اتحاد كونفدرالي إسرائيلي - فلسطيني - أردني يقدم الحل الأفضل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

  • 10/5/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تكثف النقاش على مدى الأشهر القليلة الماضية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حول احتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعوديين، على الرغم من أنه لا يبدو أن هناك أي تقدم في المفاوضات في الأفق. ومع ذلك، فمن الممكن أن تتمكن الولايات المتحدة والسعوديون من التوصل إلى اتفاق فيما يتعلق بالمطالب السعودية الثلاثة التي تتطلب من الولايات المتحدة ضمان الأمن القومي للسعوديين، وتوفير مفاعل نووي مدني، والسماح ببيع معظم الأسلحة الأميركية المتطورة مقابل التطبيع. العائق الوحيد هو المطلب السعودي الرابع، وهو إنشاء مسار واضح يؤدي إلى حل دائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وأنا أؤكّد على أنه بالنظر إلى تشكيل الحكومة الائتلافية الحالية التي تعد الأكثر تطرفا يمينياً وقومياً ودينياً في تاريخ إسرائيل، فليس هناك احتمال أنها ستلبي مطالب السعوديين، ناهيك عن تلبية إصرار الفلسطينيين على حلّ الدولتين. وفي حين أن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة أمر لا بد منه لتحقيق حلّ دائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني بالنظر إلى الحقائق الحالية على الأرض التي لا تخضع للتغيير بأي طريقة جوهرية، لم يعد من الممكن أن يقف حلّ الدولتين من تلقاء نفسه على رجليه. وفي حين أن إنشاء دولة فلسطينية هو شرط أساسي للحلّ، فإنه يجب أن يتم تأسيسها في سياق كونفدرالية إسرائيلية- فلسطينية- أردنية تمليها الحقائق على الأرض التي تطورت منذ استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية في عام 1967. وفيما يلي سيتم توضيح ضرورة أن يشمل هذا الاتحاد الكونفدرالي الأردن الذي بدونه سيكون أي حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هشًا في أحسن الأحوال إذا تمكنوا من الاتفاق عليه في المقام الأول. إن إتحاد كونفدرالي إسرائيلي – فلسطيني – أردني سوف يوفر في نهاية المطاف الحل الدائم الوحيد. يتم تعريف الاتحادات الكونفدرالية على أنها “اتحادات طوعية لدول مستقلة التي، من أجل تأمين بعض الأغراض المشتركة، توافق على قيود معينة على حريتها في العمل وتنشئ بعض الآليات المشتركة للتشاور أو المداولات”. وفي إتحاد كونفدرالي إسرائيلي- فلسطيني- أردني ستجتمع الدول الثلاث معًا بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك التي لا يمكن معالجتها إلا في إطار التعاون الكامل ضمن إطار كونفدرالي. إن تصميم الفلسطينيين على إقامة دولة خاصة بهم لن يتغير، بغض النظر عن الرياح السياسية المتغيرة في المنطقة وبغض النظر عن اندلاع أعمال العنف بشكل متكرر، والتي لا يمكن إلا أن تتصاعد. إنني أتحدى كل إسرائيلي أن يريني كيف ومتى ولماذا قد يتخلى الفلسطينيون عن تطلعاتهم إلى إقامة دولة مهما أصبح الاحتلال الإسرائيلي قمعياً؛ ومهما زادت المقاومة الفلسطينية العنيفة. علاوة على ذلك، فإن كل قوة إقليمية وعالمية كانت تدعم وستستمر في دعم القضية الفلسطينية. ورغم أن إسرائيل نجحت حتى الآن في تحدي الإجماع الدولي، فإنها لا تستطيع