مع اقتراب موسم الحصاد في سفح جبال تشانغباي في شمال شرقي الصين، تتموج حقول الأزر الذهبية على التربة السوداء. ويتزامن هذا الوقت من العام مع عطلة عيد منتصف الخريف والعيد الوطني في الصين، وهو الوقت الذي تتحد فيه المجموعات الإثنية المتعددة في البلاد للاحتفال معا، إذ يأتون للرقص والغناء والاستمتاع بالاحتفالات تحت ضوء القمر الناعم معا، ويمارسون العادات الشعبية المفعمة بالحيوية لاحتضان روح لم شمل الأسرة. هذا وتعد ولاية يانبيان ذاتية الحكم لقومية كوريا في مقاطعة جيلين بشمال شرقي الصين موطنا لـ742 ألف شخص من أبناء قومية كوريا في الصين. وفي عيد منتصف الخريف، الذي صادف يوم 29 سبتمبر من هذا العام، عاد تسوي شو بين، المقيم في شانغهاي، إلى مسقط رأسه في الصباح الباكر من ذلك اليوم وزار المقابر مع أسرته. ووفقا للتقاليد، فيقوم أبناء قومية كوريا بتكريم أسلافهم ويعتنون بقبورهم في هذا اليوم، ويقلمون العشب حولها وينظفون شواهد القبور. وعلاوة على كونه احتفالا بالحصاد، فإن التقليد يسمح أيضا لأبناء قومية كوريا بنقل آمالهم للأجيال القادمة ويكون ذلك بمثابة تكريم لذكرى أسلافهم. وفي هذا السياق، قال تسوي: "مهما كانت المسافة التي تبعدنا عن مسقط رأسنا، فإن العودة لقضاء عيد منتصف الخريف السنوي هي ممارسة متأصلة بعمق فينا، فهي ليست مجرد عادة ثقافية ولكنها أيضا طريقة جميلة لتعزيز الروابط الأسرية". وقامت تونغ مين، وهي فتاة يافعة من مجموعة مانتشو الإثنية، بالتحضير لعيد منتصف الخريف مع عائلتها تحت ضوء القمر بالقرب من ضفة نهر سونغهواجيانغ، الرابض في مدينة جيلين. وقالت إن عيد منتصف الخريف يحمل أهمية خاصة لقومية مانتشو، إذ يجسد عاداتهم المتأصلة في إجلال القمر. أما تساو باو مينغ، رئيس جمعية الأدب والفنون الشعبية بالمقاطعة، فأكد على أهمية عيد منتصف الخريف، وقال إنه مناسبة لها تقليد عريق يتمثل في اجتماع العائلات معا للاحتفال بموسم الحصاد. وأشار تساو إلى أن هذه العادات نشأت من تقديس قديم للقمر، ولكنها تعكس في الوقت نفسه القيم العائلية المتجذرة بعمق والتطلعات إلى حياة أفضل المتأصلة في الثقافة الصينية.
مشاركة :