التغير الملحوظ الذي يطرأ اليوم على مجتمعنا المؤمن بالفطرة المحافظ على عاداته وتقاليده، صاحب الخصوصية والقيم الإسلامية الرفيعة وما وصل إليه في الفترة الأخيرة من انفتاح ثقافي وتعددية فكرية وتقبل للرأي والرأي الآخر والتوسع في قبول فقه المذاهب الأربعة دون الاقتصار على مذهب واحد، والتخفيف من العمل بقاعدة سد الذرائع بل وتحليل بعض مما كان يحرمه في الماضي القريب، كل هذا التغير في طريقة تفكير مجتمعنا كان نتيجة حتمية متوقعة لخطفه بقوة وعنوة واقتياده قهرًا وكرهًا وتوجيهه قسرًا وجبرًا لأربعة عقود زمنية من قبل جماعات حزبية تدعى الإخوان والسرورية، دون قناعة حقيقية بمنهجهم وإيمان كامل بفكرهم وبنزاهة رموزهم وقادتهم، ولكن لعدم توفر بديل آخر بذات الانتشار والقوة والسطوة في المجتمع. وساتجنب إثم القسم بالله وساجزم فقط وأقول لو كانت تلك الجماعات ليست جماعات بدعية ومن الفرق الضالة، ولو كانت على حق وأهدافها دينية وأجنداتها ليست دنيوية تسعى للحكم وما كان الدين إلا وسيلة للوصول لأهدافها الدنيوية وطريق لبلوغ احلامها ومطية لتحقيق أوهامها، أقول لبارك الله عملها ونشر منهجها وأشاع فكرها وعمم عقيدتها ونصر قادتها وحفظ اتباعها من مغبة السجون وغربة الترحال والهروب، وبقى أثرها في الأمة وتأثيرها في الناس حتى قيام الساعة. والتجارة بالدين والتنفع به ومنه بدأ منذُ زمن بعيد وقد أشار إلي ذلك العالم المسلم ابن رشد رحمه الله الذي توفى عام ٥٩٥هـ حين قال: "التجارة بالدين هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل، وإذا أردت أن تتحكم فى عقل جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني"، قال الله عز وجل: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلًا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم". تلك الصحوة الرائدة في بداياتها المشوهة بعد اختطافها من قبل تلك الجماعات الحزبية ذات الفكر المنحرف والمنهج الخفي انتهت للأبد بفضل الله ثم بعزم وحزم قيادتنا الحالية، واليوم نبدأ بحول الله يقظه ولا نقل صحوة فالصحوة تطلق على النائم بعدما يفيق من نومه أو السكران بعدما يصحو من سكرته، يقظه في شتى المجالات والميادين والعلوم وأهمها وأولها فهم ديننا ومنهجنا الإسلامي الحنيف فهمًا صحيحًا راسخًا كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، والسير على منهج السلف الصالح وطريق أهل السنة والجماعة دون غلو ولا تفريط، قال سبحانه وتعالى:"وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك". ومجتمعنا اليوم ولله الحمد والمنة مجتمع متعلم متنور يصعب خداعه كما كان في السابق ولم يعد هناك من يبتاع عقلاً يفكر ويقرر عنه، بل يفكر ويبحث ويقرر لنفسه ما يراه مناسبًا له، ولن يدع أصحاب الهوى والأجندات الحزبية يعبثون بعقله ويختطفون إرادته، فعندما يؤجر الإنسان عقله لغيره بالتأكيد سيكون تأجير منتهي بالتمليك ولن يتمكن فيما بعد من استعادة فكره وكرامته وحريته وسيدار ويوجه عن بُعد حسب ما تقتضيه مصلحة المالك! كل راعٍ مسؤول عن رعيته وأهل بيته، وكل إنسان سيحاسب عن نفسه لا غيره، ويبقى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة لها أثر في حفظ أمن واستقرار الأمة باللين والرفق وبالتي هي أحسن، وأخيرًا أُبشر نفسي والجميع بأن بلادنا ومجتمعنا بفضل من الله ورحمته "لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون".
مشاركة :