خرجت حشود كبيرة من المواطنين المغاربة في مسيرة حاشدة، أمس بالرباط، للتنديد بالانزلاقات اللفظية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الأقاليم الصحراوية المغربية. وشارك اكثر من ثلاثة ملايين شخص في هذه المسيرة الشعبية تلبية لنداء كانت قد دعت إليه، السبت، الأحزاب السياسية والنقابات وهيئات المجتمع المدني، وللتعبير عن الإجماع المغربي حول وحدة البلاد الترابية. وقدم المتظاهرون من كافة المدن المغربية للمشاركة في هذه المسيرة الوطنية، حيث شكلوا أمواجا بشرية غمرت الشوارع الرئيسية لوسط العاصمة الرباط. ورُفعت خلال هذه المسيرة شعارات قوية منددة بانحياز الأمين العام الأممي وبتصريحاته التي استفزت مشاعر الشعب المغربي، من قبيل «بان كي مون ينقسم، والمغرب لا ينقسم». كما طغت خلال هذه المسيرة شعارات تؤكد على مغربية الصحراء واستعداد الشعب المغربي للتضحية بدمائه مقابل عدم التفريط في ذرة من رمال الصحراء. وعرفت المسيرة مشاركة واسعة لمختلف الأحزاب، من صفوف الأغلبية والمعارضة، بالإضافة إلى النقابات العمالية وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني. وأجمع المشاركون على التنديد بتصريحات بان كي مون، التي أطلقها خلال زيارته للمنطقة بداية شهر مارس الجاري، وطالبوه بالتراجع عنها وتقديم اعتذاره. وجاءت هذه المسيرة الشعبية الحاشدة يوما فقط بعد أن عقد البرلمان المغربي، بغرفتيه، دورة استثنائية لمناقشة مستجدات ملف الصحراء، أعقبها بلاغ شديد اللهجة عبر فيه البرلمانيون المغاربة عن «شجبهم القوي وبأشد العبارات للمواقف المنحازة وغير المسؤولة والتصريحات المستفزة التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة، ورفضهم لها جملة وتفصيلا»، معتبرين أن «هذه التصريحات تشكل انحرافا خطيرا عن نبل أهداف ورسالة وطبيعة منظمة الأمم المتحدة وخروجا عن روح ميثاقها المؤسس وعما راكمته من سياسات في مجال التجرد وسعي إلى خدمة السلم والاستقرار عبر العالم». ويشار إلى أن الحكومة المغربية كانت قد دانت بدورها، وبأشد العبارات، الانزلاقات اللفظية للأمين العام الأممي بان كي مون. وأبدى رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، استغرابه من تناقضات بان كي مون وتعمد استفزاز المغرب والمس بسيادته، في الوقت الذي غض فيه الطرف عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الصحراويين المحتجزين في تندوف، جنوب شرق الجزائر، حيث تقيم البوليساريو معسكراتها. وشدد على أن الأجدر بالأمين العام للأمم المتحدة، أن يقدر مخاطر الإرهاب وعدم الاستقرار التي تحف بالمنطقة، وأن يعترف، كما الدول العظمى، بالنموذج الديمقراطي والفريد الذي يشكله المغرب، والذي يشكل مثالا يحتذى في المنطقة، بما يحققه من تزاوج بين تحقيق الأمن والاستقرار، وترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، عوض تشجيع الكيانات الوهمية ومنطق التجزيء الذي لا يمكن أن يؤدي إلا لمزيد من عدم الاستقرار». وكان وزير الخارجية المغربي قد أكد بأن تصريحات بان كي مون ستكون له تبعات. وأوضح صلاح الدين مزوار، في تصريح له بالبرلمان، «الخلاصة إذن هو أن ما حدث هو مس بجوهر الأمم المتحدة أي الحياد، ومس كذلك بالقانون الدولي في هذا المجال وهو ما ستكون له بالطبع تبعات بالنسبة للموقف المغربي».
مشاركة :