قد يسجّل التاريخ أنّ "512 بي بي" هي أول سيارة مخصّصة للاستخدام على الطرقات العامة من الصانع الإيطالي، تأتي مجهزة بمحرك من 12 أسطوانة مثبّتة في الوسط لا في مقدمة السيارة، كما كانت العادة لدى "فيراري" قبلها. ولكن في الحقيقة، فإنّ هذه السيارة حملت سرًا لم يتم الكشف عنه سوى بعد مرور حوالي 46 عامًا على خروج أول نسخها عن خطوط الإنتاج. القصة بدأت في أولى مراحل تطوير السيارة، عندما وجد مصمّم السيارة "ليوناردو فيورافانتي" بالاتفاق مع "أنجلو بيللي" و"سيرجيو سكاليتي" أنّ الخطوط التي تم رسمها للسيارة جميلة للغاية تمامًا، كما الممثلة الفرنسية الشهيرة "بريجيت باردو"، لذا قرروا أن يُطلقوا عليها هذه التسمية، التي سرعان ما انتشرت في أروقة القلعة الحمراء، وبين فنييها، وميكانيكييها. ولكن عندما حان وقت إنتاج السيارة، كان لا بد لـ "فيراري" أن تختار لها اسمًا رسميًّا، يليق بسيارة من سيارات الحصان الجامح، في الوقت الذي لم يكن من الممكن بأي شكل من الأشكال أن يجري التسويق للفنانة الفرنسية من خلال إطلاق اسمها على طراز تنتجه "فيراري"، العلامة التجارية التي كانت ولا تزال الأبرز في عالم السيارات الرياضية. من المعروف أنّ أسماء "فيراري" تكون عادةً إما تسميات شاعرية مستمدة من تاريخها العريق، أو ببساطة وفقًا لحجم المحرك الذي يؤمّن لها القوة، لذا تم اختيار تسمية 365 جي تي 4 بي بي، ومن ثم 512 بي بي بشكلٍ يكون الحرفان "بي بي" اختصارًا لعبارة "برلينتا بيالبيرو"، أي عمود مرفقي مزدوج، لا لأنها "برلينتا بوكسر"، كون محركها الذي وللمناسبة هو محرك الأسطوانات الـ 12 المنبطحة الوحيد في التاريخ لا يعتمد هندسة بوكسر، كما هو الحال مع محرك بورشه الشهير. هذا من جهة، ومن جهة ثانية راعت "فيراري" بهذا القرار مشاعر موظفيها من خلال الإبقاء على الحرفين "بي بي" ضمن تسمية السيارة. اقرأ أيضًا:فيراري أف 50.. مسيرة الكمال المستمر قد تبدو هذه القصة غريبة، ويمكن أن تصبح بسهولة حبكة لفيلم سينمائي، خاصةً أنّ قيام مصممي "فيراري" بالتوصل إلى سيارة تتمتع بخطوط خارجية خلابة لم يكن أمرًا غريبًا عليهم، فهم الذين نجحوا عبر سنوات وسنوات طويلة في توفير أقصى درجات الإثارة المظهرية في السيارات التي تخرج من تحت أناملهم، فإذًا ما هو الداعي للاستغراب ومن ثم التباهي؟ الإجابة هي أنّ "برلينتا بوكسر"، "برلينتا بيالبيرو"، "بريجيت باردو"، أو مهما طاب لك عزيزي القارئ أن تسميها، هي كما ذكرنا أول سيارة إنتاج تجاري من "فيراري" مزوّدة بمحرك يتخذ وضعية وسطية، الأمر الذي كان العديد من المراقبين يجدون فيه تحديًا كبيرًا كونه لا يسمح لهم بتطبيق الحلول التصميمية التي كانت في وقتها تُعد من أبرز سمات الجمال في السيارات، أي الخطوط المنسابة التي تحمل مقدمة طويلة وسقفًا زجاجيًّا منسابًا إلى الخلف، كما كانت الحال مع فيراري 365 جي تي بي/4 "ديتونا". كما أنّ تثبيت محرك في الوسط يفرض تجهيز جسم السيارة الجانبي بفتحات تهوية واسعة للتبريد، إلا أنه في النهاية تمكن مصممو "فيراري" مع "بي بي" من ابتكار التصميم الجذاب لسيارة مزوّدة بمحرك وسطي. وفي الختام، ما هو رأيك عزيزي القارئ. هل كان يجدر بـ "فيراري" أن تطلق تسمية الممثلة الفرنسية على أجمل سياراتها أم لا؟
مشاركة :