أبدا الحفاظ على الوضع الراهن للاحتلال والتمتع بيوم من السلام. ولكم أن تتخيلوا الاستياء والكراهية وعمق العداء لدى أربعة أجيال من الفلسطينيين يمثلون أكثر من 95% من جميع الفلسطينيين الذين يعيشون اليوم، وجميعهم ولدوا تحت الاحتلال. يجب على الحكومة الإسرائيلية الحالية أن تجيب الجمهور حول أين ستكون إسرائيل بعد 10 إلى 15 عامًا إذا استمرت في متابعة طموحها بالضم الزاحف، وكيف سيكون رد فعل الفلسطينيين خلال هذا الاحتلال الوحشي المتزايد. ولا يحتاج الأمر إلى عبقرية للتنبؤ بالعواقب المروعة التي سوف تتكشف حتما. وبدلاً من ذلك، لن يتم التوصل إلى حلّ للصراع إلا في سياق إتحاد كونفدرالي إسرائيلي – فلسطيني – أردني. الأردن، الذي وقع معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1994 ويتعاون بشكل كامل على جبهات متعددة مع كل من إسرائيل والفلسطينيين، لديه مخاوف أمنية جوهرية طويلة المدى مرتبطة بالصراع. واستناداً إلى المناقشات مع العشرات من الأشخاص المطلعين، فإن إسرائيل لن تشكل اتحاداً كونفدرالياً ثنائياً مع الفلسطينيين، والأردن لن ينضم إلى أي اتحاد كونفدرالي دون إنشاء دولة فلسطينية أولاً. وفيما يلي عرض للأساس المنطقي وراء الإتحاد الكونفدرالي الثلاثي. التجمعات السكانية المتداخلة مع بعضها البعض يتداخل السكان الإسرائيليون والفلسطينيون في الضفة الغربية مع بعضهم البعض، حيث يوجد حوالي 2.3 مليون فلسطيني وحوالي 432 ألف إسرائيلي. وفي القدس الشرقية هناك ما يقرب من 361 ألف فلسطيني و233 ألف إسرائيلي، وفي إسرائيل هناك 1.8 مليون مواطن عربي و6.6 مليون يهودي. وفي الأردن يقدر عدد السكان بما يتراوح بين 55 إلى 70 بالمائة من أصل فلسطيني، وهو ما يعني ما يقرب من 6 إلى 8.2 مليون شخص. إن واقع السكان الإسرائيليين الفلسطينيين والفلسطينيين الأردنيين المتداخلين مع بعضهم البعض ليس عرضة للتغيير ولن يكون كذلك بأي طريقة جوهرية، هذا بخلاف ربما نقل ما بين 70 ألف إلى 80 ألف مستوطن إسرائيلي إلى مستوطنات أخرى أكبر بموجب إتفاقية لتبادل للأراضي، وهو ما وافق عليه الجانبان في عام 2011. الماضي من حيث المبدأ للسماح بتكوين كتلة أرضية متواصلة للدولة الفلسطينية. ومن ثم فإن التعايش بين السكان الإسرائيليين والفلسطينيين تحت أي ظروف من السلام أو العداء هو أمر دائم. ولا يستطيع أي من الطرفين طرد الطرف الآخر من الأراضي التي يحتلها حاليًا. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه بخلاف السكان المتداخلين بعضهم ببعض، فإن تواصلهم الجغرافي وأمنهم القومي المشترك وتفاعلاتهم على العديد من الجبهات الأخرى لا يؤدي إلا إلى زيادة الحاجة إلى تعاون أكبر بين الأطراف الثلاثة. وهنا يصبح الإتحاد الكونفدرالي قضية مركزية لأنه سيلبي المتطلبات الجماعية والفردية للكيانات الثلاثة دون المساس بسيادتها واستقلالها. الأمن القومي الإسرائيلي تتفاقم المخاوف الأمنية الوطنية في إسرائيل بفعل ثلاثة عوامل: اضطهاد اليهود لقرون من الزمن في مختلف أنحاء الشتات، والتهديد الوجودي النابعة من خصمها الإقليمي إيران، والتهديد الذي يشكله المتطرفون الفلسطينيون مثل حماس والجهاد الإسلامي. ورغم أن إسرائيل قادرة على التغلب عسكرياً على أي تهديد أمني بغض النظر عن مصدره، إلا أن مخاوفها المتعلقة