تحت عنوان، «كوب28.. رسالة الإمارات لإنقاذ الكوكب»، تنطلق اليوم الخميس في أبوظبي فعاليات منتدى الاتحاد الثامن عشر الذي ينعقد سنوياً منذ عام 2006 بمناسبة ذكرى صدور صحيفة «الاتحاد». وخصصت «الاتحاد» النسخة الثامنة عشرة من المنتدى لتسليط الضوء على مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» الذي ينعقد في الإمارات بمدينة «إكسبو دبي» خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر، وذلك لمواكبة عام الاستدامة واستعدادات الدولة لاستضافة «مؤتمر الأطراف». ويناقش المنتدى، بحضور نخبة من الباحثين والمفكرين، محاور رئيسة عن مواجهة التحدي المناخي برؤى إماراتية، وريادة الإمارات في الطاقة المتجددة والعمل المناخي، ودور مبادرات حماية البيئة في تعزيز الوعي المناخي، وتبحث محاور المنتدى أدوات إنقاذ الدول النامية من الخطر المناخي. ويسلط المشاركون الضوء على أسس التعاون الدولي لجَسْر الفجوة بين الشمال والجنوب. وتخصص جلسات المنتدى أوراق عمل عن مواجهة التحدي المناخي بالتنمية المستدامة، ودور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز العمل المناخي. الاقتصاد الأخضر وتتضمن فعاليات المنتدى ورقة عن الاقتصاد الأخضر ودوره في كبح الخطر المناخي عبر الاستثمار في قطاعات جديدة، ويبحث في قدرة الاقتصاد الدائري على تسريع الحياد المناخي. ويتطرق المشاركون إلى استضافة مؤتمر الأطراف باعتبارها تتويجاً لمبادرات الإمارات في الاستدامة والحياد المناخي. ويناقش المشاركون دور القيادات الدينية في حفز الوعي المناخي. ويناقش المنتدى جهود الإمارات في مجالات الاستدامة، خاصة ما يتعلق بالطاقة المتجددة، في دولة الإمارات الآن أكبر عدد من مشروعات الطاقة النظيفة في العالم قياساً إلى المساحة وعدد السكان، 12 مشروعاً كبيراً، بخلاف مشاريع متفاوتة أكثر عدداً. ولهذا وصل حجم إنتاجها من هذه الطاقة حتى عام 2022 إلى أكثر من سبعة آلاف ميجاواط. قضية حيوية للأسرة الدولية أكد الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن استضافة «كوب 28» تأتي كحلقة منطقية في سلسلة الإنجازات الرائدة لسياسة الإمارات ليس فقط في القضايا التي تتصل بالمصالح الوطنية المباشرة لدولة الإمارات وإنما بالقضايا الحيوية للأسرة الدولية ككل. وأشاد يوسف أحمد بالدور الحصري الرائد للإمارات في السعي نحو تجسيد قيم الأخوة الإنسانية على أرض الواقع بمبادرتها المتعلقة بوثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في 2019 ورعايتها لهذه الوثيقة، وأضاف: هاهي الإمارات ترتقي قمة جديدة في دورها الدولي باستضافتها مؤتمر كوب 28 الذي يجسد سعي الأسرة الدولية لحماية البيئة من المخاطر التي تهددها، وهو السعي الذي حققت فيه الإمارات إنجازات رائدة من خلال دورها الرائد في نشر مبادرات الاستدامة، والقيام بدور رائد فيها، كما تجسده رؤية 2030 والخطوات التي تم اتخاذها لتعزيز مفهوم الاستدامة في المجالات كافة، وإرساء بنية تحتية متكاملة لتحقيق التلازم بين التنمية وسلامة البيئة. قدرات متميزة وأكد يوسف ثقته في قدرة الإمارات على تنظيم «كوب28»، وأن جهودها ستُكَلل بكل النجاح امتداداً لسجلها في تحمل مسؤولياتها الدولية وتوظيف قدراتها المتميزة مادياً وبشرياً في خدمة الأهداف النبيلة للأسرة الدولية، ويمثل إضافة جديدة للعطاء العربي في المجال الدولي في واحد من أهم وأخطر القضايا المتعلقة بمستقبل البشرية. تطور تقني ولفت وحيد عبد المجيد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الانتباه إلى دور التطور التقني في مكافحة التغير المناخي، واستنتج أنه مثلما كان التطور التقني سبباً أساسياً في تغير المناخ منذ أواخر القرن الثاني عشر، فهو يؤدي دوراً رئيساً أيضاً في مكافحته. وأوضح عبدالمجيد، أن مقدمات التغير الملموس في المناخ بدأت مع استخدام الآلات الأولى التي كانت تعمل بالبخار خلال الثورة الصناعية الأولى. فقد اقترنت تلك الثورة بنهضة علمية قادت إلى تطور تقني يتسارع الآن في صورة قفزات تُغيَّر وجه الحياة كل بضع سنوات. كفاءة استخدام الطاقة واستنتج عبدالمجيد، أننا أمام تغيير إيجابي كبير، يقابله تغيير سلبي، ترتب على التطور التقني الذي يُوَّفر الآن أدوات جديدة للحد من التغير المناخي الذي كان التطور التقني سبباً فيه. وأشار عبدالمجيد إلى أن التطور التقني يُسهم الآن في زيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتطوير أنواع حديثة من الطاقة النظيفة والمُتجدَّدة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، واحتجاز الكربون