هاشم الشخص، هذه اللافتة الاستثنائية، وهذا الاسم المشع، الذي يستدعي بحرا زاخر تتلاقى أمواج ماضيه بحاضره، مندفعة نحو مستقبله دون توقف، وهكذا دواليك يتحول الحاضر إلى ماضي، والمستقبل إلى حاضر، ويبقى ذلك العود المعتق بنفس الأصالة والشذى، لا يزيده تقادم الأيام إلا رفعة وشموخا. تتمثل عناصر أي بناء فني في ثلاثة عناصر: ١.الثقافة ٢.التجربة ٣.توافر عناصر الإبداع.(الذائقة الفنية) الثقافة عامة، والشعرية خاصة هي ما يشكل الذائقة ويرفدها. وتخضع طقوس كتابة القصيدة لمدى قوة وحضور هذه العناصر الثلاثة قوة وضعفا. وطقوس كتابة القصيدة عند أبي ياسر جديرة بالقراءة المنضبطة. غالبا من تنبثق القصيدة، وتخرج مكتملة بنَفَس واحد، مع بعض المراجعات الطفيفة التي لا تكاد تذكر. وهذا يدل على اختمار الفكرة وتشكلها، وطي مراحل نموها من النواة حتى الاكتمال في وقت قياسي، قل من يطويه بهذه السرعة، وبهذه الوحدة الموضوعية، والبناء المتقن، الذي لا بنبو فيه جزء على آخر، وبإيقاع موسيقى آسر لا إغواء فيه ولا التواء. هذا عن التشكيل الخارجي للقصيدة. أما عن بنائها الداخلي، فتأتي الصورة واضحة غير مبتذلة، ناصعة غير متكلفة كجزء من عناصر تشكيل المعنى القائم على السردية والتخييل، وبلغة رشيقة جلية. وعند تأمل حياة السيد أبي ياسر تجد أصالة وجود تلك العناصر في بيئته البيتية التربوية، وبيئته الاجتماعية(راجع مقالي في:الجود ساحله). وحينما نتحدث اليوم عن الحراك الأدبي، والثقافي، والاجتماعي، والديني فلا يمكن تجاوز هذا الاسم، الذي جرى ماء عطائه فيه فاهتزت جدوله ونمت (وانبتت من زوج بهيج) . ربما بعضنا يتموقع في واحد من هذه الحقول، بل في فرع من فروع حقل، ويمتلئ بذلك حيوية وشموخا، أما السيد هاشم فكلما تراكمت إنجازاته وعطاءاته (دنا فتدلى) تواضعاً. إن تلك التجربة الثقافية المعمقة والمكثفة التي نمت منذ طفولته، فصباه، فمراهقته، فشبابه، فكهولته تتجسد بعفوية المطمئن الواثق. فقد ورث الثقافة والأدب والجود والكرم من أبيه، فنافس أباه في كرمه وجوده، ونقائه، وتجاوزه في كثافة شعره، وأدبه. وتلك الهزة العاطفية التي تنتابه عند أدنى تأمل في شخصية من يقصد الكتابة فيه من الطاهرين عليهم السلام كفيلة بإشعال قريحته بأسرع من البرق، فتنفجر كالنبع من تلك الذات الممتلئة ولا يفيض إلا الممتلئ. ربما تمر على بعضنا بعض البوراق الخاطفة فلا نعيرها بالا، ولكنها عند أبي ياسر بداية حكاية القصيدة، أو بادرة لم تخطر لنا على بال. وهكذا هو الإنسان إذا رقَّ وشفَّ. وإضافة إلى ما أشرت إليه من سمات يمتاز به شعر السيد هاشم في مقالين سابقين، نلحظ الآتي: تحول التجربة الشعرية لديه إلى مَلكة، تستجيب له طائعة أنى أراد، وعند أدنى إشارة. الإلمام الكافي بالشخصية، والموضوع الذي يكتب فيه، إلماما يبرز فيه امتيازاته، وخصوصيته. مواكبة المتغيرات والأحداث والمنعطفات المحورية، وتأصيلها التأريخي في إبداعه. نزعة الاعتزاز بانتمائه الأيدلوجي The post السيد هاشم الشخص تلك اللافتة الاستثنائية appeared first on صحيفة جواثا الإلكترونية .
مشاركة :