بالأمن القومي لا تزال تلوح في الأفق. وغني عن القول أن الاحتلال يؤدي إلى تفاقم المخاوف الأمنية لإسرائيل، وإن كان من صنعها ذاتياً، ولا تستطيع سوى إسرائيل تخفيفها من خلال إنهاء الاحتلال وإنشاء جهاز أمني جديد يضم إسرائيل والفلسطينيين والأردن. والتعاون الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين أمر لا بد منه. وفي الواقع، حتى في ظلّ ظروف الخصومة الحالية، لا تزال إسرائيل والسلطة الفلسطينية تتعاونان في جوانب معينة من أمنهما. ونظراً لأن الأمن القومي الأردني متشابك إلى حد كبير مع كل من إسرائيل والفلسطينيين، فإن استمرار وتوسيع التعاون في جميع المسائل الأمنية بينهم سيظل ضرورياً للكيانات الثلاثة. وبالنسبة لإسرائيل والأردن على وجه الخصوص، فإن تعاونهما الأمني له آثار أمنية إقليمية أيضًا، ولن ترغب إسرائيل أو الأردن في إضعاف علاقاتهما الأمنية، خاصة في ظل عدم الاستقرار الإقليمي. مكانة القدس لا يمكن تغيير سوى القليل جدًا، هذا إن كان هناك أي شيء يمكن أن يتغيّر في الوضع الحالي للقدس، التي كانت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي نموذجًا مصغرًا للتعايش السلمي الإسرائيلي- الفلسطيني. تضم القدس أقدس الأماكن المقدسة لدى اليهود بالإضافة إلى ثالث أقدس الأماكن المقدسة في الإسلام، وكلها في جبل الهيكل/الحرم الشريف. علاوة على ذلك، وبما أن الأردن هو الوصي على المقدسات الإسلامية في القدس، فليس هناك على الإطلاق أي وسيلة لفصل المكون الديني الهيكلي للمدينة لكل من المسلمين واليهود على حد سواء. ورغم أن إسرائيل ضمت القدس الشرقية مباشرة بعد احتلالها للمدينة في عام 1967 وإصرار الغالبية العظمى من الإسرائيليين على أن القدس الموحدة يجب أن تظل العاصمة الأبدية لإسرائيل، فلا ينبغي لنا أن نستبعد بشكل قاطع إنشاء عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية. إلى جانب ذلك، هناك العديد من الأفكار البديلة التي تطفو على السطح لتلبية الطموح الفلسطيني، بما في ذلك توسيع محيط القدس ليشمل بلدة سلوان كجزء لا يتجزأ من القدس الكبرى، حيث يمكن إنشاء عاصمة فلسطينية. وفي الواقع، وبما أن إسرائيل والفلسطينيين وكذلك الأردن يريدون أن تظل القدس مدينة مفتوحة ولا يسعى أي من الطرفين إلى بناء أي حواجز بين جانبيها الشرقي والغربي، سيكون للفلسطينيين المقيمين في الجانب الشرقي في ظل ظروف السلام كل الحق في حكم أنفسهم. سيكون ذلك طالما استمر الوضع الحالي حيث تظل المدينة موحدة ومفتوحة أمام كل من الإسرائيليين والفلسطينيين للتنقل الحر من الشرق إلى الغرب وبالعكس، وحيث لا يختلف اليهود الإسرائيليين عن الفلسطينيين إلاّ في مواطنتهم، يصبح إنشاء عاصمة فلسطينية – من الممكن أن تكون في القدس الشرقية الموسّعة – خيارا ً حيويّا ً. اللاجئون الفلسطينيون منذ إنشاء إسرائيل عام 1948 أصر الفلسطينيون، بدعم من الدول العربية، على “حق العودة”. ومنذ ذلك الحين تضخم عدد اللاجئين من حوالي 750 ألف لاجئ نزحوا من فلسطين إلى ما يقرب من 6 ملايين. وقد رفضت إسرائيل بشكل عفوي عودة أي عدد كبير من اللاجئين. من المؤسف، إن لم يكن المأساوي، أن القادة الفلسطينيين يستخدمون اللاجئين كأداة سياسية لتبرير رفضهم التوصل إلى أي اتفاق عن طريق التفاوض بينما يتخلون عنهم ليعانوا