محمد اسماعيل - القاهرة - كتب - محمد طه: خلال الساعات القليلة الماضية، مارست دولة الاحتلال الإسرائيلي تضليلًا إعلاميًا، حاولت من خلاله نفي ارتكابها مجزرة قصف مستشفى الأهلي المعمداني في قلب غزة، والتي أسفرت عن أكثر من 500 شهيد، بينهم عدد كبير من الأطفال، فضلًا عن مئات آخرين من المصابين، حسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع. وفي مقطع فيديو سبقته تدوينات عدة على حسابه عبر "فيسبوك" تحاول تأكيد الأمر نفسه، نفى أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال، أن تكون طائرات إسرائيلية قصفت مستشفى المعمداني، بينما ادعى أن المستشفى أصيب نتيجة تعرضه لـ"إطلاق فاشل" لصاروخ نفذه تنظيم الجهاد الإسلامي. ولتأكيد مزاعمه، أعلن "أفخاي" أنهم توصلوا لهذه النتيجة بعد "تحقيق شامل ودراسة لكل الأنظمة العملياتية والاستخبارية" في جيش الاحتلال، لكنه مع ذلك لم يعرض أي صور أو فيديوهات لمجزرة المستشفى. وتزامنًا مع تصريحات أفيخاي، حاولت عدة صفحات إسرائيلية، من بينها حساب الناشط المتطرف إيدي كوهين عبر "إكس"، ترويج مقطع فيديو قالت إنه يثبت قصف المستشفى خطأ بصواريخ المقاومة الفلسطينية. وهو ما تبين لاحقًا كذبه، إذ يعود الفيديو المتداول على الحسابات الإسرائيلية للعام 2022، وكان يحمل ادعاء أيضًا حول قصف فلسطيني خاطئ أصاب منزلًا في منطقة جباليا، التي تبعد قرابة 4 كليومترات عن مستشفى المعمداني الذي استهدف بغارات مباشرة مساء الثلاثاء. وكان الفيديو الذي نشره "كوهين" وتداوله آخرون وتبنته وسائل إعلام غربية، تم تداوله سابقًا بتاريخ 6 أغسطس 2022 عبر موقع المشاهدات "يوتيوب" على قناة تحمل اسم "من أجل إسرائيل"، ادعى صاحبها وقتها أن المقاومة الفلسطينية هي من قصفت منزلًا في منطقة جباليا بالخطأ، وليس طائرات الاحتلال في غارات وقت في هذا الوقت وقتلت 5 أطفال فلسطينيين. وكتب تعليقًا على الفيديو: "تصريح رئيس جهاز المعلومات الوطني - إطلاق فاشل من قبل الجهاد الإسلامي هو سبب فاجعة مقتل الأطفال في جباليا، خلافا لما نشر بمنشورات فلسطينية بخصوص الحادثة جباليا. وهذا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا ليس هجومًا إسرائيليًا". قبل أن يعود جيش الاحتلال ويعترف بمسؤوليته عن مقتل الأطفال الفلسطينيين الخمسة في غارة جوية على مقبرة الفالوجة في بلدة جباليا شمالي القطاع، وهو الحادث الذي وقع في 7 أغسطس من العام 2022. وفي مداخلة عبر شبكة "سي إن إن" الأمريكية، قالت المراسلة الصحفية كلاريسا وارد، أنها كانت ضمن الذين أطلعوا على مقاطع فيديو خاصة بقصف المستشفى الذي كان انفجارًا هائلًا، مشككة في رواية أن يكون إطلاق صاروخ بالخطأ، ومشيرة إلى تحقيقات مطولة في الأمر كذلك أشارت مراسلة "سي إن إن" إلى أن مستشفى المعمداني الذي يقع في الجزء الشمالي من قطاع غزة كان يأوي آلاف الأشخاص الفارين هربًا من الغارات المستمرة، مضيفةً أنه رغم أوامر الإخلاء -التي صدرت عن جيش الاحتلال- لم يكن من الممكن نقل بعض منهم إلى أماكن أخرى لحاجتهم للعلاج. وكشف وكيل وزارة الصحة في غزة د.يوسف أبو الريش، في تصريحات متلفزة الثلاثاء، أن الاحتلال هدد إدارة مستشفى المعمداني لإخلائه قبل المجزرة الوحشية. وأضاف أنه حاليًا يصعب التعرف على جثث ضحايا المجزرة، التي أوقعت أكثر من 500 شهيد، في المستشفى الذي كان يعتبر ملاذًا آمنًا لسكان القطاع، مؤكدا أن كل الشهداء والجرحى في المجزرة مدنيون وبينهم أطفال. وأضاف وكيل وزارة الصحة أن المستشفى المعمداني لم يُستهدف في الحروب السابقة. كذلك أشار وكيل وزارة الصحة إلى أن قصف الأمس دليل على أن الاحتلال الإسرائيلي "كسر كل الخطوط الحمراء"، معربًا عن قلقه على مستشفى الشفاء الذي يقع على بعد قرابة 3 كيلومترات من مستشفى المعمداني. بينما أكد أن إحداثيات المستشفيات تُسلم للصليب الأحمر الدولي، الذي يسلمها بدوره للاحتلال الإسرائيلي، الذي يستهدف المرافق الطبية حاليًا في القطاع. ويمنع الاحتلال الإسرائيلي المساعدات الإنسانية التي تحشدها مصر وعدة دول في انتظار عبورها إلى القطاع، بينما يفرض حصارًا عنيفًا قطع خلاله إمدادات الكهرباء والمياه، في وقت يواصل غاراته التي تستهدف مختلف الأحياء المدنية والمرافق الحيوية منذ 11 يومًا، ردًا على عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة في 7 أكتوبر الجاري. وكان ظافر ملحم، رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية، أعلن الثلاثاء، أن المستشفيات في قطاع غزة ستتوقف عن العمل خلال ساعات، نتيجة نقص إمدادات الكهرباء. مضيفًا أنه لا توجد أي مصادر للطاقة في غزة في الوقت الحالي. كما صرح المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور أشرف القدرة، لـ"بي بي سي" الإثنين، بأن "لدى المستشفيات 24 ساعة قبل أن تفقد خدماتها الصحية تماما أمام المواطنين والجرحى، بسبب عدم توافر الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود". وكشف "القدرة" أن اثنين من مستشفيات غزة خرجا بالفعل عن الخدمة، من مجمل 14 مستشفىً. وطالب بـ"سرعة إرسال الوفود الطبية التطوعية من كافة التخصصات لإنقاذ جرحى القصف الإسرائيلي في مستشفيات قطاع غزة التي بات العديد من طواقمها الطبية ما بين قتيل ومشرد".
مشاركة :