مراكش (المغرب) - توقع خبراء صندوق النقد الدولي ارتفاع نمو الاقتصاد المغربي من 1.3 في المئة سنة 2022 إلى 2.4 في المئة سنة 2023، قبل انتعاشة طال انتظارها ليقارب نسبة 3.6 في المئة في 2024، مع انخفاض معدل البطالة بالمغرب. ليكون أحد أكبر اقتصاديْن صاعدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقدّم الخبراء تقريرهم السنوي الجديد بعنوان "اجتياز المسارات العالمية المتباعدة". في ثاني أيام الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تعقد لمدة أسبوع في مراكش. ورغم تباطؤ مرتقب لدينامية الاقتصاد العالمي لا سيما في الاقتصادات المتقدمة، إلا أن نمو الاقتصاد المغربي يأتي مدعوما "بتراجع وانخفاض وانحسار موجة الصدمة التضخمية، وانخفاض معدل البطالة بالمغرب إلى 11.7 في المائة سنة 2024". وتوقع "تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أكتوبر 2023" أن تحقق منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى نموا بـ3.4 في المائة العام القادم، على أن يصل عند نهاية العام الجاري إلى 2 في المائة. وضربت المؤسسة الدولية المالية، المثال بأحد أكبر اقتصاديْن صاعدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هما المملكتان المغربية والسعودية، ضمن آفاق النمو الاقتصادي المتوقعة. ويعتزم المغرب بشكل عام إنفاق 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار)، على خطة إعادة الإعمار بعد الزلزال، التي تشمل تحديث البنية التحتية على مدى السنوات الخمس المقبلة. وأطلقت الحكومة برامج خاصة للسيطرة على التضخم، كما واجهت تضخم الأغذية من خلال خفض الضرائب والرسوم على المنتجات الزراعية، وتثبيت سعر الكهرباء لتخفيف الأعباء عن الأسر وضبط التضخم. وقالت وزيرة المالية المغربية نادية فتاح العلوي، إن بلادها نجحت في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في المغرب، وأضافت أن "تنظيم الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين يعكس الثقة في صمود اقتصاد المغرب أمام الأزمات". وكان نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، قد أكد أن الاقتصاد المغربي يسير في اتجاه سليم، لكنه أشار إلى أن التنافسية في الاقتصاد المغربي لم تستغل بشكل كامل. وأضاف بلحاج "تعزيز دور القطاع الخاص في المغرب قد يرفع النمو الاقتصادي فوق 6 بالمئة". وأوضح أن المغرب مقارنة ببلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يعد من أفضل الدول فيما يتعلق على الخصوص بالقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية. وسلط الضوء على الجهود التي تبذلها البنوك المغربية والمكتب الشريف للفوسفاط والخطوط الملكية المغربية، إلى جانب فاعلين آخرين، للعمل في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مبرزا التطور الذي حققه المغرب خلال العشرين سنة الماضية. يشار إلى أن الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي انطلقت، الاثنين بمشاركة نخبة من الاقتصاديين والخبراء الماليين من مختلف دول العالم، وذلك لمناقشة الرهانات الكبرى المرتبطة، على الخصوص، بسياسات التمويل والنمو الاقتصادي والتغير المناخي. وسيمكن هذا الحدث العالمي، الذي يعود إلى أرض إفريقية بعد غياب امتد لنحو 50 سنة، صناع القرار الاقتصادي والمالي من الوقوف عن كثب على الإنجازات والتقدم الذي حققه المغرب في مختلف المجالات. وأظهرت بيانات المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، نمو اقتصاد البلاد بنسبة 2.3 في المئة في الربع الثاني من 2023، بالمقارنة مع 2.2 بالمئة خلال الربع ذاته من العام السابق. وقالت المندوبية إن الأنشطة غير الزراعية شهدت زيادة بنسبة 2.1 في المئة، في حين ارتفعت أنشطة القطاع الزراعي بنسبة 6.3 في المئة. وذكر خبراء صندوق النقد ضمن جلسة تقديم التقرير، معلّقين على مضامينه إنهم سجلوا عموما تراجعا ملحوظا عن المتوسط التاريخي طيلة العقدين الأوليَيْن من العام الجاري (2019-2020) البالغ 3.8 في المئة، مشددين على أنه "لا يزال التعافي العالمي بطيئاً بسبب استمرار تداعيات الحرب في أوكرانيا، مع تزايد التباعد بين المسارات الإقليمية وضآلة هامش الخطأ في السياسات". ومن المتوقع تباطؤ النمو في الاقتصادات المتقدمة من 2.6 في المئة في عام 2022 إلى 1.5 في المئة في عام 2023 ثم 1.4 في المئة عام 2024 مع بدء ظهور بوادر التأثير الموجع لتشديد السياسات. ويُتوقع أن تسجل اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية انخفاضا محدودا في معدلات النمو من 4.1 في المئة في عام 2022 إلى 4.0 في المئة في عامي 2023 و2024 نتيجة استفحال أزمة القطاع العقاري في الصين. وتعد الإصلاحات الهيكلية، حسب تقرير صندوق النقد، "عنصرا حيويا لانتعاش آفاق النمو على المدى المتوسط في ظل ضيق حيز السياسات المتاح"، موصيا بـ"تعزيز الأطر متعددة الأطراف ومساندة محافل التعاون الدولي القائمة على القواعد من أجل التعجيل بالتحول الأخضر، وزيادة الصلابة في مواجهة الصدمات المناخية، وتعزيز الأمن الغذائي لملايين البشر". وخلال المنعطف الراهن، يضيف التقرير أن إجراءات وأطر السياسة النقدية يشكّلان عاملاً بالغ الأهمية في سبيل الحفاظ على ركيزة التوقعات التضخمية.
مشاركة :