أمضت سمر شاكر وأطفالها الخمسة 3 ساعات على الطريق، في محاولة للفرار إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة، بعد أن أصدرت إسرائيل تحذيرا بالإخلاء يوم الجمعة. وأوضحت الأم البالغة من العمر 46 عاما لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه بمجرد أن أصدر الجيش الإسرائيلي الأمر للسكان بالانتقال من المنطقة، أدركت بأنه سيقتل المزيد من سكان غزة. وأكدت الأم أنه لم يعد بإمكانها بعد ذلك البقاء داخل منزلها، فقد كانت خائفة من خسارة أطفالها كما حصل مع العديد من الأمهات. لذلك، قررت الرحيل جنوبا. وفي صباح الجمعة، أمر الجيش الإسرائيلي المدنيين في شمال قطاع غزة بالتوجه جنوبا خلال 24 ساعة. وسمح الجيش بالمرور الآمن على طريقين رئيسيين في قطاع غزة لعدة ساعات واستأنف الغارات الجوية المكثفة بعد ذلك. وتسبب التحذير من الإخلاء في حالة من الارتباك والذعر بين العديد من سكان غزة، الذين هرعوا للفرار من منازلهم بالمركبات أو العربات التي تجرها الحمير أو الخيول، أو حتى سيرا على الأقدام. وذكرت شاكر أنها شعرت وكأنها تعيش أحداث النكبة الفلسطينية التي وقعت في عام 1948 مرة أخرى، إذ لازمها نفس الشعور بالخوف من القتل والتهجير وعدم معرفة المصير. وأضافت قائلة إن إسرائيل تريد على ما يبدو أن يعيش الفلسطينيون كمهجّرين إلى الأبد. وأشار محمد فراج، وهو رجل آخر نزح من حي الدرج في مدينة غزة، إلى أنه لا يعرف إلى أين يذهب. وذكر الرجل البالغ من العمر 52 عاما وهو أب لستة أطفال أنه إذا لم يقم بإخلاء عائلته، فمن المؤكد أن "الجيش سيقتلهم"، قائلا إن الإسرائيليين لا يفرقون بين المسلحين والمدنيين "لأنهم يريدون قتل جميع الفلسطينيين". ومع ذلك، لم تكن رحلته إلى مدينة خان يونس جنوب غزة سهلة. وبعد عناء، وجد سيارة أجرة لنقله وعائلته، حيث تقاضى السائق 100 دولار أمريكي مقابل ذلك، وكان الطريق شديد الازدحام بالناس المتجهين جنوبا، بحسب وصفه. وخلال الرحلة، قال فراج لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه رأى الجيش الإسرائيلي يهاجم أربع مركبات مدنية وشاحنة تنقل أشخاصا، مما أسفر عن مقتل بعض الركاب. ووصف ذلك بأنه كان "مشهدا مأساويا"، معربا عن اعتقاده حينها بأن دورهم قادم. وبيّن كل من فراج وشاكر أن المخاوف من مصير مجهول باتت تطاردهما، والتي لا يمكن تبديدها حتى مع التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وقالا إن منزليهما دمرا وإنهما لا يستطيعان إعادة بنائهما في أي وقت قريب. كما كانا قلقين من تشديد الحصار الإسرائيلي لمعاقبة سكان غزة. وانتقدت الأمم المتحدة وعدة منظمات إنسانية بشدة أمر الإخلاء الإسرائيلي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الجمعة إن "نقل أكثر من مليون شخص عبر منطقة حرب مكتظة بالسكان إلى مكان لا يوجد فيه طعام أو ماء أو مأوى، وعندما تكون المنطقة بأكملها تحت الحصار، أمر خطير للغاية - وفي بعض الحالات، ببساطة غير ممكن". وأفادت وزارة الصحة في غزة بارتفاع كبير في أعداد الضحايا الفلسطينيين منذ بدء جولة القتال الحالية يوم السبت الماضي إلى 2228 قتيلا و8744 مصابا غالبيتهم من المدنيين. في غضون ذلك، بلغ عدد القتلى الإسرائيليين منذ 7 أكتوبر 1300 قتيل، فيما أصيب نحو 3400 آخرين، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الجمعة نقلا عن مصادر رسمية.
مشاركة :