قال عبد العالي الصافي المحامي بهئية القنيطرة إن بلاغ الديوان الملكي حول تعديل مدونة الأسرة كان واضح المعالم مشيرا إلى أننا اليوم بحاجة قصوى لهذا التعديل. وأضاف الصافي في فقرة" 3أسئلة" أن الإصلاح المنشود يجب أن يتم فيه استحضار المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. وفيما يلي نص الحوار.. كيف قرأتم بلاغ الديوان الملكي حول موضوع تعديل مدونة الأسرة؟ البلاغ الملكي يحمل مجموعة من الإشارات، إذا تحدثنا عن الجهة التي وجه لها البلاغ فهو رئيس الحكومة عزيز أخنوش الذي تمنحه صفته سلطة تحريك الوسائل و الإمكانيات المتاحة لدى الإدارة و كذلك سلطة التنسيق بين المؤسسات و المكونات و الفعاليات و المتدخلين في موضوع مدونة الاسرة باعتباره موضوعا تتداخل فيه عدة جوانب أهمها الجانب القانوني و الجانب الشرعي و الجانب الاجتماعي و الحقوقي و ما الى ذلك. الا أنه من أجل أجرأة الإصلاح المنشود , فان جلالة الملك أسند لجهات بعينها الاشراف العملي على اعداد هذا الإصلاح متمثلة في وزارة العدل و المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة و ذلك بالنظر لمركزية الشقين القانوني و القضائي في هذا الموضوع , و هو امر محمود على اعتبار ان العمل القضائي بشقيه الجالس او الواقف وقف على مجموعة من الاعطاب في التطبيق العملي لمدونة الاسرة من جهة و من جهة ثانية فهي محاولة جيدة من اجل أن يتم الإصلاح باشراك و اعمال ما استقر عليه الاجتهاد القضائي في هذه المادة . و اخيرا دعا جلالة الملك الى اشراك الهيئات الأخرى التي تمثل الابعاد الشرعية -ممثلة في المجلس العلمي الأعلى-و الحقوقي –ممثلة في المجلس الوطني لحقوق الانسان- و البعد المجتمعي و الاجتماعي –ممثلة في الوزارة الوصية , مع الانفتاح على هيئات و فعاليات المجتمع المدني و الباحثين و المتخصصين. من خلال قراءة هذه التركيبة ماهي أهم الخلاصات التي يمكن استخلاصها؟ إن ملف اصلاح مدونة الاسرة لا تنفرد به جهة معينة و خصوصا وزارة العدل كما ان اسناده بشكل مشترك لثلاث جهات أساسية يشير الى أن هذا الموضوع هو موضوع قانوني- قضائي بامتياز . كما أن إشراك الجانب الشرعي و الحقوقي و الاجتماعي له دلالات واضحة أهمها ان هذا الموضوع يتجاذبه تيارين أساسيين في المغرب و هما التيار المحافظ من جهة و التيار الحداثي من جهة ثانية و يشير كذلك بان هذا الملف هو ملف مجتمعي مادام أنه يتفاعل مع أهم مؤسسة اجتماعية في أي مجتمع و هي مؤسسة الاسرة. هل لموضوع مراجعة مدونة الاسرة راهنية؟ وهل أصبح حاجة مجتمعية يجب أن يتدخل المشرع من أجل الإجابة عنها ؟ حقيقة،إن القانون رقم 70.03 بمثابة قانون الاسرة الذي عوض مدونة الأحوال الشخصية صدر سنة 2004 أي أنه لم يعد يفصلنا عن أكمال عقده الثاني إلا أشهر قليلة و بذلك يكون قد أكمل عشرين سنة من التطبيق . إذا كان صحيحا أنه شكل في تاريخ سنه ثورة حقوقية حقيقية لكونه أتى بنصوص جربت لأول مرة في هذه العشرين سنة , أبرزها التطليق للشقاق , حيث أصبح متاحا للرجل كما للمرأة طلب الطلاق الذي كان حكرا على الرجل و سن الزواج و الولاية المراة على نفسها و تقنين التعدد و اعتبار عقد الزواج هي الوثيقة الوحيدة التي تثبت الزواج و حصر دعوى سماع الزوجية في الزمان و ما الى ذلك من النصوص. و كذلك يمكن اعتبار مدونة الاسرة هي من فتحت الباب و يسرت لاقتحام القوانين المصاحبة لها و نخص بالذكر قانون الجنسية الذي جاء بعدة مقتضيات في صالح المراة و في صالح الاسرة المغربية, الا أن التطبيق لعقدين من الزمن أشر على عدة أعطاب من جهة و من جهة ثانية كشف أن مجموعة من الفصول سقطت بعدم التطبيق ’ أي أنها لم تعد حاجة مجتمعية و أصبحت بالتالي متجاوزة بفعل التغيرات التي شهدها العالم مؤخرا و المجتمع المغربي. حيث أن الاسرة المغربية التي انتقلت من الاسرة الممتدة الى شكل اخر لا يمكن ان نسميه اسرة نووية و اذا سميناه كذلك فسيكون باستعمال الكثير من التجاوز أو على الأقل هو أسرة نووية بخصوصية مغربية , عرفت تحولات و تغيرات حادة و في العمق بفعل مجموعة من العوامل أهمها تأثير المجال المفتوح و كذلك الثورة التكنولوجية و الإعلامية و ما الى ذلك . إذن هل تعتبرون أن مدونة 2004 أصبحت متجاوزة في ظل التحولات التي يشهدها المغرب؟ نعم، مدونة 2004 أصبحت متجاوزة بشكل كامل لذلك نادت مجموعة من الهيئات و الإطارات بتغيير شامل للمدونة فكان الجواب واضحا في خطاب مولوي سنة 2022 أكد على أن جلالة الملك لن يحل ما حرم الله و لن يحرم ما أحل الله , لكن بالمقابل حدد جلالته الخطوط العامة و الأساسية لاي اصلاح الذي يجب ان يستند على فضيلة الاجتهاد البناء و الانفتاح على العلوم الإنسانية ذات الصلة .... الا أن الإصلاح المنشود يجب أن يتم استحضار فيه المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب و من بينها اتفاقية مكافحة كل اشكال التمييز ضد المرأ. و اتفاقية حماية حقوق الطفل و جعل المصلحة الفضلى للطفل كبوصلة في حل الإشكالات العالقة.
مشاركة :