حققت شركات الطاقة الصينية أول إنجاز من نوعه في العراق لمعالجة الغاز المصاحب للنفط ووقف حرقه والاستفادة منه اقتصاديا وتحقيق التنمية الخضراء والحفاظ على البيئة وتحسين حياة المواطنين. وأنجزت شركة ((بتروتشاينا)) والشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية ((CPECC)) الأعمال الميكانيكية لمحطة معالجة الغاز بمشروع الحلفاية النفطي في محافظة ميسان جنوبي العراق مؤخرا. وقال رئيس مشروع الحلفاية في ((بتروتشاينا)) فانغ جيا تشونغ لـ((شينخوا)) إن “حقل الحلفاية النفطي يعد أول مشروع يتم فيه بناء محطة معالجة الغاز الطبيعي للاستفادة الكاملة من الغاز المنتج أثناء استخراج النفط من بين جميع مشاريع حقول النفط في العراق”. وتبلغ مساحة حقل الحلفاية 288 كيلومترا مربعا، ويحتوي على أكثر من 300 بئر نفطي وثلاث وحدات معالجة مركزية للنفط الخام ومحطتين لتوليد الكهرباء وأخرى لمعالجة المياه ومطار مدني وبنايات للمكاتب والمعيشة ومحطة معالجة للغاز. وأضاف فانغ أنه “بعد تشغيل محطة معالجة الغاز، سيتم حل مشكلة نقص الطاقة بشكل كبير وحماية البيئة والمناخ وإنتاج منتجات نفطية وغازية أخرى، وخلق قيمة اقتصادية بارزة”، واصفا المشروع بأنه نموذج للتعاون الصيني العراقي في إطار مبادرة الحزام والطريق. وكمشغل لحقل الحلفاية النفطي الذي تبلغ قدرة إنتاجه السنوي 20 مليون طن، منذ عام 2019 استثمرت ((بتروتشاينا)) أكثر من مليار دولار لبناء محطة معالجة الغاز، والتي ستحول الغاز المصاحب إلى غاز طبيعي قابل للاستخدام والغاز البترولي المسال وكبريت وغيرها، وستوقف احتراقه وتقلل من النفايات ومن انبعاثات الكربون وتحمي البيئة. وصممت الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية ((CPECC)) محطة معالجة الغاز بحقل الحلفاية، وقامت ببنائها واستخدمت فيها أحدث التكنولوجيا والمعدات الصينية. وقال مدير عام فرع الشرق الأوسط للشركة ورئيس مشروع محطة معالجة الغاز بالحلفاية جيانغ فنغ لـ ((شينخوا)) إن “شركة ((CPECC)) تتحمل مهمة التصميم والتسوق والبناء والتشغيل التجريبي والعناية لمشروع محطة معالجة الغاز بالحلفاية”. وأضاف أنه “خلال بناء المشروع، اخترنا أفضل فريق من شركتنا، وتغلبنا على صعوبات كبيرة مختلفة، واستخدمنا أحدث التكنولوجيا والمعدات الصينية، وقدمنا عددا كبيرا من فرص العمل للعراقيين”، مؤكدا أنه بعد تشغيل المشروع، سيتواصل خلق قيمة اجتماعية واقتصادية لتحسين معيشة الناس. وتتمثل وظيفة محطة معالجة الغاز بجمع ومعالجة الغاز المصاحب والمكثفات من ثلاث وحدات معالجة مركزية للنفط الخام بحقل الحلفاية. ويحظى المشروع باهتمام كبير من جانب الحكومة العراقية، كونه يحمي البيئة ويخلق منافع اقتصادية ويحسن معيشة الشعب، مؤكدة أنها اتخذت عدة إجراءات لاستثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط وإيقاف هدر هذه الثروة المهمة وتوفير مصدر مهم لتشغيل محطات الكهرباء وتخفيف التلوث البيئي. وقال وكيل وزارة النفط العراقية علي معارج أثناء حضوره حفل إكمال الأعمال الميكانيكية إن “هذا المشروع هو أحد المشاريع الرئيسية للقضاء على حرق الغاز ومعالجته والاستفادة منه، ويعتبر