سجّلت منصات السفر البارزة حجوزات كاملة، بينما غصّت قاعات المغادرة الدولية في المطارات بطوابير المسافرين الصينيين المتحمسين للسفر نحو وجهات عالمية شهيرة، في مشهد يعكس ما يزخر به سوق السياحة الخارجية في الصين من بهجة وازدهار. يحرص الصينيون على الاحتفال بعيد منتصف الخريف بشكل تقليدي، وهو مناسبة هامة تتميز بلم الشمل بين العائلات والأصدقاء، إلا أنهم استفادوا أيضاً في العام الجاري من تزامن عيد منتصف الخريف وعطلة العيد الوطني خلال الفترة ما بين يومي 29 سبتمبر الماضي إلى 6 أكتوبر الجاري، لتنظيم رحلات سياحية خارجية. وفي هذا السياق؛ أظهرت نتائج بيانات معنية أصدرتها منصات سياحة صينية رائدة تشمل "تريب.كوم" و "فليجي" حول عطلة العيد الوطني التي تُعرف بـ"الأسبوع الذهبي"، أظهرت ارتفاعاً كبيراً للطلب على الرحلات الخارجية بلغ نحو 20 ضعفاً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبدورها؛ تلقفت العديد من الدول هذه الفرصة الهامة للاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي توفرها سوق السياحة الصينية، حيث أعلنت تايلاند باعتبارها واحدة من أكثر الوجهات شعبية للسياح الصينيين، عن سياسة دخول معفى من التأشيرة مدتها خمسة أشهر للسياح الصينيين في شهر سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين؛ تزايدت الطلبات والاستفسارات حول السفر والحجوزات الخاصة بالدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا في النمو، لتحتل تايلاند المرتبة الأولى بين أفضل الوجهات للسفر إلى الخارج خلال العطلة المستمرة. وحول ذلك؛ قال لي قاو تشاو، مساعد المدير العام لوكالة سفر دولية كبرى في مقاطعة شانشي في شمالي الصين، إن سياسة الإعفاء من التأشيرة توفر حوالي 500 يوان (حوالي 69.64 دولار أمريكي) من تكاليف السفر. وبعد أن استأنفت وكالات السفر الصينية ومقدمو خدمات السياحة عبر الإنترنت توفير جولات سياحية جماعية إلى مجموعة موسعة من البلدان والمناطق في شهر أغسطس الماضي، تزايدت شعبية مسارات السفر المتوجهة إلى وسط وشرقي أفريقيا، إلى جانب أوروبا، فضلاً عن حجز برامج سياحية بالكامل منذ أوائل شهر سبتمبر الماضي لرحلات نحو وجهات في الشرق الأوسط مثل دبي. وفي هذا السياق، حرص ممثلو العديد من البلدان على القدوم إلى الصين للترويج السياحي لبلدانهم لجذب العملاء والزبائن الصينيين، مستفيدين من الانتعاش السريع الذي يشهده سوق السياحة الخارجية في البلاد. وفي الآونة الأخيرة، تعاونت مجالس السياحة الوطنية في دول مثل الدانمارك وفنلندا والسويد ولجنة السياحة الأوروبية مع وكالة "مافنغوو" الصينية للسياحة والسفر عبر الإنترنت لجذب السياح إلى شمالي أوروبا. ومن جهتها؛ وقعت منظمة السياحة الكورية في منتصف شهر سبتمبر الماضي، مذكرة تفاهم حول التعاون مع مجموعة "تريب.كوم"، حيث من المتوقع أن يصل عدد السياح الصينيين المتجهين إلى جمهورية كوريا خلال عيد منتصف الخريف والعيد الوطني إلى ذروته السنوية. وبالنظر إلى ما تشهده صناعة السياحة في الصين من انتعاش وازدهار، يرى المطلعون على الصناعة أنه ومع التغيير في تفضيلات الاستهلاك، يميل السياح الصينيون أكثر إلى خوض تجارب متعمقة وخدمات عالية الجودة، ولذلك أصبحت الجولات السياحية الجماعية الخاصة المرنة أكثر شعبية خلال موسم العطلة الحالي. وتأكيداً على ذلك، قال تشاو ون تشي، رئيس شركة "جي زي إل" المحدودة الدولية للسياحة والسفر، التي تقع في مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، قال إن طلب السياح على السياحة الخارجية الراقية آخذ في الازدياد، ومن المتوقع أن تصبح بعض مسارات المجموعات الصغيرة عالية الجودة ذات العناصر السياحية النادرة نقاطاً ساخنة خلال فترة "الأسبوع الذهبي". ويشير الخبراء إلى أن استئناف الصين للجولات السياحية الجماعية الخارجية سيلعب دوراً إيجابياً في تعزيز انتعاش صناعة السياحة العالمية، بالنظر إلى كونها أكبر مصدر للسياح المتجهين للخارج. وبحسب نتائج تقرير مسح رؤى المستهلك العالمي في الصين لعام 2023 الصادر عن شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" للتدقيق والاستشارات العالمية، توقع 62 في المائة من المستهلكين الصينيين أنهم سيزيدون الإنفاق على السفر، فيما توقع أكثر من 50 في المئة منهم أنهم من المحتمل أو من المرجح للغاية أن يسافروا على متن رحلة دولية في الأشهر الستة المقبلة، ما سيجلب فرصاً كبيرة لقطاعات السياحة والضيافة والتجزئة العالمية.
مشاركة :