المشرّعون والجهات التنظيمية مطالبون بتقديم أكثر من مجرد الدعم الشفوي للمقرضين يتحدث المشرّعون والجهات التنظيمية كثيراً عن أهمية المصارف والشركات الصغيرة، لكن تصرفاتهم في حقيقة الأمر دائماً ما تدعم المصارف والشركات الكبيرة على حساب الصغيرة، خاصة حينما يتعلق الأمر بالمصارف. ومع ذلك، فإن الشركات الصغيرة ستواجه صعاباً من دون المصارف الصغيرة. لقد جعلنا المصارف الكبيرة أكبر على حساب الصغيرة، بداية من تحرير الرقابة على المصارف في ثمانينيات القرن المنصرم، ثم الاستجابة للأزمة المالية العالمية، على الرغم من أن الأزمة تسببت فيها المصارف الكبيرة، لا الصغيرة، كما أن المصارف الصغيرة لم تكن بحاجة إلى حزم إنقاذ. ويُشار هنا إلى انخفاض عدد المصارف المشمولة بتأمين المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع إلى قرابة النصف بين سنتي 2002 و2022. وتمثّلت السياسة غير الرسمية لوزارة الخزانة، وإن لم تكن سياسة الكونغرس، منذ فترة طويلة في دعم اندماج المصارف، استناداً إلى نظرية مفادها أن المصرف الأكبر أكثر أماناً. وحتى قبل إلغاء الكونغرس لتشريع «غلاس - ستيغال» في سنة 1999، والذي أجبر المصارف على الفصل بين الأنشطة المصرفية التجارية وتلك الاستثمارية، تقدمت وزارة الخزانة بخطتها الخاصة لهذا الهدف، ولإزالة القيود المصرفية بين الولايات لتسريع الاندماجات كما تؤمن «وول ستريت» بالأمر ذاته، واستبعد بعضهم بالمرة الحاجة إلى المصارف الصغيرة بعد انهيار كل من «سيليكون فالي بنك» و«سيغنتشر بنك». وقال عضو في جماعة ضغط تعمل لمصلحة مصرف متوسط الحجم: «ربما تكون التعليقات على قيمة المصارف الصغيرة والمتوسطة، وعملائها الصغار والمتوسطين، مجرد تأييد شفوي، وإن الهدف أن يبدو نظامنا شبيهاً بالنظام في أوروبا»، متابعاً: «وإلا، فالأمر لن يبدو منطقياً». وصرّح روبرت كابلان، الرئيس السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي في ي دالاس: «لقد صارت المصارف الكبيرة أقوى نسبياً، فيما أصبحت المصارف الصغيرة والمتوسطة في وضع تنافسي غير مواتٍ. ويتناقض هذا مع ما كنا نرغب فيه بعد خروجنا من الأزمة المالية في سنة 2008، أي تفادي خلق نظام تتركز فيه القوة بأيدي مصارف أكبر كثيراً من أن تفشل». وتشعر عدة مصارف صغيرة بأن الاستجابة لأزمة «سيليكون فالي بنك» أدت إلى تدهور الأمور. لقد برهنت الحكومة على عدم وجود حدود للتأمين على الودائع، فقط إذا كان المصرف كبيراً بما يكفي، وحال كان المودعون أقوياء كثيراً. ولأن الحكومة لم تكن قادرة على تأمين كل الودائع، أو راغبة في ذلك، فقد تم ترك المصارف الصغيرة في وضع تنافسي سيئ للغاية ويفسر هذا فقدان المصارف الصغيرة ودائع بقيمة 120 مليار دولار في خضم الاضطرابات الناجمة عن أزمة «سيليكون فالي بنك». وذكر سكوت هيلدنبراند، المحلل المصرفي لدى «بايبر ساندلر»: «ماذا يمكنني أن أفعل، إذا كنا نحاول التنافس ضد مصارف تتمتع بغطاء مجاني، فلا توجد حاجة إلى تأمين الخمسة الكبار لودائعهم؟». وتوقع هيلدنبراند، في حديثه لبودكاست «أود لوتس» الذي تقدمه «بلومبرغ»، انخفاض عدد المصارف الأمريكية من قرابة 4,000 إلى ربما بضع مئات في غضون 10 إلى 15 عاماً. وأعرب رئيس تنفيذي لمصرف صغير عن قلقه من احتمال وجود «قفار مصرفية»، أي مناطق لا توجد بها خدمات مصرفية في البلاد، مثلما توجد مناطق من دون غذاء ورعاية صحية. لقد دفعت السياسات التنظيمية بالأموال إلى جهات غير مصرفية، فعلى سبيل المثال، يُصدر مقرضون غير مصرفيين عقود رهن عقاري بعدد أكبر من المصارف، على الرغم من إدراك أخطار نظام الظل المصرفي الأقل تنظيماً. ويقلل ما يُعرف بـ«الائتمان الخاص» من حصة المصارف في السوق، تحت ستار مساعدة المصارف الصغيرة بإزالة القروض من دفاترها. وأظهرت الجائحة أيضاً حدود الدعم الذي تتلقاه الشركات الصغيرة، فقد ساعدت الحكومة الأمريكية شركات صغيرة عن طريق سياسات مثل برنامج حماية الرواتب ولكن واجهت هذه المساعدة صعاباً ناجمة عن الطبيعة الفوضوية في بداية تنفيذها مقارنة بحزم الإنقاذ المستهدف للصناعات الكبيرة كما ساعدت حزم إنقاذ الاحتياط الفيدرالي على تسهيل وصول الشركات الكبيرة إلى الأسواق. وبعد ذلك، أضرت الإغلاقات ومشكلات سلسلة التوريد على نحو غير متناسب بالشركات الصغيرة التي لم تكن لها مبيعات عبر الإنترنت ولم تمكن لديها من الإمكانات ما يتيح لها الحصول على البضائع التي كانت تحتاجها. إن الذين يجادلون في عدم حاجتنا إلى المصارف الصغيرة مخطئون، فالمصارف الكبيرة لا تكترث بتقديم قروض متناهية الصغر إلى الشركات المحلية، كما أن الشركات الصغيرة ليست قوية لتتمكن من جمع المال من السوق. وكما يشير كابلان، فإن المصارف الصغيرة والمتوسطة تُعد شريان حياة للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تخلق عدداً كبيراً من الوظائف في الولايات المتحدة. ويقول: «تنقّح عدّة مصارف صغيرة ومتوسطة الحجم في البلاد دفاتر القروض لديها في محاولة للحفاظ على رأس المال وانعكس ذلك على نحو تزايدت معه صعوبة حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على قروض، وهي تعتمد على خدمات الإقراض من هذه المصارف بشدة لإدارة أعمالها وتنميتها». إن موجة من الشركات الناشئة ظهرت في أعقاب الجائحة وبعض هذه الشركات هي التي ستخرج البلاد من الركود، إذا ما حدث بالفعل، لأن الشركات الصغيرة دائماً ما تكون المخرج ولذلك، نحن بحاجة إلى الخروج بسياسات تحميها، هي والمصارف الصغيرة. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :