في مثل هذا اليوم قبل 66 عاما افتتح الاتحاد السوفيتي عصر الفضاء بإرساله "سبوتنيك -1"، أول قمر صناعي إلى مدار حول الأرض. هذا الإنجاز أثار كان صدمة حقيقية للولايات المتحدة. القمر الصناعي الأول أطلق بواسطة صاروخ باليستي من قاعدة "بايكانور" الفضائية في 4 أكتوبر عام 1957 وتحديدا في الساعة 22:28 بتوقيت موسكو. وكالة أنباء "تاس" بثت عقب ذلك نبأ مثيرا عن إطلاق مركبة فضائية إلى المدار، وفي نفس اليوم أعلن المندوب السوفيتي الأكاديمي في المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية في إسبانيا، والذي تزامن مع الحدث، عن اختراق فضائي. كان أول قمر صناعي في التاريخ بطبيعة الحال بسيط التصميم ويتكون من نصفي كرة قطرهما أقل من 60 سم، مثبتين مع بعضهما مع زوج من الهوائيات، وجهاز إرسال لاسلكي، وأجهزة استشعار خاصة بقياس درجة الحرارة والضغط. مركبة الإطلاق التي أوصلت القمر الصناعي الأول إلى المدار طورت في الأصل كصاروخ باليستي عابر للقارات ثم أدخلت عليها تعديلات ضرورية لتحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق. كان لدى الاتحاد السوفيتي أدلة على أن الأمريكيين يعملون بنشاط في برنامجهم الفضائي ويخططون لإطلاق اول قمر صناعي إلى المدار في أوائل عام 1958، لذلك صمم الخبراء السوفييت على الوصول أولا إلى المدار وتجاوز الأمريكيين في سياق المنافسة الفضائية الشديدة والحرب الباردة في ذلك الوقت. في البداية سادت حالة من عدم التصديق في تلك الأيام، ولذلك تم نشر معلومات عن كيفية استقبال الإشارات من القمر الصناعي السوفيتي الأول بواسطة الراديو، وهرع الآلاف من هواة الراديو حول العالم إلى أجهزة الاستقبال الخاصة بهم واستمعوا إلى إشارات صفير شهيرة. في اليوم التالي بعد إرسال أول قمر صناعي إلى المدار، بدأت وسائل أعلام أمريكية في إثارة المزيد من الذعر، وتنافست عناوين الصحف في التعبير عن حالة الخوف واليأس، وفيما كتبت إحداها تقول: "هذه الهزيمة يجب أن تكون الأخيرة"، تساءلت صحيفة أخرى: "لماذا أطلقه الحمر أولا"، ووصفت ثالثة الحدث بأنه " أعظم انتصار للسوفييت"، ونشرت صحيفة رابعة عنوانا يقول "انتهى عصر ثقتنا بأنفسنا". حاول الرئيس الأمريكي وقتها دوايت أيزنهاور مواجهة الصدمة التي أثرت على مواطنيه، بالتقليل من أهمية القمر الصناعي السوفيتي الأول بالزعم أنه مجرد كرة صغيرة، لكنه لم يحقق الكثير من النجاح، فيما عكس آرثر سي كلارك، الكاتب الأمريكي الشهير المتخصص في الخيال العلمي المزاج العام الأمريكي المكتئب بالقول إن الولايات المتحدة في اليوم الذي دار فيه القمر الصناعي السوفيتي حول الأرض، تحولت إلى قوة ثانوية. كانت الصدمة كبيرة على الأمريكيين لأسباب عديدة منها أنهم كانوا مقتنعين تماما بتفوقهم على الاتحاد السوفيتي في كل شيء، وخاصة في مجالات العلوم الأكثر تقدما وفي الفضاء بالدرجة الأولى. أما حالة الرعب التي اصابت الأمريكيين فمردها أنهم تاريخيا كانوا يشعرون بالأمان التام بسبب موقع بلادهم الجغرافي، وكان المحيطان الأطلسي والهادئ بالنسبة لهم بمثابة حصن منيع يبعد عنهم أي خطر، وشعروا حينها وهم يرون من بلادهم نقطة صغيرة مضيئة على حافة السماء، أن البعد الجغرافي لم يعد يحمي الولايات المتحدة. كان من المفترض أن تطلق الولايات المتحدة أول قمر صناعي لها في فبراير عام 1958، إلا أن الضغط الشديد الذي مارسته وسائل الإعلام والديمقراطيون المنافسون دفع بالتعجيل بالعملية إلى أوائل ديسمبر عام 1957. أطلقت السلطات الأمريكية حملة إعلانية واسعة النطاق، وأرادت أن يكون إطلاق القمر الصناعي "فانغارد تي في 3"، بمثابة رد حاسم على جرأة السوفييت، وأن يثبت أيضا للأمريكيين مجددا أنهم أقوياء، وأن خصومهم عارضين. في اليوم الموعود، تجمع مواطنو البلاد أمام أجهزة التلفزيون، وجرى بث عملية إطلاق القمر الصناعي الأمريكي الأول على الهواء مباشرة، إلا أن الصاروخ الناقل انفجر بعد ثانيتين من الإطلاق. ذلك الفشل زاد من حالة اليأس، ما دفع الصحف الأمريكية إلى الخروج بعناوين يائسة ومليئة بالإحباط، حتى أن البعض أطلق على القمر الصناعي الأمريكي الذي عجز عن الوصول إلى المدار اسم "كابوتنيك" وهو تلاعب بالكلمات حيث تعني "كابوت" بالألمانية "النهاية"! القمر الصناعي الأمريكي الأول تم إطلاقه في فبراير عام 1958، بينما تربع "سبوتنيك" على عرش الفضاء، وبقيت تلك "الكرة الحديدية" علامة فارقة وخالدة. المصدر: RT تابعوا RT على
مشاركة :