'راس براس' ضجة إعلامية لكوميديا سعودية خالية من الحبكة الفكاهية

  • 10/10/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تدور أحداث فيلم "راس براس" في حي بذيخة، وهو مكان غريب لا يعكس سوى طابعه غير العادي. ويركز العمل على شخصية "درويش" يجسده النجم عادل رضوان، السائق العاشق والبسيط الذي ينجح عن طريق الصدفة في نقل أكبر مجرم متقاعد من المطار، مما يؤدي إلى مطاردته من قبل عصابة المجرمين السابقين الذين يسعون لاستعادته بسلامة. وتتوالى الأحداث بإيقاع متسارع أحيانًا وببطء أحيانًا أخرى، وتحمل في طياتها لقطات شبه مضحكة عندما يتورط درويش بالتعاون مع أبوغدرة وفياض، الرئيس التنفيذي الجديد لشركة التكسي، في مهمة تضليل العصابة. يقومون بخداع العصابة وإقناعها بأن المجرم العجوز ما زال على قيد الحياة، مما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث غير المتوقعة والمغامرات الكوميدية الباردة. هذا الفيلم الذي تم الترويج له بشكل كبير واختير لتمثيل السعودية في مهرجانات عالمية، هو مجرد خيبة أمل كبيرة، إذ أنه يقدم نفسه كعمل سينمائي غامض ومدهش، لكنه في الواقع ليس إلا كوميديا زائفة بلا قيمة حقيقية. فمعظم المشاهد تظهر بشكل كبير أسلوب الكوميديا الهندية السطحي، ولا تقدم أي محتوى مميز أو إثارة حقيقية. حبكتها الغريبة والعشوائية تبدأ بالتطور بطريقة متوقعة ولا توفر أي مفاجأة حقيقية. محاولة المالك المتهور لتولي منصب الرئيس التنفيذي للشركة تبدو مجرد محاولة فاشلة لتقديم لحظات كوميدية زائفة، هو في الحقيقة عمل لا يستحق الضجة التي أُثيرت حول توقعاته. إن ما يجعل "راس براس" باهتا هو الشخصيات المزيفة والكوميديا المبتذلة، فبطل الفيلم الذي يؤدي دور سائق سيارة يجسد الارتباك والظروف الصعبة بشكل مضحك، في حين أن جاك أوف دايموند، الشخصية العصابية، تقدم أداءً غير مقنع دراميًا وفكاهيًا. يستغل المخرج بمهارة فن التصوير والإثارة في الوقت ذاته مما يجعل العمل تجربة سينمائية جيدة على مستوى الصورة وحتى الإضاءة ولكن يبقى فيلمًا سعوديًا يستوحي أسلوبه من مصادر متعددة عوضًا عن الالتزام بنمط واحد أو تصميم مشاهد منسجمة. هذا الفيلم هو مثال جديد على الأعمال السينمائية التي تفتقر إلى الأصالة وتتبع نمطًا طابعيًا مملًا. من اللحظة الأولى لبداية الفيلم، يبدو أنه نسخة تقليدية وبسيطة من عالم السينما الهندية والغربية والأوروبية، ومع ذلك يفتقر إلى العمق والإبداع الذي يمكن أن يجعله مميزًا. تصميم المشاهد والأسلوب العام للفيلم يشبهان بشكل محزن مشاهد الأفلام الهندية ولكنهما يفتقران إلى الروعة والابتكار. الشخصيات تظهر بشكل سطحي وبلا عمق، وتفتقر إلى أي جاذبية أو تأثير. اللقطات والمشاهد المتتالية التي تظهر في الفيلم ليست سيئة لكنها تبدو مبتذلة بشكل لافت. التطورات في القصة لا تتبع مسارًا منطقيًا وتبدو مجرد محاولات ميؤوس منها لجعل الأمور تأخذ منحى مختلف، حينما يحاول شخص تفجير شخصين آخرين، يتغير من الخبث إلى السذاجة بشكل غريب ولا يبدو مناسبًا على الإطلاق. تجمع الشخصيات المختلفة في النهاية لمواجهة الخصم، ولكن هذا الاجتماع لم يكن له أي تأثير إيجابي على جودة الفيلم. الفيلم أهمل تمامًا الشخصيات النسائية في بدايته، واكتفى بتقديمها كشخصيات ثانوية بلا أهمية، لكن حينما حاول ترتيب الأمور وجلب إحدى هذه الشخصيات إلى الواجهة، فشل بشكل أساسي في إبرازها بشكل مناسب. حبيبة البطل تبدأ كشخصية ثانوية وتنتقل إلى دور رئيسي بطريقة مفاجئة وغير متوقعة. هذا التحول كان فقط نقطة تكامل لافتة للانتقادات السلبية للفيلم. أما بالنسبة للبطل الرئيسي، فكانت طريقة تطور شخصيته مجرد هراء. بدأ كشخص عادي يواجه ضغوط العمل ولكن سرعان ما تحول إلى مسخرة تحمل السلاح وتتخذ قرارات لا تلائم الواقع. هذا التحول كان غير منطقي تماما وأفسد بشكل كبير جاذبية الشخصية الرئيسية وأثر سلبًا على تجربة المشاهدة. على الرغم من تنوع الأنماط السينمائية في هذا الفيلم، إلا أنه يبدو أنه تم استخدام هذا التنوع بشكل مبالغ فيه وبدون توجيه واضح. التصوير الغربي الكلاسيكي والكوميديا الهندية تبدوان وكأنهما تم تطبيقهما بدون رؤية مشتركة أو إضافة إلى القصة، على العكس من ذلك يعطي الفيلم انطباعًا سطحيًا ومبتذلًا للمملكة العربية السعودية، ولا يتعمق في استكشاف جوانبها الثقافية والاجتماعية بشكل جاد. عمليات التصوير تمت بشكل فني جيد، ولكنها لم تترك انطباعًا بارزًا أو مميزًا. يبدو أن الفيلم يعتمد بشكل كبير على التقنيات الحديثة دون أن يقدم مضمونًا سينمائيًا قويًا. وعلى الرغم من أنه يحاول جلب الاهتمام من خلال تنوعه والموسيقى التصويرية الفكاهية، إلا أنه يبقى عملًا سينمائيًا ضعيفًا ومبهمًا بشكل عام. فيلم "راس براس" يعتبر واحدًا من تلك الأعمال السينمائية التي تفتقر إلى العمق والابتكار، فهو يعتمد على تقليد أفلام الكوميديا والدراما المماثلة دون إضافة أي عنصر جديد أو فكرة مبتكرة. القصة ضعيفة ومسبقة الإعداد، والشخصيات تبدو مألوفة للغاية وخالية من التطور الحقيقي، علاوة على ذلك تتسم النكات في الفيلم بالسطحية والتكرار مما يجعلها غير مضحكة بشكل كبير. في نهاية الأمر فيلم "راس براس" يعتمد على الأنماط والصيغ السينمائية القديمة دون أن يقدم أي جديد أو مبتكر، مما يجعله تجربة ضعيفة ومملة بشكل عام. الفيلم من تأليف عبدالعزيز المزيني، وبطولة عبدالعزيز الشهري، وإخراج مالك نجر وهو فنان سعودي يعمل كمصمم ومخرج ومنتج للأفلام والرسوم المتحركة، وُلد في محافظة الدوادمي في السعودية، واشتهر اسمه بعد سلسلة أفلام قصيرة تحمل اسم "مسامير"، يشغل منصب الرئيس التنفيذي الإبداعي في أستوديو ميركوت الذي أسسه مع عبدالعزيز المزيني عام 2014.

مشاركة :