الانسحاب الروسي المفاجئ من سوريا ورقة ضغط على الأسد

  • 3/16/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كتب : عمار عوض على حين غرة ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شاشات التلفاز وإلى جانبه وزير دفاعه ووزير الخارجية سيرغي لافروف ليعلن في واحدة من مفاجآته التي ما فتئ يتحف بها المراقبين، معلناً سحب القسم الأكبر من قواته وطائراته المقاتلة في سوريا، بعد مضي خمسة أشهر ونصف الشهر شهدت قيام الطيران الروسي بـ 9000 طلعة جوية أعطت مهلة معقولة لنظام الأسد ليلتقط أنفاسه. وشهدت سقوط طائرتين حربيتين روسيتين، أنهت إحداهما العلاقة المزدهرة التي كانت تجمع روسيا وتركيا. لكن بالمقابل حقق بوتين الكثير من المكاسب من مشاركته في الحرب في سوريا حيث أعاد تموضع روسيا بين القوى الدولية، وأنهى حالة العزلة الدولية التي كانت مفروضة على موسكو من جراء تدخلها في أوكرانيا وضمها لجزيرة القرم. ويقول المحلل العسكري المستقل الكسندر جولتس من موسكو لصحيفة الغارديان قبل تدخلنا كان لا أحد يريد التعامل مع روسيا عقب تدخلها في أوكرانيا، وكان الهدف من الحملة الجوية في سوريا إجبار الغرب للتعامل مع روسيا مرة أخرى ولقد حدث هذا، والآن أتى الخروج من الصراع مع الحد الأدنى من الخسائر. أعتقد أنها خطوة تكتيكية رائعة جداً، بينما نقل مسؤول روسي رفيع المستوى لصحيفة واشنطن بوست أن بلاده تعتزم ترك منظومة الصواريخ المضادة للطائرات إس- 400 في سوريا، وهذا ما يعني بحسب الصحيفة: إن روسيا ستواصل السيطرة على المجال الجوي السوري. ونجد أن وسائل الإعلام الرسمية السورية حاولت التقليل من أهمية انسحاب روسيا، وأكد التلفزيون الرسمي أن القرار تم اتخاذه بالتنسيق مع الحكومة السورية، على الرغم من أن الكرملين قال في وقت سابق أمس إنه لم يتشاور مع الشركاء السوريين قبل هذه الخطوة، وهو ما أكده حلفاء آخرون لنظام الأسد لصحيفة واشنطن بوست أن إعلان روسيا انسحابها أتى على حين غرة بالنسبة لحلفائهم في دمشق، وأنهم لم يكونوا يعلمون به إلا لحظة إعلانه. وفي هذا الصدد أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن بوتين أبقى على ما يقارب 4000 من القوات الروسية و50 طائرة مقاتلة. وعن التدخل الروسي منذ البداية لفتت إلى أن بوتين كان لا يرغب أن يصبح مجرد قوة تقاتل بالوكالة عن الأسد. وقال اليكسي ماكاركين نائب مدير مركز السياسات في موسكو روسيا لا تريد القتال من أجل الأسد على هذا النحو ولو كانت روسيا واصلت الحرب بالوكالة كانت ستجد نفسها في لحظة ما في صراع مع لاعبين آخرين بشكل مباشر. وأشار محللون لـنيويورك تايمز إلى أن بوتين حقق معظم أهدافه إن لم يكن كلها، بعضها صرح به والبعض لم يكشف عنه، ورتبت الصحيفة مكاسب بوتين على النحو التالي: أولاً: هو أحبط المحاولات الغربية للضغط من أجل تغيير القيادة في سوريا ومحاربة فكرة جلب حكومات تصنع في الخارج إلى الدول التي تعاني متاعب، وثانياً: هو أظهر أن موسكو حليف أكثر موثوقية من واشنطن. ثالثاً: استعاد لروسيا دورها في الحقبة السوفييتية كعنصر فاعل ومهم في منطقة الشرق الأوسط كما هو الحال لإيجاد حلول للمشاكل العالمية وإرغام بوتين العالم على احترام روسيا كدولة رائدة في العالم. رابعاً: تحطيم العزلة التي فرضتها واشنطن على موسكو بعد الأزمة الأوكرانية وإدارة حوار مباشر مع واشنطن وفتح قنوات الحوار بدرجة أقل مع أوروبا. خامساً: حصلت موسكو على أمور فرعية بحسب نيويورك تايمز تتمثل في صرف الانتباه عن الحرب في أوكرانيا والحصول على وعود أولية برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا كما أن الانسحاب يوفر ما يقارب 3 ملايين دولار هي التكلفة اليومية للعمليات العسكرية الروسية في سوريا وهي ستساعد اقتصاد موسكو المتداعي أصلاً. سادساً: إظهار فعالية وتجربة الجيل الجديد من الأسلحة الروسية وإعادة روسيا إلى صدارة الدول المصدرة للسلاح وإن كان العاملان الآخران هما فرعيان وليسا أساسيين بحسب الصحيفة. وبالنسبة للوضع في سوريا قالت الصحيفة نقلاً عن محللين في موسكو إن القرار جاء بعد تثبيت الهدنة في سوريا، وجعله فعالاً ودائماً، وأن الغرض من أن يكون مفاجئاً، هو إرسال رسالة إلى الرئيس بشار الأسد الذي أغضب بوتين لعدم مرونته في المفاوضات. وأشارت إلى أن الأسد حصل على توبيخ من بوتين لتصريحه بأنه سيقاتل حتى النهاية، والذي تزامن مع رفض وزير خارجيته وليد المعلم الحديث عن الانتخابات الرئاسية وتداول السلطة. ونقلت نيويورك تايمز عن دبلوماسيين عرب في دمشق أن نظراءهم الروس أكدوا لهم في الأسابيع الأخيرة أن روسيا تدخلت لحماية الدولة السورية من الانهيار، وليس من أجل الأسد نفسه. وقال كليف كوبشان، رئيس مجموعة أوراسيا، وهي مجموعة استشارية مقرها واشنطن لم يتضح بعد ما إذا كان الأسد سوف يظهر رغبة جديدة للتفاوض. وقالت مجلة الدفاع 1 (ديفنس ون) القريبة من دوائر صنع القرار في البنتاغون إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يجب أن يستثمر هذا الانسحاب في الضغط على الأسد وحلفائه، كما يجب وضع مجموعة العقوبات على روسيا على الطاولة، إلى جانب التهديد بوضع عقوبات أخرى على إيران وحلفائها في سوريا للحصول على مواقف إيجابية في المفاوضات، كما دعت إلى تقديم المساعدة الممكنة لخلق منطقة آمنة في سوريا.

مشاركة :