بريطانيا واحدة من الدول القليلة التي تمتلك سلاحا نوويا في العالم، فهل ينبغي لها أن تكون كذلك؟ هذا السؤال بات موضوع نقاش عام محتدم في بريطانيا هذه الأيام، لا سيما بعد إعلان وزير الدفاع مايكل فالون، اعتزام الحكومة البريطانية استثمار 642 مليون جنيه إسترليني في الغواصات النووية البريطانية. قال فالون: إن رادعنا النووي يوفر الضمانة القصوى لأمننا ونمط عيشنا، ولهذا السبب نحن ماضون قدما في هذا الاستثمار، وهو إعلان يبدو أن الهدف منه استباق تصويت من البرلمان البريطاني حول تجديد البرنامج النووي البريطاني المعروف بـ"ترايدنت". ولكن بالنظر إلى وجود مشكلات وطنية واقتصادية أكثر إلحاحا واستعجالا، تضع موضوع تهديد التعرض لهجوم نووي في مراتب أدنى على سلم الأولويات، مثل التوتر بين أسكتلندا وويستمنستر، وبين لندن وبروكسل، بدأ بعض البريطانيين يتساءلون حول ما إن كان أسطول البلاد الصغير والمكلف من الغواصات النووية ما زال يستحق كل هذه التكاليف. وخلال العقود الستة من وجود البرنامج النووي البريطاني، تقلصت الإمبراطورية السابقة إلى قوة متوسطة الحجم تشعر أحيانا بأنها ليست على وفاق مع حلفائها في الاتحاد الأوروبي، غير أن "ترايدنت" يبقيها في المرتبة نفسها، على غرار نظيراتها الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا، وجميعها دول نووية. والواقع أن مخزون بريطانيا من الأسلحة النووية متواضع نسبيا؛ إذ يقدر بنحو 215 رأسا نووية تحملها الغواصات النووية الأربع التي تبحر حول محيطات العالم، مقارنة مع الترسانة النووية الأميركية التي تقدر بـ6 آلاف و970 رأسا نووية يمكن إلقاؤها من طائرات، أو تركيبها على صواريخ باليستية، أو حملها من قِبل غواصات. وتمتلك روسيا أكبر مخزون من الأسلحة النووية في العالم، إذ يقدر بـ7 آلاف و300 رأس نووية، بل إن فرنسا والصين تمتلكان عددا أكبر من الرؤوس النووية -ما يقدر بـ300 و260 لكل واحدة منهما- مقارنة مع بريطانيا، وفق "اتحاد العلماء الأميركيين" الذي يمتلك قاعدة بيانات هي الأوثق بشأن المخزونات النووية في العالم. بيد أن معظم البريطانيين يؤيدون الإبقاء على الوضع الرمزي والمكلف، إذ يشير استطلاع للرأي أجري في يناير إلى أن 51 % من البريطانيين يؤيدون تجديدا كاملا للبرنامج، و29 % يؤيدون غواصات تبحر عبر محيطات العالم دون أسلحة نووية، مثلما دعا إلى ذلك زعيم حزب العمال جيريمي كوربن في يناير، هذا في حين يعارض 20 % فقط التجديد. في المقابل، لا يبدي الأسكتلنديون تحمسا لتجديد البرنامج، إذ يعارضه 38 %، ويؤيده 36 %، بينما يؤيد 26 % خيار غواصات غير مزودة بأسلحة نووية. وعليه، فلا شك أن "ترايدنت" سيلعب دورا مهما عندما يذهب الأسكتلنديون إلى مكاتب الاقتراع في الانتخابات البرلمانية الأسكتلندية في 16 مايو المقبل.
مشاركة :