لا شيء يشغل سكان أهل غزة في هذا الوقت سوى البقاء على قيد الحياة، فالنيران والصواريخ تحاصرهم من كل اتجاه، وإذا نجوا من الموت فالجوع ينتظرهم.. لا طعام أو ماء أو كهرباء. لم يعد الأمر خافيا على الصحافة العالمية التي بدأ أنين سكان غزة يصل لها مع الوقت، وبعد وصول 37 شاحنة إغاثية عبر معبر رفح المصري شكلت بصيص أمل للغزاويين، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن أحد موظفي الإغاثة في مدينة خان يونس، أن المواطنين والنازحين هناك «مشغولون بمحاولة البقاء على قيد الحياة». في المقابل اصطف الأطفال والنساء والكبار في طوابير طويلة ومرهقة من أجل الحصول على الخبز أو قطرات مياه، رغم أن العالم كله أكد التزامه بإيصال المساعدات للسكان العزل الذين يواجهون صواريخ إسرائيل بلا سلاح وبأمعاء خاوية. معاناة يومية يقول الموظف بالمركز النرويجي للاجئين، يوسف هماش، في رسالة صوتية لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، «إنه سمع عن السماح بعبور المساعدات إلى غزة، لكن من الصعب الحصول على المعلومات بسبب انقطاع الكهرباء ومشاكل شبكة الاتصالات». وأضاف هماش الذي نزح مع أسرته إلى خان يونس من شمالي غزة، بعد تدمير منزله «لا نعرف شيئا عما سيأتي ومتى؟ الناس خارج غزة لديهم معلومات عن الموقف أكثر مما نملك». وفي رسالته إلى الصحيفة الأمريكية، تحدث عن المعاناة اليومية التي يواجهها سكان غزة، للحصول حتى على الخبز، وقال «إنه يستيقظ في الرابعة صباحا من أجل الوقوف لمدة ساعتين في طابور، للحصول على كمية قليلة من الخبز، لأسرة كاملة». يعيش هماش في منزل أحد أقاربه مع زوجته وطفليه وأمه وشقيقاته الثلاثة واثنين من أبناء عمومته، ووصف وضعهم بالقول «الجميع في حالة صدمة، وخصوصا الأطفال». حصار الأمراض بدأت الأسرة في توفير الطعام والشراب خلال الأسبوع الماضي، بعدما انقطعت المياه عن المنزل، وأوضح أن دخول الطعام والمياه والدواء إلى قطاع غزة ربما بداية شيء ما، إلا أنه استطرد سريعا «لكن بكل أمانة، 20 شاحنة بمثابة نقطة في محيط من الاحتياجات التي نحتاجها هنا». بالتواكب، قالت الأمم المتحدة «إن حالات الإصابة بالجديري المائي والجرب والإسهال تتزايد، في ظل الظروف الصحية السيئة التي يعيشها قطاع غزة»، وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «إن أحد أسباب ارتفاع حالات الإصابة هو أن الأشخاص اضطروا إلى الاعتماد على المياه القذرة، بسبب نقص مياه الشرب، ولم يذكر مكتب الأمم المتحدة أي أرقام محددة». وأضاف «إن عدد الحالات سيرتفع، إذا لم يتم إعادة تزويد مرافق المياه والصرف الصحي بسرعة بالكهرباء أو الوقود لاستئناف عملياتها». «وين خليل؟» ومع تزايد معاناة أهل غزة تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للطفل خالد جودة هائما على وجهه يبحث عن أفراد أسرته الذين قضوا جميعا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، بعدما أصبح الناجي الوحيد من أسرته. ظهر الطفل خلال الفيديو يفتش عن أحبابه الممددين أرضا في أكفان، وهو يحاول التعرف عليهم، متسائلا عن «وين خليل»، وبعد أن عثر عليه قبله باكيا على جبينه، في مشهد يخطف الأنفاس للوداع الأخير. ويعيش خالد والكثير من أطفال غزة الباقين على قيد الحياة أوضاعا مأساوية، فمن نجا من القصف غير قادر على إيجاد