أقيمت باتحاد كتاب وأدباء الإمارات ندوة بعنوان «الشعر العمودي في تجربة الشعراء الشباب في الإمارات»، شارك فيها الباحث الدكتور عيسى الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، وقدمت فيها الشاعرة والكاتبة أمل السهلاوي قراءة شعرية تطبيقية، كما أدارت الندوة الكاتبة والإعلامية الإماراتية شيخة المسماري. وفي ورقته طرح الدكتور الحمادي محاور للنقاش تناول فيها موضوع التنوع الشعري الإماراتي بين سبعينيات القرن الماضي وتسعينياته، والتعايش بين الشعراء الإماراتيين وشعراء التفعيلة وظهور وانتشار قصيدة النثر وازدهارها، وأسباب العودة إلى الشعر العمودي. وقال إنّ البيئة الشعرية في فترة سبعينيات القرن العشرين في الإمارات كانت بيئة الشعر العمودي، كما مثّل عقد الثمانينيات زمن قصيدة التفعيلة، ومثلت أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات زمن قصيدة النثر، ليتشكّل بعد ذلك تدريجيّاً تنوعٌ شعري إماراتي خلال ثلاثة عقود حدث في أواخرها أو بعد ذلك من الوقت نوعٌ من القبول لقصيدة النثر بعد مراحل سابقه من الرفض. ورأى الحمادي أنّ ظهور قصيدة النثر في الإمارات في بيئة شعرية كلاسيكية محافظة استند إلى شعراء لهم مرجعيات ثقافية أو أدبيه كلاسيكية محافظة، متحدثاً عن تحديات قصيدة النثر في أن تشكّل حالة أدبية لها وزن ثقافي في بيئة شعرية كلاسيكية ترفض حتى التحول إلى شعر التفعيلة. وتحدث عن موجات الحداثة الشعرية التي بدأت مع تأسيس الدولة، ذاكراً نماذج من شعرائها في عقد السبعينيات من القرن الماضي، وكذلك أسس قصيدة النثر للجيل الثاني، والتطور الذي استمر بجيل تالٍ للجيل السابق، كموجة ثالثة من الشعراء. كما تناول الموجة الرابعة من شعراء الحداثة وشعرائها الشباب، وقال إنّ هناك اتجاهاً ملحوظاً للشباب نحو تخطّي الشكل الكلاسيكي إلى قصيدة النثر، بسبب ما شهدته دولة الإمارات من تطورات وانتقالات سريعة، متناولاً الاختلاف الكبير بين عالم القصيدة العمودية والنثرية، من حيث الشكل والوظائف، كما يرى بعض النقّاد، وقناعة آخرين بأنّ المسألة الإبداعية متعلقة بالشاعر نفسه وقدرته على التعبير في كل الأنواع الشعرية. المشهد الثقافي وألقى الحمادي الضوء على عدد من الشعراء الذين كتبوا عدة أجناس أدبية وفنية، كالقصة القصيرة والسينما والمسرح والرسم والرواية، إضافة إلى أشكال الشعر ما بين العمود والتفعيلة وقصيده النثر. ورأى أنّ قصيدة النثر أثبتت نفسها بجدارة وتألُّق ولم تواجه أيّ إهمال رسمي من قبل المؤسسات الثقافية، فضلاً عن اهتمام الملاحق الثقافية للصحف بها ونشرها لشعراء وجدوا أنفسهم في قلب الحداثة العربية. وقال إنّ من أسباب عودة المشهد الثقافي اليوم إلى الشعر العمودي توالي صدور المجاميع الشعرية منذ الثمانينيات وحتى الوقت الحاضر في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي في آنٍ واحد، لافتاً إلى حضور قصيدة النثر وتأثيرها الكبير في رسم أدب الحداثة في الدولة في ظل عصر الازدهار والتقدم، وكذلك بروز صحوة الشعر العمودي، وكون الشاعر الإماراتي ليس مقطوعاً عن التراث الشعري العربي والنثري، إضافةً إلى أنّ القصيدة العمودية أصبحت مطلباً جماهيريّاً بما تشّكله للشعراء من حنين للماضي وامتداد للأصالة. وذكر الحمادي ميزة تمتّع المشهد الثقافي الإماراتي باحتوائه على الأصالة والمعاصرة والحداثة والتراث، وانعكاس ذلك على النتاج الأدبي. ورأى الحمادي أنّ من أسباب عودة القصيدة العموديّة أنّ قصيدة النثر يجب ألا يخوض غمارها إلا متمكنٌ من كتابة قصيدة العمود أصلاً، أو قصيدة التفعيلة، لكي لا تكون قصيدة النثر ملجأً لمن يريد الهروب من عدم قدرته على كتابة القصيدة الكلاسيكية. وقرأت أمل السهلاوي عدة قصائد منها قصيدة بعنوان «وتخطو على طرف الحياة».
مشاركة :