بدأت طائرات حربية روسية في مغادرة سوريا اليوم الثلاثاء بعد إعلان موسكو سحب بعض قواتها التي حولت دفة الحرب السورية باتجاه الرئيس السوري بشار الأسد فيما قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا إنه يأمل أن يكون للخطوة الروسية تأثير إيجابي على محادثات السلام المنعقدة في جنيف. ومع وصول أولى الطائرات إلى روسيا وصف دي ميستورا الخطوة بأنها تطور مهم وعبر عن أمله في أن تحدث تقدما باتجاه حل وانتقال سياسي سلمي في سوريا. ودفع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انسحاب الجزء الرئيسي من القوات المسلحة الروسية في سوريا خصوم الأسد إلى التكهن بأن موسكو ربما تحاول الضغط عليه في سبيل تسوية سياسية لكن دمشق نفت أي حديث عن خلافات مع حليفتها وقالت إن الخطوة منسقة. ولم يتضح كيف سيؤثر الانسحاب على نتيجة الحرب أو مصير الأسد. وتجرى المحادثات في جنيف في إطار مسعى دبلوماسي بدأ بدعم أمريكي روسي لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات والتي راح ضحيتها أكثر من 250 ألف شخص وسببت أسوأ أزمة لاجئين في العالم وسمحت بانتشار تنظيم الدولة الإسلامية. وأسفر التعاون الأمريكي الروسي بالفعل عن هدوء في الحرب أتاح المجال للمحادثات عن طريق اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي كان سببا في تراجع حدة القتال بين الجماعات المقاتلة والحكومة في غرب سوريا. لكن الحكومة السورية التي كانت تخسر أرضا لصالح المقاتلين قبل تدخل روسيا لمحت إلى أنها لن تقدم تنازلات قبيل المحادثات واصفة الرئاسة بأنها خط أحمر واستبعدت انتقال السلطة عن طريق التفاوض. ويريد وفد المعارضة الرئيسية رحيل الأسد عن السلطة مع بدء مرحلة الانتقال السياسي. وبينما عبر بعض المعارضين عن تفاؤل حذر بشأن إعلان بوتين شكك آخرون في أن موسكو ستتخلى عن الأسد. من جهة أخرى عرض التلفزيون الروسي لقطات تظهر أول دفعة من طائرات سوخوي-34 وهي تعود من سوريا وتهبط في قاعدة جوية بجنوب روسيا اليوم الثلاثاء. واستقبل ما بين 200 و300 من العسكريين والصحفيين والنساء الطيارين العائدين ملوحين بالورود والأعلام الروسية والبالونات الحمراء والبيضاء والزرقاء وهي ألوان علم روسيا. وحضر اثنان من القساوسة المراسم أيضا. وشوهد ستة طيارين على الأقل يرتدون خوذات بيضاء وسترات طيران وهم ينزلون من ثلاث طائرات. وأحاطت بهم الحشود قبل أن تقذفهم عاليا في الهواء احتفالا بعودتهم. وعزفت فرقة موسيقية عسكرية أناشيد وطنية. لكن روسيا قالت إنها ستبقي في سوريا على أكثر نظمها الدفاعية الجوية تطورا وهو النظام إس-400. وبدأت الحملة الجوية الروسية في أواخر سبتمبر أيلول وتركزت بشكل أساسي على المقاتلين الذين يحاربون الأسد في غرب سوريا لتساعد دمشق وحلفاءها وبينهم جماعة حزب الله اللبنانية والحرس الثوري الإيراني على استعادة أراض مهمة قرب الحدود مع تركيا والأردن. وقال المتحدث باسم جماعة مقاتلة في اللاذقية حيث استعر القتال خلال الهدنة إنه لا يعتقد أن الروس يغيرون مسارهم. وقال فادي أحمد وهو عضو في جماعة الفرقة الساحلية الأولى ليس لدينا ثقة فيهم. وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف تلقينا الخبر (رحيل الطائرات الروسية) نتمنى أن نرى ذلك على الأرض. وفي علامة على أن الطائرات الحربية الروسية لا تزال نشطة في سوريا وردت أنباء عن دعم روسي جوي كثيف لمساعدة الجيش السوري على تحقيق مكاسب عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية قرب مدينة تدمر الأثرية. ولا يشمل اتفاق وقف الأعمال القتالية تنظيم الدولة الإسلامية. و تناول بوتين والرئيس الأمريكي باراك أوباما الشأن السوري خلال مكالمة هاتفية أمس الاثنين وقال الكرملين إن الزعيمين وجها الدعوة لتكثيف عملية التسوية السياسية للصراع. وقال بوتين إن روسيا حققت أهدافها بشكل كبير في سوريا لكنه لم يحدد موعدا نهائيا للانسحاب الكامل مضيفا أن قواته ستظل في ميناء في طرطوس وفي قاعدة جوية في اللاذقية. وساعد التدخل الروسي بمساعدة قوات برية من إيران الأسد على انتزاع مكاسب من مقاتلي المعارضة الذين كان ينظر لهم على أنهم يشكلون خطرا متناميا على سلطته في المدن الكبرى بغرب سوريا وبينها العاصمة دمشق العام الماضي. وقال دبلوماسي غربي إن بوتين سيركز الآن على محادثات السلام وسيضغط على الحكومة السورية للتفاوض. وتابع قوله لا نعرف إن كان (بوتين) يتخلى عن الأسد لكننا نعلم بأن الروس يبعثون برسالة للأسد مفادها أنهم حريصون على المضي قدما في المفاوضات المتعلقة بالانتقال. وسبق أن دعت موسكو سوريا إلى الإعداد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. وفيما يتعلق بالأسد قالت موسكو إن القرار في ذلك يرجع للشعب السوري وليس لقوى خارجية. وقال المعارض السوري معن عبد السلام إنه لا يعتقد أن روسيا تتخلى عن الأسد وإنما تغير استراتيجيتها مؤكدا أن المعارضة ينبغي أن تكون مستعدة لكل الاحتمالات. ونسبت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إلى المسؤول الإيراني البارز علي لاريجاني قوله بعد المحادثات في طهران مع وفد سوري إن بلاده ستواصل دعمها للحكومة في مواجهتها للإرهاب.
مشاركة :