعين. * * منصور الخريجي، عاش مكافحاً عصامياً، فنجح في دروب حياته، وأقعدته السنين في أواخر عمره عن نشاطه وحركته، لكن ما أضعفه، وهز نشاطه أكثر حين فقد رفيقة دربه وشريكة حياته أم نزار قبل أكثر من ستة أشهر، وخلال الشهور الستة التي سبقته إلى جنات الخلد إن شاء الله، فقد عاش شهورها حزيناً، ومتأثراً كلما تذكر سنوات رفقتها، وحسن المعشر معها. * * لم يكن منصور الخريجي أكاديمياً وإدارياً ومثقفاً فحسب، وإنما كان أكثر من ذلك، فقد كان إنساناً بحق، يحمل من التواضع سمتها، ومن طيب المعاملة الكريمة مع الآخرين أجملها، وظل إلى أن مات على سريره دون أن يشعر بالتعب، أو يتعب غيره، مرتاحاً كأي إنسان، لا يشعر إلا بما يشعر به من تقدم به العمر، وإن كانت الشهور الستة التي سبقت وفاته قد هدت من حيله، وقوضت نشاطه، وجللت وقته بالحزن المرير. * * عاش طفولته في سوريا في رعاية والده الذي غادر المملكة بحثاً عن العمل والرزق الحلال، وهناك تزوج من أسرة كريمة كان منصور أحد أولاده منها، لكنه فقد والده -رحمه الله- في مقر إقامته بالقريتين في سوريا ليجد أعمامه يلحون عليه وعلى إخوانه وأخواته بالعودة إلى أهلهم بالمملكة، وهو ما كان. * * لكي تعرف قصة العودة، بكل أفراحها وحزنها ومتاعبها ومغامراتها والوصف الدقيق والمثير لها، عليك أن تقرأ كتابه: (ما لم تقله الوظيفة)، ففيه ما لا يمكن وصفه بهذه الدقة المثيرة إلا إذا كان كاتب الرواية مبدعاً كمنصور الخريجي. * * رحم الله الفقيد الغالي منصور محمد الخريجي، وجعل مسكنه في عليين من الجنة، وألهم ولديه وابنته وأسرته ومحبيه الصبر والسلوان. يُعزى بالفقيد، ويُحن لغيابه، ويُتحدث عنه حديث الذاكرين لما كان عليه من صفات نبيلة.

مشاركة :