وسط إجراءات مشددة تسود دولاً غربية عِدة، على إثر عملية طعن وقعت في فرنسا وإطلاق نار شهدته بلجيكا خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، كثفت الأوساط الأمنية والاستخباراتية في هذه البُلدان، تحذيراتها من تزايد مخاطر تعرض الغرب لهجمات إرهابية فردية أو منظمة، خلال الفترة المقبلة. واعتبر خبراء أمنيون، أن الهجوميْن الأخيريْن اللذين وُصِفا بأنهما فرديان، قد يشكلان نذيراً بتجدد خطر الجماعات الإرهابية على المصالح الغربية، وذلك بعد سنوات من الهدوء النسبي، الذي أعقب موجة اعتداءات، اجتاحت أوروبا تحديداً، بين عاميْ 2014 و2017. ولكن تراجع وتيرة الهجمات الإرهابية في الغرب خلال تلك الفترة، وانحسار الاهتمام الإعلامي هناك جزئياً بملف الإرهاب بوجه عام، لم يعنِ اختفاء ذلك التهديد بشكل كامل. فالسنوات الأخيرة شهدت، كما قال خبراء ومحللون لصحيفة «الجارديان» البريطانية، إحباط العشرات من المخططات الدموية، واعتقال مئات من الضالعين فيها. ومن بين هذه المؤامرات، مخطط وضعته خلية تابعة لـ «داعش»، لمهاجمة قواعد الجيش الأميركي وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ألمانيا عام 2020، فضلاً عن محاولات لتنفيذ اعتداءات دموية في السويد في مطلع أبريل الماضي، إضافة إلى تفكيك السلطات في عدد من الدول الأوروبية، شبكات تعمل لصالح التنظيمات الإرهابية، على صعيديْ التجنيد والتمويل. وأشار الخبراء، إلى أن عملية الطعن التي أودت بحياة مدرس في شمال فرنسا، وكذلك إطلاق النار الذي أدى لمقتل سويدييْن في بروكسل خلال أكتوبر الجاري، يعكسان تحقق التوقعات المتشائمة، التي أعرب عنها مسؤولون غربيون قبل شهور، وتحذيراتهم من مغبة استمرار الخطر الذي تمثله تنظيمات إرهابية مثل «داعش»، والمتعاطفون معها كذلك. ففي مايو الماضي، حذرت أجهزة الأمن الهولندية، من تزايد التهديد الذي يمثله «داعش» على أوروبا. وفي الشهر نفسه، أكد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أن خطر الإرهاب المتشدد آخذ في التصاعد من جديد، مشيراً إلى أن بلاده، والدول المجاورة لها، لا تزال في دائرة الاستهداف. وعقب الاعتداءين الأخيريْن، أخلت السلطات الفرنسية مواقع سياحية مهمة من بينها متحف اللوفر، ونشرت سبعة آلاف عنصر أمن إضافي في الشوارع، وذلك في حين شدد رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، على أن بلاده ومصالحها مهددة «بشكل لم يسبق له مثيل في العصر الحديث». وشدد الخبراء الأمنيون، على أن التطورات الأخيرة، ربما ستعيد تسليط الضوء في أوروبا والغرب بوجه عام، على الخطر الإرهابي، بشكل واسع النطاق، للمرة الأولى منذ نحو سبع سنوات. ورغم أن أوساطاً استخباراتية غربية، تستبعد وقوع هجمات كبرى في المستقبل القريب، بالنظر إلى أن التخطيط لمثل هذه العمليات يستغرق شهوراً في المعتاد، فإنها تدعو في الوقت نفسه، لتكثيف الجهود، لإحباط الاعتداءات الفردية، التي ينفذها من يُعرفون إعلامياً، بـ«الذئاب المنفردة».
مشاركة :