ومنذ الخميس، استهدفت تركيا عشرات المواقع في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، بينها مقرات عسكرية ومرافق بنى تحتية، رداً على هجوم في أنقرة أدى إلى إصابة شرطيين مطلع تشرين الأول/أكتوبر، قالت تركيا إن منفذيه "جاءا" من سوريا. وأعلنت قوات الأمن الكردية أن فجر الاثنين "قامت طائرة حربية تابعة لدولة الاحتلال التركي الغاشم باستهداف مركز لقواتنا ... مما أدى إلى استشهاد عدد من أعضاء قواتنا وإصابة آخرين". وأحصى المرصد مقتل عشرين عنصراً من قوات الأمن الداخلي جراء الهجوم الذي وقع بعد منتصف الليل، مرجحاً ارتفاع حصيلة القتلى "لوجود حوالى خمسين جريحًا بعضهم بحالة خطرة". وهرعت سيارات الإسعاف بعد الهجوم لنقل الجثث والمصابين من موقع الحادث فيما استنفر العديد من المستشفيات في المنطقة بعد نقل الجرحى إليها. وطلبت السلطات والجوامع عبر مكبرات الصوت من المواطنين التوجه إلى المستشفيات للتبرع بالدم، وفق ما أفاد مراسلون لفرانس برس. وجاء القصف في ظل حملة تصعيد جديدة تقودها تركيا ضد أهداف كردية في سوريا والعراق، رداً على هجوم طال مقر وزارة الداخلية في أنقرة مطلع الشهر الحالي. وأعلن فرع لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية"، مسؤوليته عن الهجوم، وهو الأول من نوعه الذي يستهدف العاصمة التركية منذ عام 2016. وخلصت تركيا إلى أن المهاجمين اللذين قتلا في هجوم أنقرة "جاءا من سوريا وتدرّبا هناك"، الأمر الذي نفته قوات سوريا الديموقراطية، وهي ائتلاف من فصائل كردية وعربية تقوده وحدات حماية الشعب الكردية وتعتبرها أنقرة منظمة "إرهابية" وامتدادا لحزب العمال الكردستاني. "أهداف مشروعة" وأعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إثر هجوم أنقرة أن "كلّ البنى التحتية والمنشآت الكبيرة ومنشآت الطاقة التابعة (للمجموعات الكردية المسلحة) في العراق وسوريا هي أهداف مشروعة لقواتنا الأمنية"، قبل أن تبدأ القوات التركية حملة قصف جوي مكثف أوقعت يومي الخميس والجمعة 15 قتيلاً من قوات أمن ومدنيين، وفق حصيلة للقوات الكردية. تراجعت وتيرة الضربات إلى حد كبير خلال نهاية الأسبوع وركّزت بشكل خاص على محطات رئيسية للنفط والغاز ضمن الحقول المترامية بالقرب من الحدود السورية التركية، وأخرى لتوليد الكهرباء وضخّ المياه، ما تسبّب بأضرار بالغة، في منطقة تعد فيها البنية التحتية هشّة أساساً. وفي العراق المجاور، قصفت تركيا أهدافاً كردية بعد ساعات من الهجوم على وزارة الداخلية. وتشنّ تركيا أساساً بين الحين والآخر ضربات بطائرات مسيرة تستهدف مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة أميركياً والتي خاضت معارك شرسة ضد تنظيم الدولة الإسلامية انتهت بدحره من آخر مناطق سيطرته عام 2019. ومنذ العام 2016، شنّت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين طالما أعلنت أنقرة سعيها لإبعادهم عن المنطقة الحدودية. ودعت قوات سوريا الديمقراطية حليفتها واشنطن وموسكو إلى "أن تبديا موقفاً واضحاً في الرد على استهداف الاحتلال التركي للمدنيّين والمؤسسات الخدمية والمدنية العامة". وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً متشعّب الأطراف تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان.
مشاركة :