الخطوة الأولى ضمن خطوات لاحقة ستتبعها في المستقبل القريب”. وأضاف معارج لـ((شينخوا)) أن “الشركات الصينية من بين الشركات النفطية العالمية المتخصصة التي تم التركيز عليها من قبل قيادة القطاع بوزارة النفط، وتمثل ذلك بإحالة عدد من الحقول بجولات التراخيص الأولى والثانية والثالثة إليها”. وتوقع المسؤول العراقي “مساهمة فاعلة للشركات الصينية بجولات التراخيص الخامسة والسادسة في المستقبل”، وقال إنه “حتى على مستوى صناعة المصافي، هناك مصفى الفاو تعمل به إحدى الشركات الصينية بجدية لاستثماره”. وأكد معارج أن “الشركات الصينية سجلت حضورا متميزا في العراق في أكثر من صعيد، وهو ما سينعكس إيجابا على مستوى العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين”. بدوره، قال محافظ ميسان علي دواي لـ((شينخوا)) إن “من ضمن أولويات البرنامج الحكومي صناعة الغاز واستغلال الغاز المصاحب باعتبار أنه لا توجد سابقا سوى خطوات محدودة بهذا المجال”. واعتبر أن “افتتاح هذا المشروع المهم نقلة نوعية على عدة مستويات منها تقديم الدعم لإنتاج الكهرباء، حيث سيجهز محطة العمارة الغازية ومحطة ميسان الاستثمارية بالغاز، وهو ما سيرفع من دعم وتجهيز محطة ميسان بكميات إضافية للطاقة الكهربائية”. ولفت إلى أهمية هذه الخطوة من جانب آخر يتعلق بالتحسين البيئي باعتبار أنه كان يتم في السابق حرق الغاز، مما يؤثر على البيئة بشكل عام “لكن بعد إنجاز هذه المحطة سيتم إلغاء خمسة مشاعل”، مؤكدا أهمية ذلك باتجاه تحسين البيئة في المحافظة. ومن المتوقع أن تساعد المحطة بعد تشغيلها على تقليل كمية هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، ونقل الغاز الجاف المعالج إلى محطتي العمارة وميسان لتوليد الكهرباء بمقدار 5 مليارات كيلووات/ساعة سنويا، إضافة لزيادة الدخل الاقتصادي ببيع المكثفات والكبريت. وأكد المهندس العراقي نشأت ضياء (31 سنة) خريج كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية والذي يعمل مع شركة ((CPECC)) منذ أكثر من ست سنوات، أنه اكتسب خبرات جيدة من الكوادر الصينية خاصة المديرين بفضل ما قدموه من مساعدة وتعليم له ولزملائه في هذا المشروع. وقال نشأت، والذي تدرج بوظيفته من مهندس جودة إلى مسؤول عن جميع المقاولات التي تجري بين الشركات العراقية المحلية والشركة الصينية، إن وضعه المادي تحسن كثيرا، مشيرا الى أنه مر بلحظة جميلة في حياته عندما تعرف على زوجته أثناء عمله بالشركة. وتابع “منذ عام 2003 وحتى الآن، الغاز المستخرج من الحقول النفطية يتم حرقه ولا يتم الاستفادة منه، والآن شركة ((CPECC)) أنجزت مشروع معالجة محطة الغاز، وهذا المشروع سيقوم باستغلال الغاز المحترق ويقدم إضافة اقتصادية للبلد ويحسن من الاقتصاد”. وأوضح أن أكثر المحطات الكهربائية تعمل على الغاز، ورغم ذلك فالعراق لا يستغله ويستورده من دول الجوار، مضيفا “نشكر ((CPECC)) على هذا المشروع الذي سيحسن الاقتصاد، ويساعد بتوفير الكهرباء ومشتقات نفطية أخرى”. واختتم بقوله إن”هذا الغاز الذي يحترق ممكن أن يسبب الأمراض والسرطانات، لذلك استغلاله سوف يحسن البيئة ويحافظ على صحة الناس”.
مشاركة :