رعاية طبية مناسبة، لاسيما مع المستشفيات والقطاع الطبي الذي يعيش جحيما لا مثيل له، حيث تقترب المستشفيات في القطاع من الانهيار في ظل الحصار الإسرائيلي الذي أدى إلى قطع الكهرباء وإيصال المواد الغذائية وغيرها من الضروريات إلى القطاع، بالإضافة إلى الافتقار للمياه النظيفة ونفاد المواد الأساسية اللازمة لتخفيف الألم ومنع العدوى، والوقود اللازم للمولدات يتضاءل. صراخ مريض ونقلت وكالة أنباء «أسوشيتيد برس» الأمريكية عن جراح العظام نضال عابد، أن الشيء الوحيد الأسوأ من صراخ مريض يخضع لعملية جراحية دون تخدير كاف هو الوجوه المرعبة لأولئك الذين ينتظرون دورهم. عندما يشتد القصف الإسرائيلي ويغمر الجرحى مستشفيات مدينة غزة التي يعمل فيها الدكتور نضال فإنه يعالج المرضى أينما استطاع على الأرض، في الممرات، في غرف مكتظة بعشرة مرضى بدلا من اثنين، كذلك يعالج المرضى دون إمدادات طبية كافية، حيث يضطر الأطباء إلى الاكتفاء بكل ما يمكنهم العثور عليه مثل الملابس للضمادات، والخل للمطهر، وإبر الخياطة بدلا للإبر الجراحية. وقال عابد، الذي يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، في مستشفى القدس «إن لديهم نقصا في كل شيء، لافتا إلى أنهم يتعاملون مع عمليات جراحية معقدة للغاية، فيما لا يزال المركز الطبي يعالج مئات المرضى في تحد لأمر الإخلاء الذي أصدره الجيش الإسرائيلي قبل أيام، كما لجأ نحو 10 آلاف فلسطيني شردهم القصف إلى مجمع المستشفى. وأضاف الجراح «إن كل هؤلاء الناس مرعوبون، وأنا أيضا». وتابع «لكن لا توجد طريقة للإخلاء». لا ضمادات طبية ووصف المسؤول في وزارة الصحة بغزة مهدت عباس، الأمر بالكابوس، محذرا من أن الأوضاع ستسوء إذا لم يصل المزيد من المساعدات. وأجبر النقص في الإمدادات الجراحية بعض الموظفين على استخدام إبر الخياطة لخياطة الجروح، والتي قال أحد الأطباء إنها يمكن أن تلحق الضرر بالأنسجة، في حين أجبر النقص في الضمادات الأطباء على لف الملابس حول الحروق الكبيرة، والتي قال «إنها يمكن أن تسبب العدوى». كما أجبر النقص في زراعة العظام الأطباء على استخدام براغي لا تناسب عظام المرضى، فيما لا يوجد ما يكفي من المضادات الحيوية للمرضى الذين يعانون من التهابات بكتيرية رهيبة. وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن 120 مولودا جديدا موضوعين في حاضنات معرضون للخطر بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات، بحسب «فرانس برس». إطفاء الأنوار وتعاني المستشفيات في القطاع نقصا حادا في الوقود والمياه والأدوية، ففي بعض المستشفيات، تم إطفاء الأنوار بالفعل. ففي مستشفى ناصر في مدينة خان يونس الجنوبية هذا الأسبوع، قام الممرضون ومساعدو الجراحين بحمل هواتفهم المحمولة على طاولة العمليات، لتوجيه الجراحين بالمصابيح الكهربائية أثناء العمليات. وفي مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في غزة، تعمل وحدة العناية المركزة بالمولدات، ولكن معظم الأقسام الأخرى بدون كهرباء. ويزداد الوضع المأسوي مع وعود الرئيس الأمريكي جو بايدن بإلتزام الولايات المتحدة بضمان استمرار حصول المدنيين في غزة على الغذاء والماء والرعاية الطبية، وغيرها من المساعدات». ضحايا غزة 5000 +شهيد 50 + %من الأطفال والنساء 15000مصاب 1.3 مليون نازح 600+ معتقل
مشاركة :