واصل ملتقى السرد الخليجي الثالث والذي تستضيفه وزارة الثقافة وتنمية المعرفة بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في أبوظبي فعالياته لليوم الثاني بثلاث جلسات ناقش من خلالها مجموعة من أوراق العمل، وأكدت عفراء الصابري وكيل الوزارة أن الملتقى يأتي تنفيذاً للاستراتيجية الثقافية الخليجية التي تؤكد أهمية إقامة العديد من الفعاليات الخليجية المشتركة، والتي تسهم في الارتقاء بالعمل الثقافي الخليجي المشترك، وللتأكيد على الدور الإبداعي للحركة الأدبية بمنطقة الخليج العربي، وتعزيزاً للتواصل الثقافي بين أبناء دول المجلس، كما يعد تقديراً لمكانة السرد في الوطن العربي وإعلاء لما تضمنه التراث السردي من قيم أخلاقية وجمالية في الثقافة العربية. ضمت الجلسة الأولى في اليوم الثاني ثلاث أوراق عمل، الأولى للكاتبة الإماراتية مريم جمعة فرج والكاتب القطري محمد حسن الكواري والكاتب العماني حمود التشكيلي، تناولت ورقة فرج التي جاءت بعنوان قراءة في السرد واللغة كحالة ذهنية القصة الإماراتية القصيرة، بالإحالة إلى نماذج مختارة من أعمال القاصتين مريم الساعدي وصالحة عبيد، وتوقفت عند قصص نوارس تشي جيفارا وثوب زهري في جنازة جدتي لمريم الساعدي، وخصلة بيضاء بشكل ضمني، وغرق أو ما لم يشعه الرواة حول سلامة وبناتها، لصالحة عبيد، وألقت الضوء على مكوناتها السردية بالتركيز على اللغة وما يعبر عنها من عناصر فنية ضرورية للبناء السردي القصصي لدى الكاتبتين مثل المفارقة، التكثيف والشعرية والاسترجاع، وتطرح الورقة القدرات الإبداعية للقاصتين اللتين تعتبران النص السردي رؤية ذاتية تأتي اللغة للإفشاء بها عبر حالة ذهنية ونصوص تحيلك لا إلى المعنى فقط، وإنما إلى ما وراء المعنى. وتناولت ورقة حمود الشكيلي التاريخ في الرواية العمانية، حيث يطرح من خلالها العلاقة بين الخطاب الروائي باعتباره خطاباً إنشائياً جمالياً والتاريخ باعتباره خطاباً واقعياً نفعياً، وحاول الناقد تقسيم الدراسة إلى ثلاث مراحل، رصدت التطور الذي حدث في الرواية العمانية من حيث علاقتها بالتاريخ. وفي الجلسة الثانية قدم الدكتور فهد حسين من البحرين ورقة بعنوان السرد الخليجي مرآة التنوع الثقافي وتعدد الهويات، وركزت الورقة على الرواية الخليجية باعتبارها حاضنة للمشهد الثقافي العام، وطرحت العديد من الأسئلة والمفاهيم بدأتها بالتساؤل حول وجود كتابات سردية خليجية حقيقية في مجال الرواية والقصة القصيرة ومدى إسهام الأعمال الإبداعية في إبراز المنجز السردي وأين موقع السرد الخليجي على المستويين العربي والأجنبي. ورقة د. أمل محمّد عبدالواحد التّميمي من المملكة العربية السعودية ناقشت تعدد الهويات والاندماج الواعي في السّرد الخليجي من خلال مذكرات المبتعثين السّعوديين. فيما طرح الدكتور حسن رشيد من دولة قطر خلال جلسات أمس بحثاً بعنوان بدايات القص في قطر، حيث طرح بدايات السرد في قطر قائلاً إن البدايات كانت مغلفة بالضبابية.. حيث لعب الأشقاء العرب دوراً في إطار تقديم بعض النماذج عبر المجلات التي تصدر عبر شركات النفط مثل (المشعل)، وفي إطار النقد الموضوعي فلا يمكن إدراج تلك المحاولات ذات أثر إبداعي، أما ما يخص الرواية فأوضح رشيد أن الأمر أكثر غموضاً. وأكد رشيد أن هذا لا يعني أن الواقع السردي مغلف بالضبابية، فهناك العديد من الأسماء والعديد من المحاولات قد نشرت حتى الآن مجموعتين في إطار القصة القصيرة، (الموتى لايرتادون القصور، الحضن البارد) على سبيل المثال لا الحصر. وقدم الباحث والكاتب البحريني عبدالقادر عقيل بحثاً بعنوان القصة القصيرة جداً خليجياً.. التكثيف والإدهاش، حيث استعرض من خلال البحث مسيرة وظهور القصة القصيرة جداً بداية من محاولات الروائي المعروف أرنست هيمنغواي، وكتابة أقصر قصة مكونة من ست كلمات، وكيف فتح بذلك الباب أمام لونٍ جديدٍ من ألوان الكتابة الإبداعية أطلقَ عليه اسم (القصة الومضة) أو (القصة القصيرة جداً). وتناول صدور كتابِ (انفعالات) للروائية والكاتبة المسرحية الفرنسية ناتالي ساروت عام 1932 كأول عملٍ أدبي متكامل، يبشرُ بولادة القصة القصيرة جداً، معتمدة في ذلك تقنية الإيجاز والتكثيف، وكيف كان تأثير كتاب (انفعالات) كبيراً فرنسياً وعالمياً، إذ تتالت الكتابات الجادة التي احتفتْ بالقصة القصيرة جداً، كفنٍ سردي جديد يضافُ إلى الفنون السردية المعروفة الأخرى. ونظمت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة أمس زيارة سياحية لكافة المشاركين في الملتقى إلى مسجد الشيخ زايد الكبير، حيث أبدى الأدباء والروائيون إعجابهم الشديد بالمسجد باعتباره تحفة فنية ومعمارية متفردة، معبرين عن سعادتهم بزيارة هذا المعلم الديني المهم، كما أكدوا التنظيم الرائع لجلسات وأعمال الملتقى الذي سمح للمبدعين الخليجيين في الرواية والقصة والنقد الأدبي بالتباحث والنقاش والاطلاع على تجارب وأعمال بعضهم البعض بما يفيد العملية الإبداعية على مستوى كافة دول الخليج.
مشاركة :