الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - دعا قانونيون إلى الاستعداد الكامل للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي والمشكلات التي قد يفرزها، من خلال محامين مختصين في المجال، مشددين على ضرورة مواكبة التخصصية في القانون انسجاماً مع خطط الدولة الطموحة في هذا المجال. واتفقوا على أن وجود نخبة من خبراء مختصين في قضايا الذكاء الاصطناعي بمختلف أنواعها، سيعزز من فهم التحديات الأخلاقية والقانونية له والتعامل مع القضايا المرتبطة به، من خلال تحديد ضوابط وتطوير قوانين تحكم هذا المجال. وتفصيلاً، أكد محامٍ ومحكم دولي، الدكتور عبدالله آل ناصر، أن التحديات الأخلاقية والقانونية المتنامية مع التطور التكنولوجي، تبرز الحاجة الملحة إلى وجود قانونيين مختصين في الذكاء الاصطناعي، لاسيما أن دبي تسير وفق نسق متصاعد نحو تعزيز مكانتها شريكاً رئيساً في صياغة المستقبل من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي بمخرجاته وأدواته المتعددة وبإمكاناته اللامحدودة وما تمثله من حقبة جديدة في مسيرة التطور البشري، وتأطير هذا التوجه ضمن حزمة تشريعات برزت بوادرها في القانون رقم 4 لسنة 2022 بشأن تنظيم الأصول الافتراضية وبالقانون رقم 9 لسنة 2022 بشأن تنظيم تقديم الخدمات الرقمية، ودعم الخطط الاستراتيجية لإمارة دبي نحو التحوّل الرّقمي، وتعزيز التوجُّهات العامة وتنفيذ السياسات الحكومية الرّامية إلى رقمنة الحياة في دبي. وأضاف آل ناصر لـ«الإمارات اليوم»، أن القانون جاء منسجماً مع متطلبات المرحلة الراهنة، وما تستدعيه من ضرورة تعزيز الثقة بالخدمات الرقمية بكل أنواعها في الإمارة، وتبسيط إجراءات الحصول عليها في أي مكان وفي أي وقت، مع تشجيع القطاعين العام والخاص على تنفيذ الخطط والبرامج والمبادرات الرّامية إلى رقمنة الحياة في الإمارة، مستندين في ذلك إلى البيئة التكنولوجية الآمنة في الإمارة، وإلى التوجهات العامة في الدولة نحو مستقبل رقمي واعد، يلعب فيه الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تحقيق هذا التحول. وشدد على الدور الحاسم للخبراء القانونيين المختصين في مجال الذكاء الاصطناعي. وقال آل ناصر، إن الإمارات تسعى إلى ترسيخ موقعها مركزاً رئيساً للاقتصاد الرقمي لاسيما بعدما حصدت الدرجة المثالية (10 نقاط من أصل 10) على مقياس السياسات الضريبية المُتعلقة بالعملات المشفرة والخدمات ذات الصلة، مشيراً إلى أهمية تبني الحكومات والمؤسسات المالية أحدث حلول وابتكارات التعاملات الرقمية ومواكبة نمو الطلب على منتجات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية وتطبيقات الحكومة الذكية. وأشار إلى أن هذه الإنجازات تتطلب ضرورة مواكبة التخصصية في القانون لخطط دبي الطموحة نحو التحول إلى المدينة الأولى عالمياً في توظيف الخدمات الرقمية بكل أشكالها، لافتاً إلى أن مجموعته كانت من الجهات السبّاقة التي أدركت تلك الضرورة، فأتاحت في عام 2021 خدمة الدفع بالعملات الرقمية للمتعاملين، وتطلق الآن بالتزامن مع مؤتمر جيتكس إدارة متخصصة بشكل كامل في كل ما يتعلق بالنواحي القانونية الخاصة بتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي، بما تشمله من عقود ذكية، واستشارات في العالم الافتراضي أو الميتافيرس، وتقاضي وتسهيل معاملات الأصول الافتراضية والعملات المشفرة بشكل قانوني وغيرها. من جهته، أكد مختص وباحث في مجال القانون الدولي العام، خالد ناصر المازمي، أن التغيرات الجذرية التي شهدها العالم أدت إلى ظهور العديد من التطورات التكنولوجية في مختلف مناحي الحياة، ومن ثم أصبح اهتمام الدول منصباً على إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في أغلب علاقاتها وتعاملاتها المدنية منها والدولية، بالإضافة إلى الدعوة لحوارات ونقاشات دولية حول المبادئ الأخلاقية الدولية التي ترافق هذا التطور التكنولوجي الهائل، وأمام هذا الوضع تضافرت الجهود الدولية لإيجاد منظومة قانونية تهدف إلى إحاطة استخدامات نظم الذكاء الاصطناعي بحماية خاصة بموجب اتفاقيات دولية ذات صلة بما يسهم في التصدي لتحديات الآثار المترتبة عن استخدامات الذكاء الاصطناعي على جميع المستويات، ففي عام 2015 قامت منظمة العمل الدولية ببدء سلسلة من الاجتماعات والحوارات الدولية حول تلك التقنيات ومدى إيجابياتها وسلبياتها وما هي الحدود التي تقف عندها. وأوضح أن دولة الإمارات حرصت على المضي