في مخيمات اللاجئين لعقود من الزمن. وفي الأردن وحده، هناك ما يقرب من 2.3 مليون لاجئ وثلاثة عشر مخيماً للاجئين (عشرة رسمية وثلاثة غير رسمية) رغم أن الغالبية العظمى منهم أصبحوا مواطنين أردنيين. وفي الواقع، بخلاف العودة المحتملة لما يتراوح بين 15 ألف إلى 20 ألف لاجئ إلى إسرائيل في سياق لمّ شمل العائلات، فإن إعادة ملايين اللاجئين إلى إسرائيل ذاتها هي أمر خارج عن نطاق الإمكانية على الإطلاق. ومع ذلك، يجب على إسرائيل أن تعترف بذنبها في خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين للتخفيف من الصدمة التي تعرضوا لها. ويمكن للاجئين “إعادة التوطين” في وطنهم فلسطين في الضفة الغربية أو غزة لأن غالبيتهم نازحون داخلياً بحكم الأمر الواقع. تجدر الإشارة إلى أن إنشاء الإتحاد الكونفدرالي سيسمح بتسوية مشكلة اللاجئين – بدعم مالي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والدول العربية الغنية على وجه الخصوص ستشارك بشكل كامل في عملية إعادة التوطين أو التعويض، او كلاهما. عملية المصالحة ونظراً لصعوبة الصراع وتعقيداته وعمق انعدام الثقة والكراهية والعداء بين إسرائيل والفلسطينيين، فمن السذاجة أن نفترض أن مثل هذا الحل يمكن التفاوض عليه ببساطة، والتوصل إلى اتفاق. سوف يستغرق الأمر ما لا يقل عن عقد من الزمان لإجراء عملية المصالحة، سواء بين الشعبين أو بين الحكومتين للتخفيف من حدة الأجواء العدائية وانعدام الثقة قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، طالما استمر مبدأ إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة متفقا عليه منذ البداية. وتعتبر مشاركة الأردن في عملية المصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين أمرا مركزيا حيث يمكن لعمان دائما أن تلعب دورا هاما لتسهيل العملية ودفعها قدما. وفي هذا الصدد، إذا استمرت المفاوضات بشأن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في التقدم، فيجب على الأخيرة أن تصر على أن يكون حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني منصوصًا عليه في أي اتفاق رسمي أو معاهدة بين الجانبين تلزم الحكومة الإسرائيلية الحالية وأي حكومة إسرائيلية مستقبلية على احترامها. صلاحية الإتحاد الكونفدرالي نظراً للترابط الديموغرافي والإقليمي والأمني والاقتصادي والديني بين إسرائيل والأردن والفلسطينيين، فسوف يكون من المستحيل التوصل إلى اتفاق ثنائي إسرائيلي – فلسطيني على أساس حل الدولتين من دون مشاركة الأردن المباشرة وغير المباشرة. وكما هو موضح آنفا ً، تأثر الأردن وما زال متأثرًا بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ويجب عليه أن يكون شريكًا في أي حل مستقبلي. إن إنشاء اتحاد كونفدرالي إسرائيلي – فلسطيني من شأنه أن يخلق الإطار القادر على دعم أي حل للصراع وتقديم حافز دائم لحمايته. وفي الواقع، تحت أي ظرف من الظروف، فإن الكيانات الثلاثة حبيسة واقع لا يمكنها تغييره، غير أنّ إنشاء مثل هذا الاتحاد الكونفدرالي يوفر فرصًا غير محدودة للجميع للنمو والازدهار في سلام وأمن. * نُشرت نسخة موسعة إلى حد كبير من هذه المقالة في مجلة World Affairs في ربيع عام 2022؛ وتم نشر عدد خاص من المجلة مخصص بالكامل لهذا الاقتراح في شتاء 2022.

مشاركة :