مع ارتشاف القهوة العربية وتناول التمر، تحلو أحاديث النساء في السعودية، لا سيما في فترة الصباح مع بداية يوم عمل جديد. قهوة وتمر، رديفان يكملان بعضهما بعضاً، كعملة واحدة لعنوان الكرم والضيافة في المجتمع السعودي، وإن كانت أطباق الحلويات التي تتفنن نساء في صنعها، احتلت مكانة التمر عندهن، إلا أنه يبقى متبوئاً صدارة لا يختلف عليها اثنان. بين التمر والمجتمع السعودي حبال من الود لا تنقطع على مر السنين، فعلى رغم التطور في العادات الغذائية التي فرضتها الحياة العصرية، إلا أن علاقة السعوديين بالتمر وثيقة، إذ يُعد من المحاصيل الزراعية التي يعتمدون عليها في غذائهم اليومي، مع القهوة العربية، ومكوناً رئيساً في بعض الأكلات الشعبية، فضلاً عن الحلويات. ونقل موقع جامعة أم القرى الإلكتروني عن تقرير أصدرته وزارة الزراعة، أنه «تنتج السعودية 568 ألف طن سنوياً من التمر يمثل 17,6 في المئة من الإنتاج العالمي الذي يبلغ 3,219 مليون طن سنوياً، فيما تحتل منطقة الرياض المرتبة الأولى سعودياً باحتوائها على 4,2 مليون نخلة بنسبة 23 في المئة، تليها المنطقة الشرقية ثم بيشة، والقصيم والمدينة المنورة». وأضاف الموقع: «يرى التقرير أن غالبية مصانع التمور توجد في المدينة المنورة، إذ تنتج نحو 10 آلاف طن سنوياً، ثم الرياض، وتتوزّع بقية المصانع بين المنطقة الشرقية والقصيم». ووفق موقع «ويكيبيديا»، الموسوعة الحرة، يستهلك السعوديون «معظم إنتاجهم من التمور الذي يعادل مليون طن سنوياً، فيما يستهلكون في شهر رمضان 40 في المئة من الإنتاج المحلي». وينطلق موسم التمور منتصف آب (أغسطس) من كل عام في احتفالية للحصاد، كما تعقد في أسواق بيع التمور صفقات شراء تقدّر بالملايين في موسم «صرام النخيل». وتشتهر منطقة نجد بأنواع من التمور أهمها السكري والخلاص، بينما تتميز المدينة المنورة بتمر «العجوة» الذي ورد فيه حديث نبوي «من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر». وعن التمور قاطبة ورد حديث نبوي آخر «بيت لا تمر فيه جياع أهله». وفي هذا السياق، كشف الدكتور عبدالله الحمدان، المشرف على كرسي تقنيات التمور وتصنيعها أستاذ هندسة التصنيع الغذائي في جامعة الملك سعود، أن صناعة التمور في السعودية بدأت عام 1948 في المدينة المنورة، مشيراً إلى أن تمور العجوة تحتوي على نسبة كبيرة من المعادن والحديد مقارنة بغيرها من التمور وفق الأبحاث العلمية، مؤكداً أن التمور منجم من الطاقة إذ إنها تعتبر من أكثر المنتجات التي تحتوي على السكريات بنسبة تتراوح بين 60 و80 في المئة، فضلاً عن المحتوى الرطوبي وهو الماء، إضافة إلى المكونات الأخرى من البروتين والفيتامينات والكالسيوم والمعادن. ولفت الحمدان إلى أن تفضيل صنف ونوع عن آخر يعتمد على أنماط سلوكية للبشر، وهو ما ثبت من خلال استقصاء أجري أخيراً عن بعض الأنواع المفضلة للتصدير إلى خارج المملكة، وأظهر أن «أصحاب البشرة البيضاء كما في أوروبا وتركيا يفضلون التمور الداكنة، والعكس صحيح». وعزا الحمدان في اتصال مع «الحـــياة» انتشــــار صنف من التمور فــــي منطقة معينة مثل «السكري» في السعـــودية على رغم أنها تحتوي على 450 صنفاً، وكما في تونس الــذي تشتــهر بـ «دقلة نور»، إلى درجة العناية والاهتمام بالمنتج ما يجعله متداولاً، ومتصدراً لدى المستهلك، موضحاً أن التصنيع لا يقلل من جودة المنتج ما لم يخزّن بطريقة سيئة.
مشاركة :