محامي: مراجعة مدونة الأسرة يجب أن تكون بشكل دوري لمسايرة تطورات المجتمع

  • 10/3/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الدكتور والمحام بهيئة تطوان محمد عبكار أن قرار مراجعة مدونة الأسرة راجع إلى عدة أسباب منها ما هو ذا طبيعة قانونية صرفة مثلما هو الحال بخصوص ضرورة وفاء المملكة المغربية بالتزاماتها تجاه المنتظم الدولي وتحديدا تجاه الاتفاقيات التي انضمت أو صادقت عليها المملكة وخاصة ما تعلق منها باتفاقية سيداو التي تعنى بمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ثم دوافع أخرى كتحقيق نوع من الملاءمة مع الوثيقة الدستورية لسنة 2011 التي تؤكد على مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. واعتبر عبكار في تصريح لموقع القناة الثانية التحولات التي طرأت على بنية المجتمع المغربي "دافعا رئيسيا للقول بضرورة مراجعة المدونة"، مضيفا: "فهذه الأخيرة مضى على إقرارها ما يقارب العقدين من الزمن، والعمل بمضامينها، أفرز عدة اشكالات، وأبان عن نواقص وثغرات يتوجب تداركها". وشدد عبكار على أن مدونة الأسرة "ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة الإنسان منذ الولادة، وآثارها تستمر في تأطير كل جوانب حياته، ومن هنا تظهر أهمية وحساسية هذا القانون، وهو ما يستوجب ضرورة مراجعته بشكل دوري بما يسمح بمسايرة التحولات التي تطرئ على بنية الأسرة و من ثم المجتمع". وأشار عبكار إلى أن قانون الأحوال الشخصية في العالم العربي و الإسلامي عموما كانت على الدوام مصدر خلاف وجدال بين مختلف نخب المجتمع، مضيفا: "وهذا النص مثله مثل أي نقص قانوني آخر، العمل به سيفرز عدة إشكالات، وهو ما يتوجب معه التدخل بتعديلات تعمل على إيجاد حلول تحقق توازنا في العلاقات الأسرية وتحفظ لكل الأطراف حقوقها".. ومن أبرز المواد في المدونة الحالية التي يتوجب التدخل بتعديلها حسب عبكار "المقتضيات التي تسمح بزواج القاصر الذي لم يعد له ما يسوغه قانونا ولا أخلاقا، بالنظر إلى ما يترتب عنه من مضار تلحق سواء بالزوجة القاصر نفسها أو أبنائها في حالة لم تتوفق في زيجتها"، مضيفا: "في حال تعذر حذف هذه المواد، يتوجب عندئذ على الأقل، تشديد الإجراءات والشروط التي يتم إقرارها لإصدار الإذن بمثل هذا الزواج، وذلك من خلال النص على وجوب تشكيل لجنة مختلطة مشكلة من طبيب و أخصائي نفسي وآخر اجتماعي و لا يبث القاضي في طلب الإذن بالزواج الا بعد صدور تقرير إيجابي أو سلبي بخصوصه". هذا وأشار عبكار إلى ضرورة مراجعة نص المادة 49، موضحا: " لأنها صيغت بشكل لم يؤدي الغاية من إقرارها، لصعوبة إثبات مشاركة الزوجة في تنمية أموال الأسرة، خصوصا وأن الواقع العملي أثبت احجام المرأة المغربية عن اللجوء إلى إبرام وثيقة مستقلة عن عقد الزواج تحدد طريقة تدبير الأموال المكتسبة خلال فترة سريان عقد الزواج، وهو ما نتج عنه رفض القضاء المغربي لأغلب الطلبات التي وردت إليه بهذا الخصوص بعلة عدم وجود إثبات بخصوص ادعاءات المساهمة التي تتمسك بها الزوجة". وأبرز عبكار أن تثمين عمل الزوجة، وتقييم