بينما يتناحر الديمقراطيون والجمهوريون حول الميزانية الفيدرالية للعام المالي الجديد، تجد الولايات المتحدة نفسها مجددا على وشك إغلاق الحكومة الفيدرالية. وحذرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين يوم الاثنين من أن إغلاق الحكومة قد يضر بالتصنيف الائتماني الأعلى لأمريكا، لأنه سيؤكد ضعف القوة المؤسسية والحوكمة الأمريكية مقارنة بالدول السيادية الأخرى ذات التصنيف ايه ايه ايه. ماذا يعني إغلاق الحكومة الفيدرالية؟ ما هي تأثيراته؟ ولماذا يحدث إغلاق الحكومة غالبا في الولايات المتحدة؟ --ماذا يعني؟ من المقرر أن تنتهي السنة المالية لعام 2023 في 30 سبتمبر، ولا يمكن للميزانية التي وافق عليها الكونغرس لعام 2023 أن تدعم عمليات الحكومة الفيدرالية إلا حتى ذلك اليوم. وإذا لم يتمكن الحزبان من التوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية السنة المالية الجديدة في الوقت المناسب، أو على الأقل تمرير مشروع قانون تمويل قصير الأجل، فسيتم إغلاق جزء من الحكومة الفيدرالية اعتبارا من الأول من أكتوبر. وفي حالة إغلاق الحكومة الفيدرالية، عادة ما يتم تعليق جميع العمليات غير الضرورية، ومنح إجازة لجميع العاملين باستثناء العاملين الأساسيين في الحكومة، ما قد يؤثر على ما يصل إلى 800 ألف عامل فيدرالي على مستوى البلاد. ولن تتأثر الإدارات الأساسية مثل الجيش، والدفاع عن الحدود، والأمن العام. وستظل مكاتب البريد مفتوحة، وسوف تستمر خدمات الشرطة ورجال الإطفاء كالمعتاد. كما سيتطلب الأمر استمرار عمل مراقبي أمن المطارات-- من إدارة أمن النقل-- وعمال مراقبة الحركة الجوية، حيث قد يمثل التغيب عن العمل هنا مشكلة. --تأثيراته؟ وقال وزير النقل الأمريكي بيت بوتيغيغ إن النقص في مراقبي الحركة الجوية قد يتفاقم خلال إغلاق الحكومة. وقال البيت الأبيض إن المسافرين سيتوقعون تأخيرات شديدة وانتظارا أطول في المطارات في جميع أنحاء البلاد. وستوقف وكالة حماية البيئة الأمريكية معظم عمليات التفتيش على مواقع النفايات الخطرة ومياه الشرب والمنشآت الكيميائية، مما قد يعرض سلامة مياه الشرب للخطر. وقد تضطر إدارة الغذاء والدواء أيضا إلى تأخير عمليات التفتيش على سلامة الأغذية. وقد تظل بعض المتنزهات الوطنية مفتوحة، ولكن سيتم إغلاق المرافق مثل الحمامات ومراكز الزوار، وفقا لخدمة المتنزهات الوطنية. وتقدر جمعية صناعة السفر الأمريكية أن تخسر صناعة السياحة حوالي 140 مليون دولار يوميا في حالة إغلاق الحكومة. وعلى الرغم من أن الإغلاق قصير الأجل سيكون له آثار محدودة على الاقتصاد، إلا أن التأثيرات يمكن أن تصبح كبيرة إذا استمر الجمود. ومن الممكن أن يقلل العمال الفيدراليون الذين تم إجازتهم من الإنفاق أثناء الإغلاق، ما يؤدي إلى تراجع النمو الاستهلاكي، كما ستقلل الحكومة مؤقتا من مشترياتها من السلع والخدمات. ووفقا لمكتب الموازنة بالكونغرس، فإن الإغلاق الأخير قد أدى إلى خفض الناتج الاقتصادي بنسبة 0.1 بالمائة في الربع الرابع من عام 2018 وبنسبة 0.2 بالمائة في الربع الأول من عام 2019. --لماذا يحدث؟ ليس من غير المألوف أن توقف الحكومة الفيدرالية الأمريكية عملياتها بسبب المعارك السياسية الشديدة بين الحزبين، خاصة مع تزايد العداء الحزبي في السنوات الأخيرة. وقد حدث أحدث وأطول إغلاق حكومي في الفترة من أواخر عام 2018 إلى أوائل عام 2019، عندما عارض الديمقراطيون تمويل الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي اقترحه الرئيس السابق دونالد ترامب، ووصل الحزبان إلى طريق مسدود بشأن قضايا الهجرة، ما أدى إلى أزمة إغلاق الحكومة لمدة خمسة أسابيع. وفي 2013، إبان إدارة باراك أوباما، عرقل بعض المشرعين الجمهوريين المحافظين تنفيذ برنامج أوباماكير، ما أدى إلى إغلاق الحكومة لمدة 16 يوما. ومع تفاقم الاستقطاب السياسي، يبذل أعضاء الحزب المعارض في الكونغرس كل ما في وسعهم ويشتبكون بشدة مع الحزب الذي يتولى المقاليد بشأن القضايا الرئيسية. وفي الوقت الحالي، يحتفظ الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس جو بايدن بأغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، بينما سيطر الجمهوريون على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي العام الماضي، وهو ما صعب على بايدن دفع أجندته التشريعية. ويخوض الحزبان حاليا معركة جديدة على مخصصات العام المالي الجديد، ولا يزال التباعد بينهما هو سيد الموقف، وتطالب الخطة التي قدمها الجمهوريون في مجلس النواب خفض إنفاق الوكالات الفيدرالية بنسبة 8 بالمائة وتشديد القيود على الهجرة. ومع ذلك، فقد واجه مشروع القانون معارضة داخل الحزب الجمهوري، ومن غير المرجح أن يحظى بدعم الديمقراطيين. ويكثف زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الضغط على الجمهوريين في مجلس النواب لتمرير مشروع قانون تمويل مؤقت لتجنب إغلاق الحكومة، لكن لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي سيؤمن الأصوات الكافية لتمرير مشروع القانون. وقال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي "لقد اتخذ مكارثي قرارا بإغلاق الحكومة.. فترة.. توقف". وقال مكارثي، الذي يشعر بالإحباط من المتمردين المحافظين، إن بعض الأفراد "يريدون فقط إحراق المكان بأكمله".
مشاركة :