واشنطن وموسكو تمسكان زمام الأمور في سوريا بعد 5 سنوات على الحرب

  • 3/15/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعد خمس سنوات على نزاع دام، أمسكت واشنطن وموسكو بزمام الأمور في سوريا وهما تفرضان رؤيتهما على الأطراف المتنازعة متجاوزتين القوى الإقليمية، بحسب ما يقول محللون وسياسيون. ويقول هيثم مناع، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، وهو تشكيل معارض لا يشارك في مفاوضات جنيف التي بدأت أمس، تتباحث القوتان الكبريان عبر الهاتف وفي اي مكان في العالم، ومن ثم تبلغان قرارهما لحلفائهما السوريين ولـ(موفد الامم المتحدة الى سوريا) ستافان دي ميستورا. ويضيف انهما تحددان خطوطًا حمراء للقوى الاقليمية لا يجدر بها تخطيها. فيحذر الأمريكيون الاتراك من اي عملية داخل سوريا. وتقوم روسيا بالأمر نفسه مع ايران. ويعد اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي بدأ العمل به في 27 فبراير النموذج الافضل على التعاون الروسي الامريكي. وخلافًا للتوقعات، لا تزال هذه الهدنة التي فرضتها موسكو وواشنطن صامدة بشكل عام. ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد كارنيغي للابحاث جوزف باحوط للوكالة تمسك الولايات المتحدة وروسيا بزمام القيادة وتحتكر الموضوع السوري. وعلى الرغم من دعمهما لطرفين مختلفين من أطراف النزاع، فإن القوتين الكبريين لم تتدخلا بهذه القوة علنًا في السنوات الاولى من النزاع الذي بدأ في مارس 2011 بتظاهرات طالبت بإصلاحات ثم بإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، لكنها ووجهت بحملة قمع عنيفة. ومنذ ذلك الحين، غرقت البلاد في حرب متعددة الاطراف اسفرت عن مقتل اكثر من 270 الف شخص وتشريد نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وبرز الدور الاقليمي في مرحلة اولى مع محاولات جامعة الدول العربية ايجاد حلول للازمة، ثم مع دعم سياسي ومالي وعسكري من دول اقليمية لفصائل المعارضة المسلحة، وتدخل حزب الله اللبناني المدعوم من ايران، الحليف الاقليمي الاقوى للنظام، في القتال الى جانب القوات الحكومية. مصالح استراتيجية ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الامريكية في بيروت باسل صلوخ: ما بدأ على انه حراك غير عنفي تحوّل الى نزاع متداخل بين أطراف محلية واقليمية ودولية على سوريا. ويضيف سمحت الخلافات الجيوسياسية والطائفية للقوى الكبرى بتقديم نفسها على انها الحكم الفصل في هذه النزاعات السورية المتشابكة. وبالتالي، بحسب قوله: ستحدد المصالح الاستراتيجية لروسيا والولايات المتحدة وليس تطلعات الشعب شكل التسوية في سوريا. في البداية، امتنعت الولايات المتحدة عن التدخل مباشرة في النزاع السوري. في العام 2013، تراجع الرئيس الامريكي باراك اوباما عن تنفيذ تهديد بقصف مواقع الجيش السوري اثر هجوم باسلحة كيميائية اتهمت قوات النظام بالوقوف خلفه وقتل فيه المئات في ريف دمشق. وقال أوباما أخيرًا لمجلة اتلانتيك الالكترونية ان التصور باننا كنا نستطيع ان نغير المعادلة على الارض لم يكن يومًا صحيحًا. إلا أن صعود الارهابيين وخصوصًا تنظيم داعش وانتشارهم في مناطق واسعة في سوريا والعراق، دفع الولايات المتحدة الى قيادة تحالف دولي بدأ بتنفيذ غارات جوية ضدهم في صيف العام 2014. أما روسيا التي واظبت طوال اربع سنوات ونصف على حماية الرئيس السوري بشار الاسد دبلوماسيًا، فوجدت نفسها مضطرة للتدخل عسكريًا اثر الخسائر الفادحة التي مني بها النظام فلم يعد يسيطر سوى على 30 في المئة من البلاد. وفي 30 سبتمبر 2015، بدأت موسكو حملة جوية دعمًا للجيش السوري ساعدته فعليًا على التقدم في محافظات عدة. ويقول مصدر دبلوماسي في دمشق ظنت موسكو لوقت طويل ان النظام قادر على تدبير اموره بنفسه، ولكن طهران هي من دقت جرس الانذار، مشيرًا الى ان مسؤولين ايرانيين ذهبوا الى موسكو لابلاغ الروس انهم في حال لم يتدخلوا بسرعة، فان النظام سينهار. نظام عالمي جديد ويقول رئيس تحرير مجلة روسية والسياسة العالمية فيودور لوكيانوف، بعد حوالى 30 عاما على نهاية الحرب الباردة، يتبين ان واشنطن وموسكو هما الدولتان الوحيدتان القادرتان على اتخاذ القرارات وتنفيذها، كما في الايام الغابرة. ويضيف الدول الاخرى لا تريد او لا تستطيع القيام ذلك، هذه هي حصيلة النظام العالمي الجديد. ويتابع: هذا لا يعني انهما ستتمكنان من حل كل المشاكل، فعلى الارض يعود الامر الى القوى الاقليمية، وموسكو وواشنطن لا تسيطران عليها بالكامل. وبرغم ذلك، يقول لوكيانوف، تبقى واشنطن وموسكو الدولتين الوحيدتين القادرتين على دفع الاطراف المتنازعة نحو السلام. ولا تتردد الدولتان في اثبات قدرتهما هذه. فحين اعلن بشار الاسد في مقابلة مع وكالة فرانس برس انه يريد استعادة الاراضي السورية كافة، سارعت موسكو الى التخفيف من حدة التصريح. وقال المبعوث الروسي الى الامم المتحدة فيتالي تشوركين روسيا انخرطت بجدية كبرى في هذه الازمة، سياسيًا ودبلوماسيًا والان عسكريًا، وبالتالي نريد بالطبع ان يأخذ بشار الاسد هذا بالاعتبار. ويقول مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس برغم ان الخلافات الايديولوجية والميدانية بين الاطراف السورية لا تزال عميقة جدًا وستمنع التوافق بينها، إلا ان كافة الاطراف تعتمد بشكل كامل على داعميها وهي مضطرة للإذعان لمطالب هؤلاء الذين يسلحونها. المصدر: فرانس برس

مشاركة :