رأي ضيف: كيف حققت الصين ثورة تكنولوجية

  • 9/27/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للصين من 360.86 مليار دولار أمريكي في عام 1990 إلى 1.21 تريليون دولار في عام 2000، حتى وصل إلى 17.96 تريليون دولار في عام 2022. ونما حجم الاقتصاد الصيني بنحو 49 مرة منذ عام 1990 وحوالي 15 مرة منذ عام 2000، وهو ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة. وساهم التقدم الملحوظ للصين في قطاع التكنولوجيا في نموها الاقتصادي. وأشار تقرير صادر عن جامعة هارفارد في عام 2022 إلى التقدم التكنولوجي للصين في العديد من المجالات الحيوية، مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية والحوسبة الكمومية والتكنولوجيا الحيوية وعلوم المعلومات اللاسلكية والطاقة الخضراء. ولم يكن لهذه الطفرة التكنولوجية سوى القليل من أوجه التشابه لدى بلدان أخرى على الصعيد العالمي في العقود الأخيرة، على غرار الثورة الصناعية الأولى وتغيراتها الكبيرة التي أثرت في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. وفي الواقع، إن الثورة التكنولوجية التي تشهدها الصين حاليا تشكل مقدمة للثورة الصناعية الرابعة. ويمكن لهذا التطور التكنولوجي الهائل والسريع أن يوفر نموذجا يحتذى به ليس فقط للبلدان النامية، بل أيضا للبلدان المتقدمة النمو. وبوسعنا استخلاص دروس عديدة من هذه الطفرة التكنولوجية السريعة في الصين. أولا، استثمرت الصين في البحث العلمي. إذ خصصت موارد مالية كبيرة لدعم الابتكار والاختراعات وتطوير التكنولوجيا، وخاصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وغيرها. وزادت الصين بشكل كبير الإنفاق على البحث والتطوير على مر السنين، حيث تجاوز إجمالي إنفاقها على البحث والتطوير حاجز 3 تريليونات يوان (نحو 418.2 مليار دولار) في عام 2022، وذلك بزيادة قدرها 10.1 في المائة على أساس سنوي، بحيث يشكل 2.54 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. ثانيا، استثمرت الصين في البنية التحتية الرقمية. وتحتاج التكنولوجيا المتقدمة إلى بنية تحتية واقتصاد رقمي لجذب الاستثمارات والتقدم في التطور التكنولوجي. ثالثا، غيرت الصين هيكل اقتصادها. لقد دخلت الدولة عالم التكنولوجيا وبنت اقتصادا رقميا متقدما، ما عجّل في تمهيد الطريق لها للوصول إلى الريادة العالمية في التكنولوجيا المتقدمة. ومن 2016 إلى 2022، توسع حجم الاقتصاد الرقمي في الصين بمقدار 4.1 تريليون دولار، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 14.2 في المائة. وبلغ الاقتصاد الرقمي للصين 7.1 تريليون دولار في 2021، ليحتل بذلك المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة. رابعا، شجعت الصين الشركات الناشئة والابتكار الريادي. وخلقت بيئة لريادة الأعمال شجعت الابتكار والاختراعات، مما أدى إلى ظهور العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المتقدمة. وجاءت الصين في المرتبة الثانية عالميا من إجمالي عدد الشركات التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار في 2021، بـ301 شركة، مع زيادة قدرها 74 شركة جديدة عن العام السابق. خامسا، عززت الصين النمو الاقتصادي وزادت الناتج المحلي الإجمالي من خلال التكنولوجيا المتقدمة. واستخدمت الصين التكنولوجيا المتقدمة في التصنيع وزادت من اعتمادها على التجارة الإلكترونية، ما أدى إلى تحسين النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل جديدة. سادسا، استثمرت الصين في تكنولوجيا الطاقة الخضراء. لقد استثمرت في الطاقة الخضراء لتجنب المشاكل البيئية مثل الاحتباس الحراري والأمطار الحمضية والتلوث البيئي لتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التحديات البيئية. سابعا، عززت الصين الأمن التكنولوجي. لقد وسعت نطاق الأمن التكنولوجي عبر تطوير إستراتيجيات الأمن السيبراني وحماية المعلومات الهامة والحساسة. ثامنا، أنشأت الصين العديد من مختبرات البحوث. لقد أنشأت مختبرات في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيا الحيوية. وأحد هذه المختبرات هو مختبر بايدو للذكاء الاصطناعي، الذي يعد أحد أهم وأكبر مختبرات الذكاء الاصطناعي في العالم. وأدت تجربة الصين الفريدة إلى وصولها إلى موقعها المتقدم في العديد من مجالات التكنولوجيا الفائقة. وهذا من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي ويحسّن مستويات المعيشة، ويجعلها مركزا عالميا للخبرة التكنولوجية. -- ملاحظة المحرر: الكاتب هو مدير مركز إشراق للدراسات في طرابلس في لبنان، وباحث متخصص في الاقتصاد. الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).

مشاركة :