وتخزينه بطرق آمنة، أو امتصاصه وعزله، وإيجاد سبل لاستدامة الطاقة، منها على سبيل المثال مزيج من الوقود الأحفوري وأنواع الطاقة الجديدة. مدن مرنة وأكد وحيد عبدالمجيد أن التطور التقني يساعد في بناء مدن مرنة منخفضة الانبعاثات الكربونية، على نحو سيؤدي عند التوسع فيه إلى نقلة نوعية في مكافحة التغير المناخي لأن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون اليوم في مدن ومراكز حضرية يُتوقع أن يزداد الضغط عليها. وسيكون الباب مفتوحاً، حسب عبدالمجيد، لتبادل التجارب بشأن التطور التقني في مجال الطاقة خلال «كوب 28» في دولة الإمارات صاحبة الخبرة الكبيرة فيه. كوارث تعصف بالعمران من جانبه، استنتج الكاتب والمفكر العراقي رشيد الخيون أن أول المعتمدين والمرتبطين بالمناخ وتحدياته هو العمران، فالعواصف الجارفة، والجفاف المميت، أو الفيضانات الطاغية، والزلازل المدمرة، لا تسمح بالعمران، وتهدم ما تم عمرانه، ليس عمران الحيطان والبروج فحسب، إنما عمران الإنسان قبلها. وأكد الخيون وبما أن دولة الإمارات العربية المتحدة، تأتي في مقدمة البلدان التي تُعمر الأرض والإنسان، وبزمن قياسي، حولت الماء الأجاج والرمل إلى حواضر، وشيدت ما لم تشيده سواها من دول العالم، فهي الأولى بمراقبة المناخ، من احتباس مناخي، وشحةٍ بالأوكسجين والماء، والإمارات أيضاً هي الأولى بمحاولات جمع وحشد الإمكانيات الكونية لمواجهة الكوارث المناخية، التي لم تبق ولا تذر، والشواهد لا تعد ولا تحصى على اندثار مدن بكامل عمرانها من على وجه الأرض، عندما زحف عليها البحر بإعصار تركها هباء، ناهيك عن تراكم التلوث المفسد للحياة. أخبار ذات صلة الإمارات: استهداف المستشفى المعمداني لا يمكن تبريره الإمارات شريك فاعل ومؤثر في صناعة القرارات الأممية التاريخية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة كبح جنون المناخ وتوصل الخيون إلى استنتاج مفاده أن أهمية مؤتمر المناخ «كوب28» الذي سينعقد يوم 30 نوفمبر المقبل في الإمارات، تكمن في بذل الجهود للسيطرة على ما يمكن وصفه بـ «الانقلابات المناخية»، لصالح الإنسان الذي يعيش مترقباً بين عطش، حيث شحة الماء الذي لا حياة من دونه، وغرق في فيضانات، وجوع كافر، فالعقل البشري قادر على درء العطش والغرق والجوع، إذا توجه لذلك. ولدى الخيون قناعة بأن استقرار المناخ الطبيعي واستدامة العمران البشري يعتمدان على السياسة، فإما التوجه للحروب وخلق أسباب الاندثار، أو تسخير الجهود إلى العمران بالسيطرة على جنون وجموح المناخ. منتدى سنوي دأبت صحيفة «الاتحاد» منذ 17 عاماً على الاحتفاء بذكرى صدورها من خلال منتدى سنوي تسلط فيه الضوء على قضية راهنة مهمة، تحشد له كوكبة من كتابها ومفكريها. وتناول المنتدى في السنوات السابقة قضايا تحظى باهتمام كبير محلياً وإقليمياً. التغير المناخي بعيون فلسفية أشار السيد ولد أباه، الكاتب والأكاديمي الموريتاني، إلى أنه في عام 1979 أصدر الفيلسوف الألماني «هانس يوناس» كتابه: «مبدأ المسؤولية»، محذراً فيه من مصير مدمر للبشرية ناتج عن استغلالها العدواني للطبيعة الذي قد ينجم عنه اختفاء النوع الإنساني بكامله. وأضاف ولد أباه أن «يوناس» كان قد أسس في كتابه نهج ما سمي بأخلاقيات البيئة، وهي نمط من التفكير الجديد يعيد إلى عالم الأحياء وحدته بإعادة دمج الإنسان في الطبيعة، والمطالبة بمقاربة جديدة للتعامل معها. ما نلمسه هنا القطيعة مع التصور الاستغلالي العدواني للطبيعة من حيث هي مخزون طاقة وقوة، وهو التصور الذي تبنته العلوم التجريبية المعاصرة، وبلوره الفيلسوف الفرنسي «ديكارت» في مشروعه لبناء علم يقيني يسمح بتملك الطبيعة والسيطرة عليها. وأضاف ولد أباه: «إنه مع الثورة التقنية الجديدة وتوسع الحضارة الصناعية، بدأت تظهر للجميع مخاطر تلوث البيئة والاحتباس الحراري والتغير المناخي». سياسات جماعية ملزمة في تحليله لهذه الظواهر، بين المهندس الفيلسوف «بول فريليو» أن العالم يعيش راهناً الآثار السليية لتسارع الحركية الزمنية إلى حد أن الأرض أصبحت قاصرة عن استيعاب ديناميكية التقدم والتاريخ، بما ينتج عنه خطر الحادث الكوني الشامل الذي يمكن أن يعطل الوجود البشري، ذلك ما أدركته المجموعة الدولية عندما حولت التحدي المناخي إلى أحد أبرز الأجندة الاستراتيجية العالمية. سياسات ملزمة الوعي المناخي بالخطر لم يترجم إلا نادراً في سياسات جماعية ملزمة. واستنتج ولد أباه أن العودة إلى الأخلاقيات البيئية، اليوم واجب كوني، غرضه هو التعامل مع الطبيعة بأسلوب مغاير يحفظ الإنسان من مخاطر الدمار والضياع.
مشاركة :