كل المجهودات التي تقدمها في سبيل رخاء الأسرة وخدمة أطرافها سواء تعلق الأمر بتدبير أمور البيت والإشراف على حاجيات الزوج أو الابناء، من شأنه أن يرفع الحيف عن الزوجة، خاصة و أن عمل الزوجة بالمنزل رغم أهميته ظل عديم المردودية،و لا يؤخذ اطلاقا بعين الاعتبار عند الحديث عن قسمة الممتلكات. وتابع عبكار: "من خلال الاطلاع على القضايا الرائجة أمام محاكم الأسرة ، يلاحظ أن قضايا النفقة تشغل حيزا كبيرا من عدد القضايا التي تعرض على أنظار القضاء المغربي، والملاحظ كذلك أن المبالغ المحكوم بها نضير النفقة لا تفي في الغالب بجميع احتياجات الزوجة والأبناء، كما أنه وفي حالات كثيرة لا يتمكن الزوج ولاعتبارات اقتصادية من الوفاء بهذا الالتزام وهو ما يدفع بالزوجة إلى تقديم شكاية من أجل إهمال الاسرة، ورغم ورود محضر يثبت فيه المفوض القضائي امتناع الزوج عن تنفيذ الحكم القاضي بالنفقة مع الإشارة إلى عدم وجود ما يحجز، إلا أن النيابة العامة لا تراع هذا العجز فتقوم بالمتابعة في حالة اعتقال وهو ما يتناقض مع المواثيق الدولية بخصوص حالة العسر ، ويتسبب في اكتظاظ السجون". ولتلافي هذه الإشكالات، دعا عبكار إلى إحداث صناديق، تمول من خلال مساهمين من قطاعات مختلفة، وكذا عبر فرض رسوم قضائية في بعض الدعاوى، ويقوم هذا الصندوق بالحلول محل الزوج العاجز عن الإنفاق في تنفيذ منطوق الحكم القاضي بالنفقة، إلى حين زوال العجز ، ولا يلجئ إلى الاعتقال إلا في نطاق ضيق هو ثبوت الامتناع مع وجود حالة يسر الزوج. هذا ودعا عبكار إلى مراجعة النقطة المتعلقة بالولاية الشرعية للأب، مقترحا أن يتم اللجوء في بعض الحالات إلى الولاية المشتركة بين الأبوين المنفصلين، مع جعل المصلحة الفضلى للمحضونين هي الأساس عند نشوب أي نزاع يمكن أن يثار بصدد تنفيذ مقتضيات الولاية من أي طرف. وشدد عبكار على ضرورة إعادة النظر في مقتضيات إثبات النسب، وخاصة في الجوانب المتصلة بتسهيل إمكانية اللجوء إلى إجراء خبرة جينية للتأكد من العلاقة البيولوجية بين طرفي الدعوى، مع ترتيب كافة الآثار القانونية متى تأكدت رابطة البنوة. وفي نفس السياق، أكد عبكار أن العمل "بالنصوص المتعلقة بالحضانة بصيغتها الحالية، ينطوي على الكثير من الإجحاف في عدد من الحالات، ولكلا الطرفين، وهو ما يتوجب التدخل برفعه من خلال أكثر من تعديل وفي أكثر من اتجاه على أن يتم دائما مراعاة المصلحة الفضلى دائما للمحضون". وخلص عبكار إلى أن الحديث عن التعديلات المقترحة والمفترض اقتراحها كثيرة ومتعددة "لكن طريق الوصول إليها تعترضه صعوبات وعراقيل كثيرة، ولتذليل هذه العقبات يتعين الاشتغال وفق منهجية تشاركية توافقية، قائمة بالأساس على اعتبار أن أغلب مطالب التعديل منصبة على مقتضيات هي في الأصل محط اجتهادات فقهية، كانت متلائمة مع واقع المجتمعات التي صدرت فيها ومتوافقة مع احتياجاتها، ومع الذهنيات السائدة بها ، وهو ما لم يعد متوافقا مع ما يشهده المجتمع من تغيرات متلاحقة على جميع المستويات خاصة مع تعلم المرأة وخروجها للعمل، ومنافسة الرجل في كل المجالات".

مشاركة :