باريس - وصلت طلائع الجنود الفرنسيين الذين غادروا قواعدهم في النيجر في قافلة برية متوجهين إلى تشاد، "بلا أي حادث" إلى نجامينا حيث مروا في مناطق ينشط فيها الجهاديون، في بداية عملية معقدة اعتبرت خسارة موجعة للإليزيه ويتوقع أن تُستكمل بحلول نهاية العام. وأوضح المتحدث باسم الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيار جودييير أن هذه القافلة غادرت النيجر "بأمان وبالتنسيق مع القوات النيجيرية". وقد "وصلت دون أي حادث يذكر" إلى نجامينا عاصمة تشاد المجاورة، بعد عشرة أيام من السفر. وأضاف أنه سيتم تنظيم رحلات جوية من تشاد إلى فرنسا "في الأيام المقبلة". وتميزت العلاقات بين فرنسا والنيجر منذ 26 يوليو/تموز بتوتر شديد. فقد ألغى الجيش بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني اتفاقات التعاون الدفاعي بين باريس ونيامي، بزعم أن القوات الفرنسية موجودة بشكل غير قانوني" في النيجر". وبعد طرده من النيجر، اضطر الجيش الفرنسي إلى نقل معداته براً إلى تشاد ثم الكاميرون، قبل إعادتها إلى فرنسا، في رحلة تمتد ثلاثة آلاف كيلومتر يمر خلالها في مناطق معادية تضم جماعات جهادية. وكان لدى فرنسا 1500 جندي في النيجر، الذي تحول لمركز رئيسي في انتشارها الأمني بمنطقة الساحل بعد مغادرتها مالي في 2022. وتتمركز في نجامينا قيادة العمليات الفرنسية في منطقة الساحل ونحو ألف جندي فرنسي. وأفاد العقيد جودييير بأنه تم إفراغ نصف مواقع القواعد الأمامية في ولام وأيورو (شمال غرب النيجر)، فيما يسمى منطقة "الحدود الثلاث" مع بوركينا فاسو ومالي. وقال مصدر رسمي "سنباشر عملية الانسحاب هذ الأسبوع بشكل منتظم وآمن، بالتعاون مع النيجيريين"، مستندا في ذلك على "الانتشار العسكري الشامل" بمنطقة الساحل "والذي يتمتع بقدرات استخباراتية وقوات تدخل برية معززة" بدعم عسكري إضافي ينطلق من فرنسا "في حال الضرورة". وبعد وصولها إلى نيامي، غادرت القافلة باتجاه الحدود التشادية. وأكدت نجامينا في بيان "الموافقة على تأمين ممر من أراضيها لعودة القوات الفرنسية إلى فرنسا". وقال بيان لرئيس الأركان التشادي الجنرال أبكر عبد الكريم داود إن "القوات التشادية ستؤمن الحراسة لهذه القوافل من الحدود النيجرية إلى نجامينا وصولا إلى المطار وإلى الحدود الكاميرونية وصولا إلى ميناء دوالا". وقال مصدر عسكري فرنسي إن الجماعات الجهادية متواجدة بشكل كبير في منطقة "الحدود الثلاث"، لكن "مستوى التهديد الأمني منخفض على الطريق" من نيامي إلى نجامينا. وبدأ الوجود الفرنسي في منطقة الساحل يتراجع منذ 2020. وأنهت انقلابات في مالي وبوركينا فاسو وأخيراً في النيجر قوة برخان المناهضة للجهاديين المنتشرة منذ 2014 في مالي، وبلغ عديدها 5500 جندي منتشرين في منطقة الساحل. وتؤجج برخان مشاعر معادية لفرنسا لدى جزء من الرأي العام الإفريقي، ما يزيد من خطر حصول تظاهرات على طول مسار القوافل. لكن العلاقات بين فرنسا وتشاد ما زالت تتسم بالهدوء. والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، في قصر الإليزيه الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، وناقشا "كافة القضايا الإقليمية فضلا عن إعادة مواردنا العسكرية إلى فرنسا"، بحسب الرئاسة الفرنسية. ولم يتمكن مراسلو وكالة فرانس برس من الاقتراب من القاعدة الفرنسية في نجامينا، بسبب حواجز أقامها الجيش التشادي منذ فترة طويلة. وستشهد الأسابيع المقبلة استكمال انسحاب جميع القوات الفرنسية من النيجر، ويشمل الانسحاب النقل البري ثم البحري لعدد معين من المعدات الثقيلة عبر دولة ثالثة. وينطوي كل خيار على مناقشات مع السلطات المعنية. وقال المتحدث باسم الجيوش الفرنسية "عندما نتحدث عن انسحاب بتنظيم وأمن وتعاون، فإن كل هذه الكلمات مهمة". ويُعد ميناء كوتونو مثالياً لاستخدامه في هذا الإطار، لكن الحدود بين النيجر وبنين المعارضة للانقلابيين في النيجر، ما زالت مغلقة. وأضاف المتحدث باسم الجيوش الفرنسية أن دوالا في الكاميرون "تعتبر أحد الخيارات التي يمكن النظر فيها" لكنها ليست الخيار الوحيد. وقال "من المحتمل جدًا نقل معدات ثقيلة بقوارب".
مشاركة :