قدماً نحو تعزيز ملف الذكاء الاصطناعي لمواصلة التطورات التي يشهدها العالم في ظل الثورة الصناعية الرابعة، فقد استحدثت منصباً وزارياً بمسمى «وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد»، بالإضافة إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، ولعل من أبرز التجارب التي تم تبنيها في مجال التشريعات هو (مختبر التشريعات)، الذي أطلق بالشراكة مع مؤسسة دبي للمستقبل ويعمل بشكل وثيق مع المشرعين من السلطات المحلية والاتحادية لتطوير التشريعات المتعلقة بتطبيقات التقنيات الناشئة بما يتماشى مع خطة الإمارات المئوية 2071. ولفت إلى أن توظيف التقنيات في بعض المجالات القانونية يسهم بشكل كبير في تسريع العمليات والإجراءات الفنية؛ منها صياغة القرارات الإدارية والعقود وتقديم الاستشارات والتشريعات وبعض الدراسات القانونية المقارنة من خلال توفير الوقت والجهد على الباحث في الاطلاع على المراجع والممارسات الدولية ذات الصلة. وذكر أن تلك التقنيات أسهمت في تسريع إجراءات التقاضي من خلال استخدام التطبيقات التي تنجز جميع المعاملات بسرعة ودقة عاليتين قد تختصر مدد الدعاوى التي ترفع أمام المحاكم، ولكن بلا شك قد تكون هناك بعض التحديات في القيام بمهام القاضي الذي تتطلب مهمته إلى جانب تطبيق القوانين على الوقائع أن يستخدم القناعة الوجدانية والسلطة التقديرية في بعض المسائل الشائكة، وهذا ما يميز الإنسان عن الذكاء الاصطناعي الذي قد يكون منعدماً من ناحية التفكير المنطقي والوجداني السليم. وشدد على ضرورة قيد تلك التقنيات بضوابط واشتراطات تضمن تحقيق الغاية المثلى من توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال القانون. بدوره، قال المحامي والمستشار القانوني محمد النجار، إن قوانين الذكاء الاصطناعي في الدولة تمثل إطاراً تنظيمياً مهماً لضمان استخدام آمن ومسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وتهدف هذه القوانين إلى تعزيز الابتكار والتنمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وضمان حماية حقوق المستهلكين والمواطنين. وأضاف أن هناك جوانب مهمة لقوانين الذكاء الاصطناعي في الإمارات، تعزز تنظيم ورقابة تقنياته في مختلف القطاعات، وتحدد الاشتراطات لاستخدام الذكاء الاصطناعي بأمان وأخلاقية، مشيراً إلى قوانين حماية البيانات التي تؤكد ضرورة حماية المعلومات الشخصية والسرية في تطبيقات وخدمات تستخدم الذكاء الاصطناعي. وذكر النجار، أن هذه القوانين الكثيرة والحيوية تحتاج إلى فهم أعمق لدى العاملين في الدولة، ما يتطلب من موظفين استيعاب هذه المستجدات وشرحها واستيعاب الناس لها، لأن فهم وإدراك هؤلاء الموظفين والمسؤولين لهذه القوانين وغاياتها يسهم في توعية الجمهور من خلال نقل هذه الثقافة إليهم بما فيها من إيجابيات وسلبيات حول الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن هذه القوانين تعكس التزام الإمارات بالتقدم التكنولوجي وتأمين بيئة آمنة لتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، كما تسهم هذه الإطارات التنظيمية في بناء ثقة المجتمع والأعمال في هذا المجال، وتعزز مكانة الإمارات مركزاً رائداً للابتكار وتطوير التقنيات الحديثة. نقلة نوعية في دبي أشاد المحكم الدولي والمحامي، الدكتور أجمل الحسين، بالنقلة النوعية التي تشهدها دبي في ما يتعلق بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، مشيراً إلى أن هذا التطور كان الدافع الرئيس لاتخاذه قراراً بنقل أعماله إلى دبي علاوة على وجود قوانين ضابطة. وأكد أهمية تشجيع التوجه نحو التخصص القانوني في مجالات الذكاء الاصطناعي المتعددة، وإثراء المشهد القانوني عبر تعزيز الرقمنة القانونية، ورفده بنخبة من المتخصصين القادرين على دراسة وتحليل التشريعات والسياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتوجيه وتشجيع التطور التكنولوجي بما يتناسب مع متطلبات السوق وضمان حماية المستهلكين والمعلومات الشخصية، وإيجاد الحلول المبتكرة للتحديات الناجمة عن التطورات التكنولوجية المتسارعة. وأكد أن قانون الذكاء الاصطناعي الجديد بدبي خطوة حاسمة نحو تعزيز التطور الرقمي ودعم الابتكار في هذا الميدان الحيوي، وتنظيم الجوانب القانونية لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وفعالة، تحقق مخرجات عظيمة للمجتمع والاقتصاد. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
مشاركة :