الدوحة/القدس - تقود قطر وساطة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس منذ هجومها المباغت على إسرائيل، مستندة إلى علاقاتها الوثيقة بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، بينما جدد الفصيل المسلح اليوم السبت رفضه التفاوض بشأن الأسرى في ظل استمرار الحرب التي تشنها الدولة العبرية على غزة، في وقت تتكثف فيه جهود دبلوماسية دولية لتسوية هذا الملف بما أن الرهائن يحملون جنسيات مختلفة. وقال أسامة حمدان المسؤول في حماس متحدثا من لبنان في مؤتمر صحفي أذاعه التلفزيون اليوم السبت "موقفنا واضح ولا يزال يتعلق بتبادل الأسرى العسكريين ولا يتم الحديث فيه إلا بعد الانتهاء من العدوان على غزة". ويقول مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط في جنيف حسني لعبيدي إن "قطر هي الوسيط الأكثر استيعابا"، مضيفا "إنها تعرف حماس جيدا وهي داعم وفيّ لها"، حيث تموّل الدوحة رواتب موظفي الخدمة المدنية في قطاع غزة الخاضع لسيطرة الحركة. ويعوّل الغرب بشكل متزايد على نفوذ الدولة الخليجية الصغيرة والغنية بالغاز والتي تعد مستثمرا رئيسيا على مستوى العالم في مثل هذه الأوضاع وقد أدت الدوحة دورا حاسما في إفراج إيران الشهر الماضي عن خمسة أميركيين كانت تحتجزهم. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدور "مهم جدا" أدته الإمارة الخليجية في الإفراج عن رهينتين أميركيتين كانت تحتجزهما حماس منذ الهجمات التي شنّتها على إسرائيل في السابع أكتوبر/تشرين الأول، مبديا ثقته بالإفراج عن مزيد من الرهائن. وفي السنوات الأخيرة اضطّلعت مصر بدور الوسيط الرئيسي بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، كما أن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان لا تخفي رغبتها في لعب دور، إلا أن التركيز ينصبّ على دور قطر في إعادة الرهائن بشكل آمن. وتقول إسرائيل إن حماس خطفت 203 أشخاص بينهم أجانب وإسرائيليون وحاملو جنسيتين إسرائيلية وأجنبية في هجماتها المباغتة التي شنّتها على إسرائيل. وليل الجمعة عادت إلى إسرائيل الرهينتان الأميركيتان جوديث تاي رعنان وناتالي شوشانا رعنان، وفق ما أعلنت الحكومة الإسرائيلية بعدما أفرجت حماس عنهما. وفي تعليق أمام مجموعة من الصحافيين قال ماكرون "إنها نتيجة جيدة جدا تم التوصل إليها من خلال المفاوضات التي أدت فيها قطر دورا مهما جدا". وأضاف ماكرون أن فرنسا تريد أن تُنفّذ عمليات مماثلة في "الساعات والأيام" المقبلة لمواصلة "السماح للرهائن، خصوصا رهائننا، بالمغادرة"، متابعا "النقاشات التي نجريها مع جهات مختلفة ومع قطر خصوصا تعطينا الأمل أننا سنتمكن من إيجاد حلول لإخراج أكبر عدد ممكن من الأسرى". ويقول البروفسور في معهد الدراسات السياسية في باريس "سيانس بو" إتيان دينيا الخبير في حالات احتجاز الرهائن إن قطر "متخصصة في الإفراج عن الرهائن"، فبوساطة قطرية تم تحرير ستة مليارات من الأصول الإيرانية المجمدة في مصارف كورية جنوبية مقابل إطلاق سراح خمسة أميركيين كانت تحتجزهم طهران. ويبدو أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن موفد ماكرون إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان وهو مقرّب من الرئيس ويحظى بثقته في القضايا الأمنية كان موجودا في قطر هذا الأسبوع، وفقا لمصادر دبلوماسية. ويقول دينيا إن "قطر تمارس لعبة مزدوجة: فهي تحافظ على علاقاتها مع جماعات إرهابية وبعض الدول الغربية المدينة لها"، بينما يشير لعبيدي إلى أن الجهات الفاعلة المحتملة في هذا الملف "تقتصر على تلك التي تقيم علاقات طويلة الأمد مع حماس وبالتالي الوحيدة المخولة التواصل مع قادتها". لكن في هذه الحال، فإن العدد غير المسبوق للرهائن المحتجزين وجنسياتهم يشير إلى أن الحل لن يكون بعملية واحدة بل ثمرة جهود دبلوماسية مضنية ويقول لعبيدي "لن تكون هناك مفاوضات جماعية"، مشيرا إلى أن كل دولة ستكون "مدعوة للتفاوض على إطلاق سراح رهائنها".
مشاركة :