نظمت ندوة الثقافة والعلوم، أول من أمس، جلسة نقاشية بعنوان «واقع الأدب وإشكاليات السرد في الإمارات: اللغة والنقد»، شارك فيها: د. مريم الهاشمي أستاذة اللغة العربية والدراسات الإماراتية في كليات التقنية العليا بالشارقة، ود. جمال المقابلة أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمارات والجامعة الهاشمية في الأردن، والروائية والقاصة صالحة عبيد وأدارتها الإعلامية عائشة سلطان. حضر الجلسة، بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة، وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس، ود. صلاح القاسم المدير الإداري، وأعضاء مجلس الإدارة، ود. حصة لوتاه والأديب عبيد بو ملحة ونخبة من المهتمين. استهلت عائشة سلطان الجلسة قائلة: إن هناك من يقول، ما الفائدة من الأدب؟ ولماذا نتحدث في الأدب؟ ولماذا نقرأه؟ والأدب لا تقتصر أهميته على كونه روايات وقصصاً وقصائد تكتب بأساليب بلاغية جميلة ينتهي أثرها بمجرد قراءة القصيدة أو إنهاء الرواية، ولكن الأدب يمثل الذاكرة الجمعية التي تحافظ على إرث وثقافة وأساطير المجتمعات، فالمجتمعات خلدت نفسها عبر المدونات السردية الهائلة التي يقرؤها العالم منذ قرون.وتساءلت عائشة سلطان عن ملامح تقنيات السرد في دولة الإمارات، ولماذا المنجز الإماراتي الأدبي لا يزال محدوداً أمام المنجز الأدبي في كثير من الدول القريبة جغرافياً؟ علاقة ودور وأكدت د. مريم الهاشمي أن النقد لغة فوق لغة وبيت متعدد النوافذ وأهم مقاصد النقد الأدبي استجلاء خواص النص الفنية وهي القراءة العالمة للنص، ومنه الخطاب السردي وأن السرد اليوم عالم تنخرط فيه أقسام علم النفس واللغويات وعلم الأعصاب وفلسفة الذهن وبحوث الذكاء الصناعي وعلوم النفس المعرفية؛ لتنقسم إلى بلاغة معرفية، وبريطيقا معرفية وعلم سرد معرفي. وعلم جمال ونظرية أدبية تطورية وارتقائية. وأوضحت أن النقد محاولة لإجراء حوار بين الدراسات الأدبية وعلوم الذهن، ومن شأنه أن يساعدنا على عبور الهوة الفاصلة بين الفن والعلم، وأن يشجع على تنمية الاحترام المتبادل بين دارسي العلوم الإنسانية ودارسي العلوم الطبيعية والاستفادة من النسقين على نحو يبعد الممارسة النقدية عن طابع التنظير. وأوضحت الهاشمي أن الممارسة النقدية تنهض على فعل القراءة، على نحو يحقق التداخل متعدد الوجوه والتشابك شديد الخصوبة. ورأت أنه اليوم وبالفعل القرائي والتلاقح مع العلوم الأخرى دخلت الرواية في الإمارات مرحلة الرواية الجديدة، التي غلب عليها طابع التجريب والحداثة في الشكل والمضمون وظهرت أسماء روائية أثبتت حضورها الجاد مشبِعة ذائقة شرائح مختلف المتلقين. «حول العالم في 22 يوماً» واستعرض د. جمال المقابلة الواقع الأدبي في الإمارات انطلاقاً من كتاب «محمد المر» في أدب الرحلات المنشور في طبعته الأولى في سنة 1998 تحت عنوان «حول العالم في 22 يوماً» والذي عده نموذجاً تأسيسيّاً في السرد القصصي والروائي وأدب الرحلات، بمستوى ثقافي وفني يجب أن ينظر إليه كل التالين من المبدعين في القصة القصيرة والرواية وأدب الرحلات وكتابة السيرة، على أنه ركيزة ومعتمداً أدبيّاً نوعياً. كما تناول د. جمال المقابلة رائعة «لذة المرض سيرة المستشفى» للراحل أحمد راشد ثاني وعدّها نصاً على درجة عالية من الأهمية بتقسيماته السباعية. وكذلك تعرض لرواية «بئر معطلة» لفاطمة الكعبي، و«يوميات روز» لريم الكمالي ومجمل أعمال الكاتبة. كما تطرق إلى «مدونة مسافر» لعبدالعزيز المسلم. وناقش أعمال ميسون القاسمي مضيئاً على رواية (مقهى ريش عين على مصر) التي رأى أنها تعبر عن مدى مشاركة الكاتب الإماراتي في المشهد الثقافي العربي، وتطرق لـ«نصوص الموت» لعبيد بوملحة إضافة إلى الكثير من الأعمال الأخرى. تنوع وعبرت صالحة عبيد عن حال أدباء الإمارات من الجيل الشاب، فقدمت في البداية عرضاً لأعمال بداية من كتابتها القصة القصيرة أولاً، ثم مع تطور البحث والدراسة والتعمق في الشخصيات تكون الرواية، كما قال أمين معلوف في أحد أعماله إن النفاذ إلى العمق الحميم للمجتمع يكون عبر آدابه. وأكدت صالحة أن التجارب السردية التي بدأت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ذهبت إلى الماء وابتعدت عنه. وبينت أن هناك جيلاً كتب بلغة وأسئلة مختلفة، وجيلاً آخر يعاني قلق العودة إلى الجذور أو الذهاب إلى الماء فلا يخرج. وأكدت أن غالبية أعمالها تعكس هذا القلق والاغتراب أحياناً. وذكرت صالحة أن الأديب محمد المر في إحدى المرات، قال لها إن الكتّاب الشباب يهربون من مكانهم وحكاياتهم الخاصة، إلى أماكن أخرى بينما على الكاتب أن يقترب من تجربتهم ويلتصق بمحيطه ومكانه ليصل إلى مكانة خاصة. ضرورة وأجمع المشاركون على أهمية الكتابة باللغة العربية وبينوا أن التعدد اللغوي مهم لكثير من الأعمال لأنه يحافظ في كثير من الأحيان على مفردات قد تندثر، ولكن أن يكتب عمل باللهجة العامية أو المحلية فقط، فهذا يفقد العمل الأدبي الانتشار. وذكرت د. حصة لوتاه أن هناك مرجعيات دائماً ما يتم الاستناد إليها، ولذلك فإن غالبية اللهجات أصولها عربية والتداخل بين اللغة واللهجة مطلوب، وأن غياب النقد الذي يسهم في إثراء الكتابة عامل إضافي لمحدودية المنجز الأدبي. وأشار علي عبيد الهاملي إلى أن تاريخ السرد في الإمارات يؤرخ برواية «شاهندة» قبل خمسين عاماً، ولذلك لا بد من تشجيع الكتاب وإعطاء التجارب الأدبية الحالية مهلة من الوقت للبلورة والتقييم. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :